أُخْتَنَا الْكَرِيمَة : سَعَادَتُكِ عِبَادَتُكِ
بسم الله الرحمان الرحيم ،
و الصلاة و السلام على سيد النبيين و خاتم المرسلين ،
رسولنا محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلّم ،
سلام الله عليكم و رحمة الله وبركاته ،
|| أُخْتَنَا الْكَرِيمَة : سَعَادَتُكِ عِبَادَتُكِ ||
أختي الغالية ، في اللّيلة الماضية استوقفني حديث سمعته في شأن ابن عمر رضي
الله عنهما حين قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم (نعم الرّجل عبد الله،
لو كان يصلّي من اللّيل ) متّفق عليه
فالذي شدّ انتباهي قوله صلّى الله عليه وسلّم " نعم الرّجل " الله أكبر ! أليس هذا هو ما نسعى إليه ؟ انظري إلى شعار حملتنا:
❤ هَدَفِي أنْ أكُونَ نِعْمَ الأَمَة ❤
أليس نيل ثناء الله ورضاه هو غايتنا ؟ إذن دعينا نعقد نيّة طيّبة لقيام اللّيل...
فإلى متى نقوم اللّيل ونحن لا نستشعر حلاوة هذه العبادة الجليلة؟
أما آن أن نقوم اللّيل ابتغاء وجه الله وتكون صلاتنا حينها صلاة محبّ يشتاق إلى ربّه ؟
تمتّعي معي بهذا الكلام في وصف حال أمة لله حين تقوم اللّيل (وهو من كلام
ابن القيّم – رحمه الله- عدّلته بتأنيث الضّمير وبعض التصرّفات البسيطة ) :
فإذا استيقظت بدر إلى قلبها معنى قول الشّاعر :
وآخر شيء أنت في كلّ هجعة ❤ وأوّل شيء أنت عند هبوبي
فيكون أوّل ما يجري على لسانها ذكر الله:
(الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النّشور ) ثمّ تقول ((لا إله
إلاّ الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير، سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلاّ
بالله)) ثمّ تدعو وتتضرّع ثمّ تقوم إلى الوضوء بقلب حاضر ثمّ تصلّي صلاة
مُحبّة متذلّلة منكسرة ترى أن قرّة عينها وحياة قلبها وجنّة روحها ونعيمها
ولذّتها وسرورها في تلك الصّلاة فتتقلّب بين القيام والرّكوع والسّجود وهي
تتملّق مولاها،وتناجيه معطية لكلّ آية حظّها من العبوديّة:
❤فتجذب قلبها وروحها إليه آيات المحبّة والوداد والآيات التي فيها الأسماء
والصّفات ، والآيات التي تعرّف بها إلى عباده بآلائه وإنعامه عليهم
وإحسانهم إليه .
❤وتُطيب لها السّير آيات الرّجاء والرّحمة وسعة البرّ والمغفرة فتكون لها بمنزلة الحادي الذي يُهوّن عليه السّير.
❤وتقلقها آيات الخوف والعدل والانتقام وإحلال غضبه بالمعرضين عنه المائلين
إلى سواه فتجمع عليها قلبها وتمنعها من الشّرود عن مولاها .
فإذا صلّت ما كتب الله لها أن تصلّي جلست مطرقة بين يدي ربّها هيبة له
وإجلالا واستغفرته استغفار من تيقّن أنّه هالك إن لم يغفر له ويرحمه ...
ثمّ تطير بجناج الرّجاء وهي تعيش حلاوة استشعار قرب الله حين ينزل في ذلك
الوقت نزولا يليق بجلاله وهو ينادي :
من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ "
ولا تسألي عن حال قلبها حينها ، فأيّ سرور أعظم من أن تكوني من الذين أثنى الله عليهم بقوله :
(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا
وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا
أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ)17،16 السّجدة
أما تشعرين بالغيرة ؟
بصدق؟
ألا تريدين أن تعيشي وقتا من هذه الدّنيا بقلب قد سبق الجسد إلى الجنّة؟
يا أمة الله ، يا راجية الفردوس ، يا طامعة في خيري الدّنيا والآخرة إنّما هي عبارة احفظيها :
نَجَاتِكِ فِي مُنَاجَاتِكِ !
واللّيلة اللّيلة ، اجعليها مستعينة بالله ليلة السّعادة ناجي فيها الله
وأكثري من الثّناء عليه وتفكّري في النّعم التي يُحسن بها إليك وانظري إلى
المعاصي التي تتلقّين بها تلك النّعم ، وسلي نفسك: تُرى إن لم تتوبي توبة
نصوحا أين سيكون مآلك؟
ليتكِ تقومين بسورة الواقعة أو سورة الإنسان أو بغيرها من السّور التي فيها
ذكر الجنّة والنّار ، فإنّ ذلك سيُليّن هذه القلوب القاسية التي تكاد
تلفظها ضلوعنا من طول غفلتها عن ربّها .