كيفية تعامل المؤمن مع مواقف الإبتلاء بالضراء
إن
الإنسان المؤمن يعيش فى هذه الحياة الدنيا يتقلب فى أنواع البلاء , فتارة
بالضراء وتارة بالسراء وتارة صابراً على الطاعة وتاره صابراً عن المعصية
تلك هى أنواع الإبتلاء وأنواع الصبر عليها , ولكن من المشاكل التى تقابل
الناس كثيراً ولعل الكثير يحمل همها هى ماذا يفعل إذا أصيب بالضراء أو تعرض
لأحد مواقفها .
قبل
أن أذكر ماذا يفعل الإنسان إذا تعرض للإبتلاء بالضراء أذكر ما قاله الله
عز وجل فيما أعده لأهل البلاء قال تعالى " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير
حساب " وفى الحديث يتمنى أهل البلاء أن لو قُرُضوا بالمقاريض (اى قطعوا
بالحديد ) من عظم ما يروا من الأجر والثواب ولكن على المسلم إذا أصيب
ببلاء فيه ضراء أن يفعل الأمور التى إما أن تكون سبباً فى رفع البلاء عنه
وإما أن يرضى بما قسم الله عز وجل له ,
ومن هذه الأمور :
أن
يرضى بما قسمه الله عز وجل له وعليه أن يتيقن أنه لن يصيبه إلا ما كتب
الله له , وأن ما أصابه لم يكن ليخطأه وما أخظئه لم يكن ليصيبه , قال تعالى
" وما أصابكم من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن
نبرأها إن ذلك على الله يسير لكى لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما
أتاكم والله لا يحب كل مختال فخور" وليعلم المسلم أن الأخرة خير له من
الأولى وما فقده فى الدنيا سيعوضه الله عنه فى الأخرة , قال تعالى "
والأخرة خير وأبقى " , وليعلم المسلم أنه سواء صبر أو لم يصبر فلن يغير قدر
الله فعليه أن يرضى حتى يبلغ المنزلة العليا وليدرك أن الله يكفر عن
سيئاته ويغفر له ذنوبه ويزيل عنه أدران المعصيه والذنوب , قال رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) " ما يصيب المؤمن من نصباً ولا وصباً ولا هماً ولا
حزناً حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ويرفعه الله بها درجه "
فالرضى واليقين شأن العبد المسلم إذا إبتلى .
وأيضا
يجب على الإنسان المسلم أن يصبر ويحتسب ما أصابه إبتغاء الأجر والمثوبه من
عند الله , قال تعالى " ولمن صبر و غفر إن ذلك لمن عزم الأمور " وليعلم أن
فرج الله عز وجل قريب فمهما ضاقت الدنيا على الإنسان فليعلم أنها ستنفرج
فمهما إشتد ظلام الليل فلابد من خروج الفجر , وفيها يقول الشاعر :
فلرب نازلةً يضيق به الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما إستحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج
فلقد
جاءت إمرأه سوداء إلى النبى صلى الله عليه وسلم تسأله أن يدعو الله لها أن
يذهب عنها مرض الصرع فقال لها النبى (صلى الله عليه وسلم) " تصبرى ولكى
الجنه " , قالت : نعم أصبر ولكنى أتكشف فادعوا الله لى أن لا أتكشف (فدعى
لها فكانت إذا صرعت لا تتكشف ) ولكن الموقف العجيب هنا أن المرأة حملت هم
التكشف وهى فى مرض فما بال النساء الأن يتكشفن بدون مرض .
ولقد
بشر النبى (صلى الله عليه وسلم) من فقد عينيه بالجنه قال (رسول الله صلى
الله عليه وسلم) من فقد حبيبتيه فصبر فله الجنه , فليصبر المسلم وليحتسب
وليعلم أن فرج الله قريب .
ومن
الأمور التى ترفع البلاء وتنزل الرخاء ويسعد بها الأنسان فى الدنيا
والأخرة التوبة والإستغفار فلقد قال النبى (صلى الله عليه وسلم) "ما نزل
بلاء إلا بذنب ولن يرفع إلا بتوبة " وهذه بعض فضائل الإستغفار والتوبة إلى
الله .
قال تعالى " قل إستغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً "
والاستغفار
سببا في التمتع بالحياة الدنيا والاخرة قال تعالي "واستغفروا ربكم ثم
توبوا إليه يمَتعكم متاعاً حسناً إلي أجلا مسمي ويؤتي كل ذي فضلا فضله "
فعليك ايها المسلم بالإسراع الي التوبه والرجوع الي الله عز وجل ..
فبالإستغفار يرفع البلاء وتتنزل الرحمات ويغفر الله عز وجل بهما الذلات ,
فلعل ما اصابك من بلاء هو بسبب ذنب من ذنوبك فإن توبت منه رفع عنك ما أصابك
من بلاء , وعلي المرء ان يحاسب نفسه كلما شعر انه قد أصاب ذنبا وفيها يقول
عمربن الخطاب (رضى الله عنه) : "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا
أعمالكم قبل إن توزن عليكم , وتزينوا للعرض الاكبر علي الله " .
ومن
الامور التي يرفع بها البلاء الإستقامه علي أمر الله عز وجل وتقواه فأما
عن الإستقامة فلقد قال الله عز وجل " إن الذين قالوا رُبنا الله ثم
استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي
كنتم توعدون* نحن أوليائُكم في الحياة الدنيا وفي الأخرة ولكم فيها ما
تشتهي أنفسُكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم "
وبالتقوي يصل المرء الي مراده وهو مغفرة ربه قال تعالي "وسارعوا إلي مغفرة
من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء
والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين * والذين
إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر
الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك لهم مغفرة من
ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم اجر العاملين "
فإن لم يأتمر المسلم لأمر الله وينتهي عن نواهيه ويتقي ما يسخطه وما يغضبه
كان عاريا وان كان كاسيا فهو عاريا عن الثياب وبعيد عن مغفرة الله ورحمته
الا ان يشاء الله .
اذا المرء لم يلبث ثيابا من التقوي تجرد عريانا ولو كان كاسيا
ومن الامور التي يرفع بها الله عز وجل البلاء ( الدعاء ) فما اعظم الدعاء!!
ففيه يقول النبي صلي الله عليه وسلم ( الدعاء مخ العباده )
والدعاء
سلاحا لا يهزم صاحبه وما اعظم الاوقات التي رغب النبي صلي الله عليه وسلم
من اكثار الدعاء فيها وما اعظم سهام الليل التي لا تخطئ و اقصد بها الدعاء
فى الثلث الاخير من الليل فيه يتنزل الله عز وجل في السماء الدنيا نزولا
يليق بجماله وكماله.
ويقول : هل من دعآ فاجيبه؟؟ .... هل من مستغفر فاغفر له؟؟ .... ولايزال يكرر هذا حتي يطلع الفجر.
ورغب الله عز وجل في الدعاء حيث قال:
(واذا سئلك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )
فان
لم يستجب له وفعل كل الامور التي عسي ان يرفع البلاء عنه بها( فليسلم لامر
الله) وليهيئ نفسه لما بعد الابتلاء وليعلم ان الله عز وجل له حكمة في
ابتلائه له وليستوعب الاجر والمثوبه وما اعده الله لمن حمده واسترجع- قال
ان لله وان اليه راجعون -
(ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر
الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا ان لله وانا اليه راجعون *اولئك
عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون )
وخير الختام الصلاة والسلام علي خير الانام والحمد لله وصلي الله علي محمد وعلي اله وصحبه وسلم