باحث ليبي يتوقع عودة المروج والأنهار إلى صحراء العرب
أعد الباحث الليبي المهندس محمد خالد الكيلاني بحثا تناول فيه التأثيرات المتوقعة لظاهرة التغير المناخي – وهي الظاهرة التي تشغل المجتمع الدولي في الوقت الراهن – على البلدان العربية انطلاقا من الحديث النبوي الشريف "لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض. حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدا يقبلها منه. وحتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا".
ويرى الباحث أن الرسول قد سبق العلم الحديث في التنبؤ بتأثيرات تلك الظاهرة على ارض العرب . حيث أن الحقائق العلمية تثبت أن تلك الظاهرة سوف تؤدي إلى حدوث تغير في مناخ الدول العربية في الاتجاه الايجابي مما يساعد في عودة المروج والأنهار التي اختفت من ارض العرب .
ويعتمد الباحث في دراسته على عدد من الحقائق أولها هو ذوبان جليد المحيط الشمالي المتجمد الناتج عن ظاهرة الاحتباس الحراري والتي تشغل بال علماء المناخ والساسة حول العالم، وهذه الظاهرة قد تسبب مشكلة أخرى أكبر فالاحتباس الحراري الناتج عن وجود كميات كبيرة جدا من غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو وكذلك وجود غازات أخرى تعمل على إحداث ثقوب في طبقة الأوزون وهذا الاحتباس بدأ منذ عدة سنوات في التأثير على الجليد الموجود بالقارة المتجمدة الشمالية أي بمنطقة شمال الأطلنطي وهذا الموضوع ثابت علميا وموثق.
ينتقل الباحث لحقيقة أخرى وهي التي جاءت في الحديث الشريف "يعود" أي أن صحراء العرب كانت في عصر من العصور مروجا وأنهارا بالفعل، وهذا فعلا ما تم إثباته من خلال الأبحاث الجيولوجية، فهناك دراسات علمية تثبت أن الجزيرة العربية كانت خضراء ولعل العثور على بقايا قرية الفاو وكذلك الأشجار المتحجرة هو دليل كاف لتأكيد ذلك، ومؤخرا تم العثور على بقايا ديناصور بالمملكة العربية السعودية، كما ورد في أحد تقارير منظمة الأمم المتحدة أن وجود طلع النخل المتحجر والبذور مع وجود أدوات قديمة مثل الرحاة يثبت أن معظم "الشرق الأوسط" وحوض البحر الأبيض المتوسط وِشمال أفريقيا كانت خضراء، كما أن الصحراء الليبية كانت تغطيها السافانا، وتثبت نقوش حيوانات الزراف والأبقار والفيلة أنها كانت تعيش بالمنطقة.
نفس الحقيقة العلمية تنطبق أيضا على الصحراء الموجودة بموريتانيا إلا أن الأبحاث لم تطل ذلك الجزء من العالم ربما لعدم وجود التمويل أو الدعم، ويشير الباحث في تفسير كلمة "يعود" في الحديث النبوي الشريف إلى أن فيها أمور كثيرة، فالرسول (عليه الصلاة والسلام) يقول "تعود" في صيغة الفاعل ومعنى هذا أن هذه العودة هي ليست بفعل البشر ولا بإرادة العرب والعودة توحي بأن ذلك راجع لنفس الآلية السابقة التي جعلتها خضراء أي أن هناك نمط أو نظام أو ما يسمى بالانجليزية Pattern، والفاعل في هذه الجملة هي "أرض العرب" مع تأكيده على أن كلمتي "أرض العرب" لا تقتصر فقط على أرض الجزيرة العربية بل إنها تعني كل الأراضي التي يعيش عليها العرب، مغربه ومشرقه وشماله وجنوبه.
ينتقل الباحث في تحليل قول الحبيب المصطفى "مروجا وأنهارا" مشيرا إلى أن الظروف والعوامل التي تكون المروج تختلف عن تلك التي تكون الأنهار وكلمة مروج يفهم منها أيضا أنها خضراء طول العام وهذا يعني أمرين، الأول هو وجود مصدر دائم للماء، والثاني أن البيئة أو المناخ يلاءم نمو الأعشاب طول العام، فالأمر إذن لا يتعلق فقط بكثرة الماء ولكن هناك أيضا تغير مناخي، أي أن مناخ منطقة أرض العرب سيكون أكثر برودة ولن تهب علينا الرياح الجنوبية الساخنة الجافة، المسماه في ليبيا برياح "القبلي" وفي مصر تسمى "الخماسين" وفي الجزيرة العربية تسمى رياح "الكوس".
أما كلمة "أنهارا" فهي تعني سيلان الماء المستمر من المناطق المرتفعة إلى المناطق المنخفضة حتى يصل إلى مستوى البحر والأنهار عادة تنبع من حافة المناطق الجليدية بفعل ذوبانه، أو تأتي من المرتفعات التي تهطل عليها الأمطار باستمرار، والمعروف أن "أرض العرب" هي في معظمها صحراء رملية بمعنى أنه لو جرى عليها الماء لاستوعبته أو شربته، ووجود الأنهار بأرضنا نفهم منه وجود المنطقة المتجمدة شمالنا.
ومعنى ذكر الرسول (عليه الصلاة والسلام) لهذين اللفظين "مروجا وأنهارا" معا نفهم منه أمرين أولهما أن هناك مناطق ستكون مروجا ومناطق أخرى ستشقها الأنهار، والثاني: أنه قد تكون هنالك مرحلتان الأولى بتكون المروج والتي ستؤدي إلي تثبيت الأرض بفعل جذور النبات لتتبعها المرحلة التالية وهو انسياب الأنهار
وقد يحدث كلا التصورين معا.
وينهي الباحث دراسته بالتحذير من احتمالات أن تكون الدول العربية مقصدا لهجرات السكان الغربيين الهاربين من التأثيرات الضارة لتك الظاهرة على بلدانهم -وهي تأثيرات سوف تطال المياه والنبات والمناخ ولا تبقي على شيء– وهو يتساءل عن شكل هذه الهجرات وهل ستأتي غازية كما حدث في العراق أم ستأتي في أشكال أخرى.