السفور والفجور .. فتنة هذا العصر
السفور والفجور .. فتنة هذا العصر
الشيخ: محمد بن ناصر العريني
أيتها الأخت المسلمة كوني على حذر من دعاة
السفور والاختلاط، أنتِ أُم الرجال ومدرسة الأجيال، فكوني شامخة كالجبال،
لا تغتري بحيلهم الشيطانية، فإنها والله ليست في صالحك إنها قضاء على
الحياء، وضياع للأخلاق وتجريد من الفضائل، وأجاد من قال: فلا والله ما في
العيش خيــر ولا الدنيا إذا ذهب الحيـــاء لا تغتري بكثرة المخدوعات
والمغرورات، كوني من المؤمنات الراسخات فنحن في زمان طغت فيه الرذيلة على
الفضيلة في كثير من البلدان واحمدي الله أنك في بلد عرف للمرأة قدرها
وأَعز مكانتها بشريعة الإسلام. تذكري أن العمر قصير مهما طال، ولا بدَّ
يومًا أن تُحملي على أَعناق الرجال، وتلك والله هي النهاية والمآل، وما
بعده أعظم منه. كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يومًا على آلة حدباء محمول ثم
ماذا؟ قبرٌ ظاهره سكون وداخله نعيم، نسأل الله من فضله، أو عذاب- نسأل
الله العافية- ثم بعث ونشور، فآخذ كتابه بيمينه مسرور، أو آخذ بشماله يدعو
بالويل والثبور، نسأل الله الثبات على دينه في الدنيا والآخرة. إن الذين
ينادون بخروج المرأة وسفورها لا يريدون خيرًا للنساء، بدعواتهم هذه،
وإّنما هي أهداف يسعون لتحقيقها وهي نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية،
لتهديم كيان الأُسرة باعتبارها النواة الأساسية في البنية الاجتماعية،
واستعمال المرأة وسيلة لإسقاط الحكومات والدول، فهلا يرعوي هؤلاء الذين
يلهثون وراء تلك الدعوات الباطلة المنابذة للإسلام وشرائعه السمحة ويبثون
سمومهم في عقر دورهم وداخل بلدهم الآمن، نسأل الله لنا ولهم الهداية. لقد
أخفقت المرأة يوم تنازلت عن عرشها ومكانتها العالية التي أوجدها لها
الإسلام، وانحطت في مزالق الردى والهوان يوم لبّت تلك الدعوات الضالة
فسمحت لنفسها باختلاطها بالرجال سافرة مبتذلة في الميادين والأسواق والعمل
والمتجر؛ بل وعلى مدرجات الجامعات في كثير من دول العالم العربي
والإسلامي، فكانت الصلات المريبة والعلاقات المشينة، فخسرت أعظم ما تملكه،
إنّها مصيبة تساورها حتى تموت إن هي عادت إلى رشدها، وأدركت سوء فعلتها.
لقد صرّح عدد من النساء الشهيرات عالميًا في مجال التمثيل والمسرح بعدم
سعادتهن بعد أن ظللن برهة من الزمن يلهثن خلف كل ناعق من دعاة السفور
والاختلاط والنوادي والسينما، وتمردن على دين الله وتعرضن لسخطه، فكوني
أُختي المسلمة على حذر واتّقي الله في نفسك، وخذي العبرة من غيرك حتى لا
تقعي فريسة كما وقعن، لا قدر الله عليك سوءًا. وهنا أُورد باختصار بعضًا
لأقوالهن وقد جربن الشهرة والاختلاط والإباحية المحرمة والخلاعة وعدن
بالخيبة والتعاسة يندبن حظهن، وسوء تصرفهن، ويحذرن بنات جنسهن من الهوة
السحيقة التي منين بها ويطالبن بمنع الاختلاط، والعودة إلى عصر الحجاب
والبيت السعيد، والحياة العائلية الشريفة. قالت الشاعرة المسلمة: وخير
نساء العالمين هي التي تدير شئون البيت أو فيه تعمل إذا بقيت في البيت فهي
أميرةٌ يُوقرها مَن حولها ويبجِّل وإسهامُها للشعب إن قدَّمتْ له رجالاً
أُعِدُّوا للبناء وأُهِّلوا رعتْهم صغارًا فهي كانت أساسَهم تُلقن كلاّ ما
يقولُ ويفعل هذا هو الدور الصحيح والمسئولية الحقة للمرأة، قرار في البيت،
وانشغال بالطاعة، وإعداد للأجيال، وتعاون مع الأزواج في المعاش والمعاد،
فلا مكان لصيحات ودعوات أعداء المرأة لإخراجها من روضتها وإنزالها عن
عرشها، وكشف وجهها بحجة أنها طاقة معطلة ومهانة، والحق أنها دعوات وراءها
ما وراءها من الفتن والشرور، فهل يتنبه الغافلون؟ عجبًا أيسكت ذو الفضيلة
والهدى وأخو المفاسد بالخنــــا يتشـــدّق 1- تقول الكاتبة أرنون: «لأن
يشتغل بناتنا في البيوت خوادم خير وأخف بلاءً من اشتغالهن بالعمل، حيث
تصبح المرأة ملوثة بأدران تذهب برونق حيائها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا
كبلاد المسلمين فيها الحشمة والعفاف والطهارة».
[«فتياتنا بين التغريب والعفاف» د. العمر].
2- تقول صحفية أمريكية زارت كثيرًا من دول العالم: «امنعوا الاختلاط
وقيدوا حرية الفتاة؛ بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية
وانطلاق ومجون أوربا وأمريكا، امنعوا الاختلاط فقد عانينا منه في أمريكا
الكثير، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعًا معقدًا مليئًا بكل صور
الإباحية والخلاعة، وإن ضحايا الاختلاط والحرية يملأون السجون والأرصفة
والبارات والبيوت السرية». اهـ.
3- تقول فابيان عارضة الأزياء المشهورة: «لولا فضل الله عليَّ ورحمته
بي لضاعت حياتي في عالم ينحدر فيه الإنسان ليصبح مجرد حيوان كل همه إشباع
رغباته وغرائزه بلا قيم ولا مبادئ».
4- تقول صحفية فرنسية: «وجدت المرأة العربية المسلمة محترمة ومقدرة
داخل بيتها أكثر من الأوربية، وأعتقد أن الزوجة والأُم تعيشان بسعادة تفوق
سعادتنا، وتقول للمرأة المسلمة ناصحة لها: لا تأخذي من العائلة الأوربية
مثالاً؛ لأن عائلاتها هي أنموذج رديء لا يصلح مثالاً يُحتذى».
5- ممثلة أمريكية تنتحر بعد حياة بائسة وقد كتبت لفتاة ترغب في العمل
في السينما، تقول لها: «احذري المجد، احذري كل من يخدعك بالأضواء، إني
أتعس امرأة، أفضل البيت والحياة العائلية الشريفة على كل شيء، إن السعادة
الحقيقية للمرأة في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة، بل إن الحياة
العائلية هي رمز سعادة المرأة، بل الإنسانية. وتقول: لقد ظلمني كل الناس،
وإن العمل في السينما يجعل من المرأة سلعة رخيصة تافهة مهما نالت من المجد
والشهرة الزائفة، إني أنصح الفتيات بعدم العمل في السينما والتمثيل».
اهـ. هذا قليل من كثير، نسوقه إلى المخدوعات ببريق الشرق أو الغرب
واللاهثات وراء كل ناعق ولو على حساب كرامتهن وحيائهن، وقد سجلها من وصلن
إلى طريق مسدود في حياتهن وأضعن ما يملكْنَه من شرف وسمت وعُدْن يحذِّرن
من مغبة ما وقعن فيه، ولكن بعد ماذا؟ بعد الخزي والعار الذي رضينه لأنفسهن
وحطمن به مستقبلهن. فالله الله يا بنات الإسلام. الحذر الحذر قبل الوقوع
في الخطر. [«اعترافات متأخرة»]. إنّ كل دعوة تُوجه إلى المرأة من أي جهة
كانت لا تتفق مع أحكام هذه الشريعة المطهّرة، لن تعود عليها بالخير، وإن
صيانتها وتوجيهها التوجيه السليم لما يخدمها في دنياها وتحذيرها عن كل ما
يخدش كرامتها ويمس حشمتها أمر محمود. إنّ الالتزام بشرع الله قولاً وعملاً
تمكين في الأرض ونعمٌ تترى، وبركات تتنزّل، كما أن الذنوب والمعاصي سبب
لزوال النعم وحلول النقم، نسأل الله السلام. يقول الله عز وجل: {إِنَّ
اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا
بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]. قال ابن أبي حاتم عن إبراهيم أن الله أوحى
إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن قل لقومك: «إنه ليس من أهل قريةٍ ولا
أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون منها إلى معصية الله إلا حول الله
عنهم ما يحبون إلى ما يكرهون». [تفسير ابن كثير]. يقول سماحة الشيخ محمد
بن صالح العثيمين في خطبته عن أثر المعاصي: «والله إن المعاصي لتؤثِّر في
أمن البلاد وتؤثر في رخائها واقتصادها وتؤثر في قلوب الشعب، إن المعاصي
لتوجب نفور الناس بعضهم من بعض». إن الذي يعتقد أن تطور المجتمعات ورقيها
يحصل بسفور النساء واختلاطهن بالرجال في الأعمال وغيرها وقيادتهن للسيارات
قد جانب الحق والصواب، فالتطور والرقي يتم بالتسليم قولاً وعملاً لأحكام
الإسلام الحنيف الذي أعطى المرأة حقوقها كاملة، وصان عرضها وحماها من
الفتن والشرور وأوضح الطريق السوي لكل من يريد الخير في معاشه ومعاده.
يقول عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: «إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن
نبتغي العز بغيره». [مصنف ابن أبي شيبة (7/113)]. يقول الملك عبد العزيز
رحمه الله وهو يوحد أجزاء هذه البلاد الشاسعة، ويوطد أركانها، ويقضي على
المنكرات فيها بلسانه وسيفه: «نحن لا عز لنا إلا بالإسلام، ولا سلاح لنا
إلا بالتمسك به وإذا حافظنا عليه حافظنا على عزنا وسلاحنا، وإذا أضعناه
ضيعنا أنفسنا وبؤنا بغضب من الله». ولا يزال- ولله الحمد- أبناؤه من بعده
يعلنونها صريحة مدوية في عدد من المناسبات أن لا عز لنا إلا بالإسلام، ولا
صلاح ولا فلاح إلا بالتمسك بهذا الدين عقيدة ومنهاجًا.
والله من وراء القصد.