بدع ومخالفات تقع في صلاة التراويح
بدع ومخالفات تقع في صلاة التراويح
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فهذه بعض من البدع والمخالفات التي تقع في صلاة التراويح خلال شهر رمضان الكريم، فمن هذه المخالفات:
1- نقر صلاة التراويح:
من تأمل أحوال بعض الناس
اليوم في صلاة التراويح وقارنها بما كان عليه زمن تشريعها الأول يرى أنهم
قد ذهبوا بكل مزاياه وعطلوا معظم شعائره وأحدثوا بدعاً سيئة لا يرضاها
الله ورسوله ولا مسلم له على الشرع غيرة؛ فنرى بعض أئمة المساجد - هداهم
الله - ينقرون الصلاة نقر الغراب ولا يطمئنون في ركوع ولا سجود. وقد ذكر
العلماء أنه يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأمومين من فعل ما يسن فكيف
بسرعة تمنعه فعل ما يجب، وهذا مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -
في صلاة التراويح فقد أخرج الشيخان عن عائشة - رضي الله عنه – قالت: ما
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى
عشرة ركعة يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسل
عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً).
2- رفع الصوت بالبكاء في الصلاة إلي حد الصراخ والعويل:
وليس هذا من هدي السلف -
رضي الله عنهم - فقد كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ القرآن
سمع لصدره أزيز كأزيز المرجل، فعن عبد الله بن الشخير - رضي الله عنه -
قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز
المرجل، يعني يبكي. [أخرجه أبو داود، وقوى إسناده الحافظ في الفتح 2/42].
وقال عبد الله بن شداد:
سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف يقرأ: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي
وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ [ذكره البخاري تعليقاً- الفتح 2/241].
فعلى المسلم أن يجاهد نفسه وأن يحرص على الخشوع في صلاته وأن يخفي صوته في البكاء ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
3- تهاون البعض وعدم اعتنائهم بصلاة التراويح:
حيث ينتظرون الإمام حتى
يركع فإذا ركع دخلوا معه في الصلاة وهذا العمل فيه ترك لمتابعة الإمام
وتفويت لتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة، فلا يليق بالمسلم فعل ذلك لما
فيه من استهانة بأمر الصلاة، وكذلك تكاسلهم عن إتمام التراويح مع الإمام،
فيكتفون بذلك بأربع أو ست ركعات مع الإمام ثم ينصرفون إلي أعمالهم وفي
هذا تضييع لأجر عظيم وخير كثير قال عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [صحيح رواه أهل
السنن].
4- بدعة القيام عند ختم القرآن في رمضان بسجدات القرآن كلها في ركعة:
قال أبو شامة: وابتدع
بعضهم أيضًا جمع آيات السجدات، يقرأ بها في ليلة ختم القرآن وصلاة
التراويح، ويسبح بالمأمومين في جمعها. وقال ابن الحاج: وينبغي له- أي
الإمام- أن يتجنب ما أحدثه بعضهم من البدع عند الختم، وهو أنهم يقومون
بسجدات القرآن كلها فيسجدونها متوالية في ركعة واحدة أو ركعات، فلا يفعل
ذلك في نفسه وينهى عنه غيره، إذا أنه من البدع التي أحدثت بعد السلف،
وبعضهم يبدل مكان السجدات قراءة التهليل على التوالي، فكل آية فيها ذكر
«لا إله إلا الله» أو «لا إله إلا هو» قرأها إلى آخر الختمة، وذلك من
البدع أيضًا. ا. هـ. وقال ابن النحاس: ومنها- البدع والمنكرات- القيام
عند ختم القرآن في رمضان بسجدات القرآن كلها ركعة أو ركعات أو الآيات
المشتملة على التهليل من أول القرآن إلى آخره، وهذا كله بدعة أحدثت،
فينبغي أن تغير وترد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا
هذا ما ليس منه فهو رد».
5- بدعة الذكر بعد التسليمتين من صلاة التراويح:
ومما أحدث في هذا الشهر:
الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح، ورفع المصلين أصواتهم بذلك،
وفعل ذلك بصوت واحد، فذلك كله من البدع. وكذلك قول المؤذن بعد ذكرهم
المحدث هذا: الصلاة يرحمكم الله، صلاة القيام أثابكم الله، فهذا أمر محدث
أيضًا، لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله ولا أقره، وكذلك
الصحابة والتابعون والسلف الصالح، فالإحداث في الدين ممنوع، وخير الهدي
هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -.
6- الإطالة الزائدة عن الحد في دعاء القنوت:
بعض الأئمة يطيلون دعاء
القنوت ويكثرون السجع المتكلف فيه، وقد علمنا النبي - صلى الله عليه وسلم
- دعاء القنوت ومحله بعد سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فكان النبي -
صلى الله عليه وسلم - يجهر
بدعائه ويرفع يديه ويؤمن
من خلفه ومن هذه الأدعية المباركة: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن
عافيت، وتولني فيمت توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك
تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت
ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك». ويزيد عليه في النصف الثاني من
رمضان: «اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا
يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق عليهم رجزك
وعذابك، إله الحق»، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويدعو
للمسلمين بما استطاع من خير، ثم يستغفر للمؤمنين.
