أربعون وسيلة لإستغلال شهر رمضان إبراهيم بن عبد الله الدويش
الوسيلة الثامنة والعشرون
درس على الرصيف
وهي
موجهة للتجماعات والشلل الشبابية سواء على الأرصفة أو في الإستراحات أو في
الخيام أو في غيرها، والتي تقضي ساعات الليل في لعب الورق تارة وفي
الإسترخاء ومشاهدة التلفاز تارة أخرى وفي الأحاديث والثرثرة تارة، وهكذا
تقتل ليالى رمضان دون أي إستشعار لعظمة هذه الأيام وفضلها. فأقول لهؤلاء الشباب :
لماذا لا يفكرون ولو في ليالي رمضان من إدخال بعض البرامج النافعة ؟ نتمنى
أن يغير البرنامج كاملاً ويستبدل بما فيه نفع لهم ولأمتهم بدلاً من تضييع
الاوقات فيما لا فائدة فيه. نسأل الله لهم الصلاح والهداية، فإن كان لابد
من هذه الجلسات فلنحاول الإصلاح قدر الإستطاعة وذلك بإدخال بعض البرامج
النافعة كما ذكرت آنفاً وذلك مثل : الإجتماع على تلاوة القرآن ولو لمدة نصف
ساعة.
أو أننا نقول كما يقول بعض الشباب أن قراءة القرآن " لا تصلح إلا للمطاوعة ؟!" لأنني أذكر أني طرحت هذه الفكرة على طلابي في الكلية وقلت :
لماذا لا يتجرأ أحدكم على زملائه ويقول : لنحرص يا شباب على أن نجلس نصف
ساعة مع كتاب الله نقرأه. فالقرآن ليس حكراً على الصالحين فهو كلام الله
جلا وعلا وكتاب الله سبحانه وتعالى، وهو لنا جميعاً وإن عصينا أو وقعنا في
كبائر الذنوب، فالباب مفتوح للجميع. وقراءة القرآن من الحسنات وقد قال الله
سبحانه : {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ} [هود:114]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «وأتبع السيئة الحسنة تمحها».
فلماذا لا نقترح على هؤلاء الشباب أو يقترح بعضهم على بعض أن يكون من
البرنامج قراءة القرآن ولو لنصف ساعة أو إستماع شريط أو غيرها من البرامج
الجادة النافعة، فكما ذكرنا أن حب القرآن والإقبال عليه ليس حكراً على
الصالحين فقط. فهل نرى إن شاء الله ذلك بين شبابنا قريباً.
توجيهات ووسائل للجادين خاصة
الوسيلة التاسعة والعشرون
الحرص على تكبيرة الإحرام
أقول :
لو نظرنا لأنفسنا وحرصنا على الصلاة والتبكير إليها لوجدنا التقصير الواضح
خاصة ممن يوُسم بالخيرية والإلتزام، فلما لا يكون رمضان فرصة عظيمة
لمحاولة تصحيح هذا الخطأ ؟ وذلك بمعاهدة النفس ألا تفوت تكبيرة الإحرام
أبداً خلال هذا الشهر. فإذا نجحت فحاول أن تستمر على ذلك لمدة عشرة أيام
بعد رمضان ليكون العدد أريبعين يوماً فتحصل على برائتين من النار وبراءة من
النفاق، كما جاء في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «من صلى أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان من النار وبراءة من النفاق»،
ثم حاول أن تحسب كم من المرات فاتتك تكبيرة الإحرام في شهر رمضان ؟ ولعلك
أن تنجح إن شاء الله في تصحيح هذا الخطأ. ثم لماذا لا تحرص على تطبيق اليوم
الإسلامي بالكامل خلال رمضان وذلك بالحرص على النوافل والطاعات وإحياء
السنن، فلا تفوت عليك السنن والرواتب خلال هذه الثلاثين يوماً، ولا تغفل عن
لسانك وحبسه عن الغيبة والنميمة وغيرهما، وأيضاً لا تغفل عن صلاة الليل
والقيام ولا عن قراءة جزء واحد من القرآن على الأقل، والحرص على الصدقة
وصلة الرحم، وقضاء حاجات الناس من الفقراء والمساكين، وزيارة المرضى
والمقابر، والإستغفار والدعاء وكثرة ذكر الله في كل لحظة فإن هذه غنيمة
باردة.
