المبادرة بالأعمال
كتبه/ سعيد السواح
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فإن
الفتن في هذا الزمان قد كثرت، وأصبح المسلم غريباً بين الناس، بل بين
أهله، بل أصبح المتمسك بدينه الصابر عليه في هذا الزمان كالقابض على الجمر
بين يديه، فما من سبيل للنجاة إلا بالثبات على دين الإسلام.
فجاءت هذه الوصية من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يُصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا) رواه مسلم.
فأوصانا رسولنا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- أن نبادر بالأعمال الصالحة، وأن نعمل ليوم القيامة، حيث الحسرة والندامة.
تزود من الدنيا فإنك لا تــــــدري إذا جن ليـــــل هل تعيش إلى الفجر
فكـم من سليم مات من غير علة وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
وكم من فتى يمسي ويصبح لاهياً وقد نسجت أكفــــــانه وهو لا يدري
فكان
من رحمة الله -تعالى- بعباده أن بيَّن لنا في القرآن وعلى لسان نبيه -صلى
الله عليه وسلم-، وفي سيرته العطرة وسائل كثير للثبات على دين الله، منها:
الإقبال على القرآن العظيم:
فهو
حبل الله المتين، ونوره المبين، من تمسك به عصمه الله، ومن اتبعه هُدي إلى
صراط مستقيم. وقد بين الله -تعالى- أن العمل بالقرآن من أعظم وسائل الثبات
(وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)(النساء:66).
الاستعانة بالله -عز وجل-:
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(الفاتحة:5)، فمن أعانه الله فهو المُعان، ومن خذله الله فهو المخذول، فكان من دعاء الصالحين (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(البقرة:250).
الإيمان والعمل الصالح:
(يُثَبِّتُ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ
اللَّهُ مَا يَشَاءُ)(إبراهيم:27).
مصاحبة الصالحين:
(وَاصْبِرْ
نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ
يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ
ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)(الكهف:28).
اتباع الطريق الصحيح وسلوك المنهج القويم:
(وَأَنَّ
هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ)(الأنعام:153).
وهذا
الطريق لا يعرف إلا من خلال الوقوف على المنهج السليم، والطريق القويم
الذي سار فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة من بعده.
(وَمَنْ
يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى
وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى
وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً)(النساء:115).
التأمل في نعيم الجنة وعذاب النار وتذكر الموت:
ولنعلم أن الجنة حُفت بالمكاره، والنار حفت بالشهوات.
اللهم إنا نسألك الثبات على دينك واتباع هدي نبيك -صلى الله عليه وسلم-، وحسن عبادتك، وشكر نعمتك (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)(آل عمران:8).