وقفات مع آيات الصيام (2) (خطبة مقترحة)
وقفات مع آيات الصيام (2) (خطبة مقترحة)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة الخطبة:
-
أيام شعبان تمضي، وأيام وليالي رمضان تقترب؛ ذلك الشهر الحبيب إلى قلوب
المؤمنين، المنتظر بعد فراق إحدى عشر شهرًا، رمضان ذلك الشهر الذي اختصه
الله بعبادة من أعظم العبادات، وهي ركن من أركان الدين؛ ولذا كانت هذه
الوقفات مع آيات الصيام في القرآن، نقف معها على المعاني الإيمانية،
والأحكام الشرعية التي تضمنتها.
قال الله -تعالى-: (أَيَّامًا
مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ
مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ
مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي
أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى
وَالْفُرْقَانِ... )(البقرة:184-185).
1- الوقفة الأولى (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ):
- بيان مقدار الصوم وأنه ليس كل يوم؛ لئلا يشق على النفوس، قال -تعالى-:(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(الحج:78).
- (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ): إشعار بسرعة الانقضاء، والواقع يشهد، وهكذا كل زمان محبب للنفس يمر سريعًا.
- رمضان زائر يأتي كل عام ويفارق سريعًا، قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح".
- العاقل يغتنم الأيام القليلة الكثيرة الخير للآخرة، قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "وخذ من صحتك لمرضك، وخذ من حياتك لموتك".
2- الوقفة الثانية (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ... ):
- (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ... ): تيسير الشريعة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ) (رواه البخاري).
- (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ...): رفع المشقة عن الشيخ الكبير والعجوز، ومن شابههم، وجعل البديل الصدقة.
- (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ... ): كان الصيام على التخيير بعد ما كان ثلاثة أيام من كل شهر.
- مرحلة منسوخة من الصيام:عَنِ
الْبَرَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صلى الله
عليه وسلم- إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإِفْطَارُ،
فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلاَ يَوْمَهُ،
حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ
صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا
أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لاَ، وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ، فَأَطْلُبُ لَكَ.
وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ
امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ. فَلَمَّا
انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صلى
الله عليه وسلم- فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ)(رواه البخاري).
وعن عدي بن حاتم -رضي الله عنه-قال: لَمَّا نَزَلَتْ: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)،قَالَ
لَهُ عَدِىُّ بْنُ حَاتِمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ
وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ عِقَالاً أَبْيَضَ وَعِقَالاً أَسْوَدَ أَعْرِفُ
اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:(إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ)(متفق عليه).
معنى النسخ، وحكمته:
قال الله -تعالى-: (مَا
نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ
مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(البقرة:106).
ومعنى النسخ: إلغاء حكم سابق بحكم لاحق بخطاب متأخر.
مثال: نسخ القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام؛ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) (البقرة:144).
حكمته: مراعاة أحوال المؤمنين من حيث القوة والضعف، والتدرج مع الأحكام.
3- الوقفة الثالثة (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ... ):
- يمدح الله رمضان من بين سائر الشهور بأن اختاره لنزول القرآن(1)، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أُنْزِلَتْ
صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ،
وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَ
الإِنْجِيلُ لِثَلاثَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ
الزَّبُورُ لِثَمَانَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ
الْقُرْآنُ لأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ) (رواه أحمد والطبراني، وحسنه الألباني).
رمضان شهر الفضائل:
1- تفتح فيه أبواب الجنة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ) (متفق عليه).
2- تغلق فيه أبواب النار: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ) (متفق عليه).
3- تعتق فيه الرقاب من النار: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ) (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).
.