وهذا الشهر فرص ومواسم تفوت ولا ترجع، وبإختصار أقول إحرص
على كل عمل صالح وإن كنت تفعل ذلك في غير رمضان فإنه يتأكد في رمضان
لمضاعفة الحسنات ومناسبة الزمان وفقنا الله وإياك للعمل الصالح.
الوسيلة الثلاثون
تذكير الغافلين
لماذا
لا يُستغل تصفيد الشياطين وفتح أبواب الجنان وإغلاق أبواب النيران و
إنكسار النفوس ورقة القلوب في هذا الشهر. لماذا لا يستغل من الجادين في
توجيه طلابنا وزملائنا في الفصول والقاعات الدراسية، وذلك بعد صلاة الظهر
مثلاً أو في أماكن العمل والدراسة. فأين الكلمة الصادقة الناصحة في نهار
رمضان من المدرس لطلابه أو من الطالب أو الموظف لزملائه ؟ أين الجلسات
الإنفرادية بالزملاء الغافلين والتحدث معهم ونصحهم لإستغلال شهر رمضان وهذه
الأيام وإهدائهم الشريط والكتاب أو غير ذلك من الهدايا النافعة، فإن
النفوس كما ذكرنا مهيئة ورغم أنف ثم رغم أنف من أدرك رمضان ثم لم يغفر له
كما جاء فى الحديث.
الوسيلة الحادية والثلاثون
وهي أيضاً للجادين خاصة وللمسلمين عامة
الصدقة في السر
الصدقة في رمضان لها منزلة خاصة عند المسلمين وهي من دواعى قبول الأعمال والعبادات.
وأنت
يا أخي الحبيب بحاجة ماسة شديدة لنفعها وأجرها وظلها يوم القيامة، فلما لا
تجعل لك مقدار من الصدقة تعاهد نفسك على أن تخرجها كل ليلة وتداوم عليها،
ثم أيضاً تنوعها فتارة مالاً وتارة طعاماً، وليلة ثالثة لباساً، وليلة
رابعة فاكهة أو حلوى، وتتحسس بيوت المساكين والفقراء بنفسك لتوصلها إليهم.
وأنصحك أيضاً بألا يعلم عن هذا العمل أحد غيرك فإنك بحاجة إلى عمل السر
بينك وبين الله، فكم من الأجر العظيم ينالك بهذا الفعل. ولا يخفى عليك أن
من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله «رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه»،
وقد ورد مثل هذا عن عدد كبير من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم كعمر
بن الخطاب وعلى بن الحسين زين العابدين وغيرهم ممن حرصوا على التسلل في
ظلم الليالى للقيام على الأرامل والمساكين «فالساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله» فهل تفعل ذلك وتحرص على هذه العبادة العظيمة في السر بينك وبين الله ؟
الوسيلة الثانية والثلاون
السحر من أجمل الأوقات ومناجاة المولى جلا وعلا
وفي
رمضان لا شك نستيقظ للسحور فأين أنت من ركعتين تركعهما في ظلمة اليل تناجي
فيهما ربك، فكثير من الناس عن هذا الوقت المبارك غافلون.
وبعض
الناس يتصور أنه إذا صلى التروايح مع الناس وأوتر في أول الليل إنتهت صلاة
الليل وإكتفى بذلك وحرم نفسه من هذه الأوقات الثمينة والدقائق الغالية..
