المعصية الجارية فى حياتك
جميعنا يعلم كل العلم ما هى الصدقة الجارية ، ولكن هل تعلم شئ عن المعصية الجارية ؟!
هل تعلم أنه يمكنك أن تكون داخل قبرك وقد انقطع عملك فى الحياة الدنيا وتأتيك الذنوب وأنت لا تدرى من أين !
إذا كنت لا تريد ذلك ... فإقرأ هذه السطور القادمة وتدبر ما فيها من كلمات .
عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا
إلى هُدَى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.
ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من
آثامهم شيئاً " رواه مسلم .
فمثلا
إذا دعوت جماعة من الناس إلى فعل شئ يرضى الله تعالى أو أعنتهم عليه ،
كأن تدعوهم إلى التصدق فى سبيل الله أو كفالة اليتيم أو أمرتهم بمعروف أو
نهيتهم عن منكر، فإن لك أجرا عن كل واحد منهم إذا اتبع ما دعوته له ، ولك
أن تتخيل إذا بلغ كل واحد منهم واحدا آخر وكل واحد من هؤلاء بلغ واحدا غيره
وهكذا، فربما ينقضى عمرك وما زالت تلك الحسنات تضاف فى رصيدك بإستمرار هذه
الدعوة الحسنة التى دعوت الناس بها، فهل تدرك كم من أجر قد كتب لك فى
ميزان حسناتك وربما دون أن تدرى أنت حتى بذلك ؟
ولكن
احذر فالعكس بالعكس ، فإذا دعوت جماعة من الناس إلى فعل شئ يغضب الله
تعالى أو أعنتهم عليه فالأمر كما سبق وبنفس المبدأ ، فعليك ذنب كل من اتبعك
فى هذا ولا ينقص ذلك من ذنوبهم شئ !
والآن بعد أن استوعبت الفكرة .. فتعالى نطبقها معا فى أمر خطير جدا قد انتشر فى حياتنا اليومية
معظمنا
وإن لم يكن جميعنا يمتلك هاتفا محمولا وغالبا ما يكون مزود بخاصية "
البلوتوث " ، أيضا كذلك نمتلك وسائل تخزين المعلومات المتعددة ابتداء من
الإسطوانة مرورا بالفلاشة والميمورى وصولا إلى الهارد .
ولا شك أنك تقوم بتخزين العديد من المحتويات عليها ، من إسلاميات وألعاب وأفلام وأغانى وصور .. إلخ .
ولن نخوض الآن فى نقطة ما هو حلال من هذه المحتويات وما هو حرام .. فالحلال بين والحرام بين ،
وكذلك لا أقول أن الإنسان معصوم من الخطأ ن فجميعنا وأنا أولكم من أصحاب الذنوب والمعاصى ،
ولكن ألا تكتفى أن تكون هذه الذنوب خاصة بك وحدك ؟ أم أنك تعين الغير على الإشتراك بها معك ؟
سأضرب
لك مثال من الواقع المحيط بنا هنا فى الكلية ، هناك فترات للإستراحة بين
المحاضرات أو السكاشن وبعضها ونجلس فيها مع أصدقائنا بالتأكيد ، فلو أن أحد
أعجبته أغنية على هاتفك وأنت تسمعها أو صورة لممثلة أو مطربة أو أى شئ آخر
، وطلب منك أن ترسلها له عبر البلوتوث، وعندما ذهب إلى بيته سمعها أخوه
فأخذها ، وبعدها قابل أخوه بعض أصحابه ونقلها لهم ، وهكذا سيستمر الأمر ما
دامت حياتك وحتى بعد مماتك ، فهل سينفعك صديقك حينها ؟ لا والله لن ينفعك
فقد قال الله تعالى : " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه
" ، فإياك أن يطلب أحد أصدقائك فيلم أو أغنية أو أى شئ مماثل وتعطيه إياه
بأى وسيلة ، إياك أن تستمع لأغنية ما وتجعل أصدقائك يشتركون معك فى السماع ،
ولكن إجعل الأمر مقتصر عليك ، فإنك إن تبت إلى الله فسيتوب عليك ، ولكن ما
بال من شاركك فى المعصية ؟
وإحذر ، فالأمر ينطبق أيضا على كل مشاركاتك على الفيس بوك وغيره من المواقع والمنتديات على الإنترنت .
وإياك
أن تجد حرجا فى تطبيق هذا الأمر مع أصدقائك أو اخوتك أو أقاربك وجميع من
تعرفهم ، وواجه من يطلب منك أى شئ مماثل بأى وسيلة كانت من التى سبق
ووضحتها لك ، ولا تنهره ولكن ادعوه بالحسنى وأخبره أن ما يريده حرام ، ولا
تبخل عليه بالنصيحة لأنك كنت من قبل تفعل مثله ، وبلغ كل ما قرأته الآن لكل
من تعرفه ، فعسى الله أن يدخلك الجنة بنصيحتك لهم . ودائما قبل أن تستخدم
أى من هذه الوسائل اسأل نفسك أولا ، هل ما سترسله لأى أحد سيكتب لك أم
سيكتب عليك ؟ هل سيكتبه الملك الذى عن يمينك أم الذى عن شمالك ؟ هل سيرضى
الله عنه أم أنه ساخط عليه ؟
وفى النهاية إن كنت قد فعلت هذا الأمر من قبل عدة مرات وإن كانت بعدد شعر رأسك فلا تيأس ، فقد قال الله تعالى :
" كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم "