من كتاب نظرات في كتاب الله للإمام حسن البنا يقول معلقاً على آية
من كتاب نظرات في كتاب الله للإمام حسن البنا يقول معلقاً على آية
أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ
أخذ الأشراف يعدون أنفسهم للزعامة المنتظرة، ولكن الزعامة في ساعة الخطر أسمى من المواريث و التقاليد، وفوق العرف و العادات إنها المواهب و كفى.
استعد الأشراف بحكم منزلتهم و منصبهم لتلقي راية العبادة من النبي الكريم، ولكن النبي الكريم عدل بها إلى رجل من عامة الناس، إنه أعطى الراية طالوت، وما طالوت إلا سقاء أو دباغ من سبط بنيامين الذي لم يتشرف من قبل بالملك ولا النبوة؟!
وهنا وقع ما ينتظر من تقلب النفوس، وتحرك الأهواء، فهب الأشراف و النبلاء ينكرون على طالوت حقه المكسوب، ويقولون في عزة و إباء، (أنى يكون له الملك علينا و نحن أحق بالملك منه و لم يؤت سعة من المال)
يا سبحان الله حتى في ساعة الخطر لا يريد الناس أن يتحرروا من الأوهام! و لكن النبي الكريم أجابهم في هدأة و سكون: إن الله أختاره لكم لموهبته، إنه أقواكم جسماً و الجهاد في حاجة إلى القوة، إنه أوسعكم علماً و الجهاد في حاجة إلى العلم، لهذا اصطفاه الله عليكم و لهذا آثره الله بالملك، و لهذا أيده الله لأول أمره بأن أعاد إليكم التابوت و التوراة، و ما فيهما من خير تركه آل موسى و آل .هارون
أيتها الأمة المجاهدة إختاري الرجال للقيادة، و اجعلى الأساس المواهب و الرجولة، و دعي ما سوى ذلك من المقاييس، و اعلمي أن أساس النهضات قوة و علم، أو عقل و جسم، يمدهما إيمان ثابت، و يقين راسخ، و شعور فياض، فهل أنتم سامعون؟!.
و بذلك ينتهي الدور الأول من تكوين الأمة المجاهدة، فنرى جماعة اتحدث على المطالبة بحقها، وتعاونت قوتها الروحية و العملية في سبيل الوصول إلى هذا الحق، ووحد القائد الذي ترتكز بيديه الراية و من خلفه الجنود يرقبون ساعة الجهاد، و سنرى بعد ذلك من أمرهم ما سيكون.