التقليل من مخالطة الناس إلا للضرورة
التقليل من مخالطة الناس إلا للضرورة
عاطف شمس
ذهب العلماء
إلى أفضلية العزلة عند ظهور الفتن وفساد الناس إلا أن يكون الإنسان له
قدرة على إزالة الفتنة فيجب السعي في إزالتها حسب الإمكان.
وفى غير الفتنة اختلف العلماء في المفاضلة بين العزلة والاختلاط:
قال النووي: "الاختلاط
بالناس؛ شهود خيرهم دون شرهم وسلامتهم من شره، أفضل وهو ما كان عليه النبي
-صلى الله عليه وسلم- والصحابة والخلفاء الراشدون".
وهو مذهب أكثر التابعين ومن بعدهم، وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر الفقهاء. ودليلهم:
قوله -تعالى-: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءهم البينات).
وقول النبي -صلى الله
عليه وسلم-: ((المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر عليهم وعلى أذاهم، خير من
المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)).
فالمخالطة فيها اكتساب
الفوائد، وشهود شعائر الإسلام، وتكثير سواد المسلمين وإيصال الخير إليهم،
وعيادة المريض، وتشييع الجنازة، وإفشاء السلام، والأمر بالمعروف، والنهى
عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى.
وعندنا حديث عقبة بن عامر
الجهنى -رضي الله عنه- لما قال: "يا رسول الله ما النجاة"؟ قال: ((أمسك
عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك)).
وقال بعض العلماء: "أن
حكم العزلة والمخالطة تختلف باختلاف الأشخاص، فمن الناس من يتحتم عليه
الأمرين، ومنهم من يترجح لديه أحدهما دون الآخر، والصحيح هو ترك الفضول
لما فيه من شغل البال وتضييع الوقت بشرط عدم تضييع الجمعة والجماعات".
وكما ذكرنا فوائد الاختلاط نذكر فوائد العزلة:
1- التفرغ للعبادة والاستئناس بمناجاة الله –تعالى-.
2- التخلص بالعزلة من المعاصي التي يتعرض لها الإنسان بالمخالطة، مثل: الغيبة، النميمة، الرياء، مسارقة الطبع...
3- التخلص من الفتن والخصومات.
4- التخلص من شر الناس.
5- السلامة من آفات النظر إلى زينة الدنيا وزخرفها.
6- السلامة من التبذل لعوام الناس والتصون عن زلة الامتهان منهم.
وفى رمضان فإن ترك الفضول من معرفة الناس ومخالطتهم هو الأقرب والأولى بالاتباع.
ويقول ابن القيم كلاماً رائعاً نسوقه بتصرف:
"إن فضول المخالطة هي
الداء العضال الجالب لكل شر، وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة، وكم
زرعت من عداوة، وكم غرست في القلب من حزازات تزول الجبال الراسيات وهى في
القلب لا تزول".
وقسم -رحمه الله- الناس إلى أربعة أقسام:
1- من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة، فإذا أخذ حاجته منه تركه، وإذا احتاج إليه خالطه (العلماء).
2- من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض، فما دمت صحيحاً فلا حاجة لك في خلطته، (أصحاب المهن).
3- من مخالطته كالداء وهو من لا تربح عليه في دين ولا دنيا.
4- من مخالطته الهلاك كله ومخالطته بمنزلة أكل السم وهم أهل البدع والضلالات.
هيا أخي في الله نترك فضول المخالطة في هذا الشهر الكريم لنسلم وتسلم قلوبنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين،،