سماحة المفتي: لايجوز إخراج زكاة الفطر نقدا
سماحة المفتي: لايجوز إخراج زكاة الفطر نقدا
أكد مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ: لصحيفة المدينة أنه لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ما دام أن هناك من يقبل أخذها عينا. وقال الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ إن الأصل في زكاة الفطر أن تخرج من قوت أهل البلد وهي صاع من طعام كما حددها الشرع مشيرا إلى انه لا يجوز أن نعدل القيمة لأن هذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي خلفائه الراشدين المهتدين الذين فاض المال في أيديهم ومع هذا لم يلجأوا إلى القيمة لعلمهم أن السنة إخراج الأعيان.
يقول الإمام ابن باز - رحمه الله -: لا يخفى على كل مسلم له أدنى بصيرة أن أهم أركان دين الإسلام الحنيف شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله وحده، ومقتضى شهادة أن محمداً رسول الله، أن لا يعبد الله سبحانه إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وزكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين، والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه، الذي قال عنه ربه تبارك وتعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾[1]، وقال هو في ذلك: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) [2]، ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )[3].
وقد بيَّن هو صلوات الله وسلامه عليه زكاة الفطر بما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة: صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من إقط.
فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) [4].
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: ( كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب )، وفي رواية ( أو صاعاً من إقط )[5] متفق على صحته.
فهذه سنة محمد صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر . ومعلوم أن وقت هذا التشريع وهذا الإخراج يوجد بيد المسلمين وخاصة في مجتمع المدينة الدينار والدرهم اللذان هما العملة السائدة آنذاك ولم يذكرهما صلوات الله وسلامه عليه في زكاة الفطر، فلو كان شيء يجزئ في زكاة الفطر منهما لأبانه صلوات الله وسلامه عليه؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ،ولو فعل ذلك لنقله أصحابه رضي الله عنهم.
وما ورد في زكاة السائمة من الجبران المعروف مشروط بعدم وجود ما يجب إخراجه، وخاص بما ورد فيه، كما سبق أن الأصل في العبادات التوقيف، ولا نعلم أن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر، وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها، ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره من أقوالهم وأفعالهم المتعلقة بالأمور الشرعية، وقد قال الله سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [6]، وقال عز وجل: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[7].
ومما ذكرنا يتضح لصاحب الحق أن إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزئ عمن أخرجه؛ لكونه مخالفاً لما ذكر من الأدلة الشرعية.
وأسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه، والثبات عليه والحذر من كل ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
ويقول العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - : زكاة الفطر لا تصح من النقود، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (كنا نخرجها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا يومئذ التمر والشعير، والزبيب والأقط )، فلا يجوز إخراجها إلا مما فرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين. والعبادات لا يجوز تعدي الشرع فيها بمجرد الاستحسان، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم فرضها طُعمة للمساكين، فإن الدراهم لا تطعم، فالنقود أي الدراهم تُقضى بها الحاجات؛ من مأكول ومشروب وملبوس وغيرها.
ثم إن إخراجها من القيمة يؤدي إلى إخفائها وعدم ظهورها، لأن الإنسان تكون الدراهم في جيبه، فإذا وجد فقيراً أعطاها له فلم تتبين هذه الشعيرة ولم تتضح لأهل البيت.
ولأن إخراجها من الدراهم قد يخطئ الإنسان في تقدير قيمتها فيخرجها أقل فلا تبرأ ذمته بذلك، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم فرضها من أصناف متعددة مختلفة القيمة، ولو كانت القيمة معتبرة لفرضها من جنس واحد، أو ما يعادله قيمة من الأجناس الأخرى. والله أعلم.
مصدر الخبر: صحيفة المسك