فالله الله في إستغلال السحر ما دمت فيه يقظان، فإن من صفات أهل الجنة التي ذكرها الله تعالى في سورة آل عمران {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [آل عمران:17].
ثم أيضاً ذكر سبحانه وتعالى في سورة الذاريات أن من صفات المتقين أصحاب الجنات والعيون قال : {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [ الذاريات:18].
هذه
من صفات المتقين فهل تستغل هذه الاوقات في الإستغفار ؟ فإن قلت نعم فأقول
عليك بسيد الإستغفار، وعليك أيضاً بكثرة التكرار مائة أو سبعين مرة كما ورد
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في كل ليلة وفي كل وقت من أوقات السحر
خلال هذا الشهر المبارك وأخيراً لا تنس أن من السبعة الذين يظلهم في ظله
يوم لا ظل إلا ظله «ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ».
فاحرص يا أخي الحبيب على هذا الوقت الثمين وأحرصي يا أختي المسلمة على هذا
الوقت العظيم ألا يفوت علينا، خاصة وأننا في شهر رمضان وأننا ممن قام
للسحور فجميعنا يقظان، فلنستغل هذه الدقائق في هذه العبادة العظيمة.
توجيهات وأفكار موجهة للمرأة فى رمضان
الوسيلة الثالثة والثلاثون
إستحضار النية وكثرة الذكر أثناء عمل البيت
فالمرأة
في رمضان يذهب الكثير من وقتها خلال هذا الشهر المبارك في مطبخها خاصة في
الساعات المباركة مثل ساعات الغروب وأوقات الإستجابة وكذلك ساعات السحر في
وقت السحور، ولكن حتى لا تعتبر هذه الساعات الطويلة ضياعاً فعليها أن تنتبه
لهذه الأمور :
وعلينا نحن أن ننبه زوجاتنا وبناتنا ونساءنا إلى مثل هذه الأمور حتى يكتب لها وقتها ولا يضيع عليها ومنها :
أ-
إستحضار النية والإخلاص في إعداد الفطور والسحور وإحتساب التعب والإرههاق
في إعدادها، فعن أنس رضى الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وآله
وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر. قال : فنزلنا يوماً منزلنا حاراً
وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده. قال : فسقط الصوام وقام
المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب. فقال النبي صلى الله عليه وآله
وسلم : «ذهب المفطرون اليوم بالأجر» .
إذن
فيا أيتها المسلمة.. إن عملك لا يضيع أبداً، بل هل تصدقين إن قلت لك أن
هذا العمل حرم منه كثير من الرجال ؟ لأن القائم على الصائم له أجر عظيم فما
بالك وأنت صائمة، ثم أنت أيضاً تعدين هذا الطعام وتقضين كثيراً من وقتك في
إعداده فلا شك أنك على خير، المهم إستحضار هذه النية من طاعة للزوج ورعاية
للأولاد وغير ذلك ولن يضيع الله عملك إن شاء الله.
ب- يمكنها
إستغلال هذه الساعات في الغنيمة الباردة وهي كثرة الذكر والتسبيح
والإستغفار والدعاء وهي تعمل . . فبدلاً من أن يضيع عليها وقتها في رمضان
بدون فائدة فإنها تجمع بين الحسنيين إستحضار النية وكثرة الذكر والدعاء وهي
تعمل، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ت- الإستماع للقرآن
والمحاضرات عبر جهاز التسجيل الخاص بالمطبخ وأقول الخاص بالمطبخ لأحث
الرجال والإخوان على الحرص على توفير جهاز تسجيل خاصاً بالمطبخ . . لماذا ؟
لأن المرأة تقضي كثيراً من وقتها في المطبخ فلعلها أن تستغل هذا الوقت في
مثل هذه الأمور تارة بإستماع شريط وتارة بالتسبيح والتهليل والتحميد وأيضاً
بالإحتساب وإستحضار النية الخالصة في إطعامها وعملها وتعبها لها ولأولادها
وزوجها.