وكان يقول: «اللهم إنا
نستعينك ونستغفرك، ولا نكفرك ونؤمن بك، ونخلع من يفجرك، اللهم إياك نعبد،
ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك
الجد بالكفار ملحق، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب، الذي يصدون عن سبيلك،
ويكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك».
«اللهم اغفر للمؤمنين
والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وأصلح ذات بينهم، وألف بين قلوبهم،
واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة، وثبتهم على ملة رسولك - صلى الله عليه
وسلم -، وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه، وانصرهم على عدوك
وعدوهم إله الحق، واجعلنا منهم».
وفي رواية موقوفاً على
عمر - رضي الله عنه -: (اللهم اغفر لنا، وللمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين
والمسلمات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم.
اللهم العن كفرة أهل
الكتاب الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك، اللهم
خالف بين كلمتهم، وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم
المجرمين. ا. هـ.
فعلى الإخوة أئمة المساجد
الاقتصار على ما جاء في الهدي النبوي فخير الهدي هدي محمد - صلى الله
عليه وسلم - ولا بأس بأن يزيد من الأدعية الثابتة والصحيحة شريطة ألا يشق
على المصلين وألا يعتدي في الدعاء.
7- بدعة دعاء ختم القرآن
في التراويح ومن أعجب العجب ما يحدث فيما يسمى بدعاء ختم القرآن من بعض
أئمة المساجد هداهم الله والمنسوب باطلاً إلى شيخ الإسلام ابن تيمية -
رحمه الله - وهو دعاء في الصلاة قبل الركوع، أو بعده من إمام، أو منفرد ـ
لم يثبت فيه شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل لم يرو فيه شيء ـ
ولا عن صحابته - رضي الله عنهم -؛ ثم تُعمر به «المحاريب» بدعاء: فيه ما
هو متكلف مسجوع غير مأثور، يشغل نحو ساعة من الزمان، يُتلى بصوت التلاوة
وأدائها، وتحرير النغم فيه. يكون عن ظهر قلب، أو رسالة ربما وصلت ثمانين
صفحة أي: تعدل تلاوة خمسة أجزاء من كتاب الله - تعالى -، مع رفع الأيدي،
ومسح الوجه بهما بعد الفراغ ويبكي من شاء الله من مأموم وإمام ـ أثابهم
الله على حسن نيتهم ـ؛ وقوارع التنزيل وآيات الذكر الحكيم، تتلى في ليالي
شهر رمضان، بل على ممر العام، ولا تكاد تسمع ناشجاً ولا نابساً ببكاء من
مأموم أو إمام، والله - تعالى -يقول: لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ
عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ
[الحشر آية: 21].
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب الجوامع من الدعاء ويدعو بها ويُعلّم أمته الدعاء بها.
8- مخالفات تقع من بعض النساء:
1- خروج المرأة إلى صلاة
التراويح متعطرة متزينة: وهذه مخالفة عظيمة وكبيرة من كبائر الذنوب حيث
حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا السلوك المعيب، فقال: «أيما
امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية» [أخرجه أبو داود
والترمذي والنسائي وأحمد وصححه الألباني]. فهل يليق بامرأة تؤمن بالله
واليوم الآخر جاءت إلي المسجد لتعبد ربها وتطلب منه العفو والمغفرة أن
تقع في مثل هذه الأمور التي تغضب ربها وتستجلب سخطه.
2- عدم تستر المرأة
تستراً كاملاً والواجب عليها أن تلتزم الشرع في حجابها فلا يكون شفافاً
ولا ضيقاً، بل واسعاً ساتراً فضفاضاً وألا يكون زينة في نفسه وألا يشبه
ملابس الكافرات وألا يشبه ملابس الرجال وألا يكون ثوب شهرة.
3- بعض النساء يتركن
الصلاة أبداً في رمضان وغيره، ويحافظن كل المحافظة على صيام رمضان، حتى
وهن حيض فيصمن طوال النهار الصيام المحرم وقبيل الغروب - يجرحن صيامهن
بزعمهن، على لقمة أو جرعة ماء، فواعجباً لهن، يأمرهن الله بالصلاة فيعصينه
ولا يصلين، ويحرم عليهن الصيام وهن حيض فيفرضنه علي أنفسهن جهلاً
وضلالاً. واللوم في ذلك كذلك على رجالهن إذ لو عرفوا دينهم لعلموا نساءهم
وأولادهم.
4- اصطحاب النساء للأطفال
غير المميزين إلى المساجد وانشغالهن بالقيل والقال، فترتفع الأصوات، مما
يحدث تشويشًا على المصلين والمصليات، وهذا يتنافى مع الواجب الذي يمليه
عليهن الشرع مع بيوت الله والتأدب بآدابها.
9- بدعة صلاة ليلة عيد
الفطر ويومه ذكروا أنها مائة ركعة بالفاتحة والإخلاص عشر مرات ويستغفر
بعدها مائة مرة إلخ حديث طويل ذكره السيوطي في اللآلئ، وقال: موضوع، وكذا
صلاة نهارها.
والحديث المشهور على
الألسنة، والذي اعتمد عليه كثير من الناس في هذه البدعة، وهو: «من أحيا
ليلتي العيدين إيمانًا واحتسابًا لم يمت قلبه حين تموت القلوب». [فهو
حديثٌ موضوع، ذكره الشيخ الألباني في سلسلة الضعيفة 5163]