الوسيلة الرابعة والثلاثون
شراء ملابس وحاجيات العيد في بداية رمضان
وفي ذلك مكاسب منها :
إستغلال
أيام وليالي رمضان وخاصة العشر الأواخر فما الذي يحدث ؟ يضيع وقت كثير من
النساء وكذلك أولياء أمورهن في الذهاب للخياط تارة أو الذهاب للمعارض أو
الأسواق، وهكذا تضيع الأوقات الثمينة في أمور يمكن قضائها والإنتهاء منها
قبل دخول الشهر أو في أوله، حيث تكون الأسواق شبه فارغة والأسعار رخيصة
فلماذا ننتظر إلى وقت الزحام وغلاء لأسعار ؟!
أمر أخر وهو تفريغ
الزوج وعدم إشغاله في أعظم الأيام وهي العشرة الأواخر. لماذا أفتن ولدي أو
زوجي أو غيره بمخالطة النساء المتبرجات في مثل هذه الأيام الفاضلة ؟!
الوسيلة الخامسة والثلاثون
صلاة التراويح في المساجد
صلاة
التراويح من السنن الجماعية ومن الآثار النبيلة التي تعطي هذا الشهر
الكريم روحانية متميزة، فتجد صفوف المسلمين والمصلين متراصة وتسمع التسبيح
والبكاء والتشنيج.
إلا أن هذا الخير قد تحرمه بعض نسائنا لا إهمالاً
منها وإنما إنشغالاً بالأولاد والجلوس معهم، وهي بهذا بين أمرين كلاهما
ثقيل أولاً : إما بالذهاب إلى المسجد وأخذ صغارها وقد يؤذون المصلين فتنشغل
بهم أو بين الجلوس فى البيت وحرمان النفس من المشاركة مع المسلمين وربما
حاولت الصلاة في بيتها، ولكنها تشكو من ضعف النفس وقلة الخشوع وكثرة
الأفكار والهواجس فماذا تفعل إذن ؟
أسوق هذا الإقتراح : لم
لا تتفق مع بعض أخواتها بالإجتماع في أحد البيوت للصلاة جماعة مع إهتمام
إحداهن بالصغار أو تجلس إحداهن مع الصغار والأخريات يذهبن للصلاة في
المسجد، وهكذا إذا إتفقت الأخوات على أن تقوم واحدة منهن كل ليلة بالإهتمام
بالصغار فإنها على الأقل ستكسب كثيراً من أيام وليالي رمضان مع المسلمين،
أما أن تخسرها بهذه السهولة فلا.
وأقول : على
الأزواج والأباء الحرص على حث أزواجهم وأخواتهم وبناتهم على الذهاب معهم
إلى المساجد. فإلى متى ونحن نترك المرأة أيها الأخيار وحدها في البيت
ونحرمها من الدروس والتوجيه والروحانية في الصلاة مع المسلمين وسماع الخير
الكثير، فإن في ذهابها خيراً كثيرا إذا خرجت بصفة شرعية غير متعطرة ولا
متجملة أو متبرجة. كما ينبغى عليها ألا تخضع بالقول وألا ترفع صوتها في
المسجد فتؤذي المصلين. وعليها أن تتجنب الحديث في المسجد لغير حاجة خشية أن
تقع في المحرم من غيبة أو نميمة. وخلاصة القول أنه ينبغي أن يعلم أن صلاة
المرأة في بيتها أفضل، وخروجها للمسجد لتحصيل منافع لا يمكن تحصيلها في
البيت وإلا فبيوتهن خير لهن.
ولا ننسى أن في صلاح المرأة صلاح
المجتمع، فلذلك نحث الأباء والأخوة على الحرص على أخذ أزواجهم وبناتهم إلى
المساجد وألا يُتركن في البيت، لأنهن إن تركن في البيت بلا عون ولا توجيه
وإرشاد أصبحن عرضة للغفلة «فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية».