حماية الطفل والمرأة في الإسلام
العنف ليس له وطن ولا جنس ولا لون بل هو بضاعة مشاعة بين مرضى النفوس من الرجال والنساء، فقد وجد من ينتقم من أحب الناس إليه مثل زوجته وأولاده وقد تسئ الزوجة إلى زوجها وأولادها، والإسلام يوفر الحماية حتى للجنين في بطن أمه.
والإسلام كرم المرأة، وإذا وجد في مجتمعات المسلمين من يسيء للمرأة فلا علاقة لتلك الإساءات بالشرع الحنيف، بل فيها دليل على بُعد ذلك المسيء عن هدي رسولنا صلى الله عليه وسلم، ويؤسفنا أن نقول إن بعض الشعوب التي دخلت في الإسلام حملت معها ثقافات جاهلية في التعامل مع المرأة ثم ألبستها لباس الإسلام زوراً، كما أن العالم الغربي بآلته الإعلامية الضخمة ركز على بعض صور الإساءة في بلادنا — على قلتها — ليجعلها سبباً للتدخل في شؤون المجتمعات المسلمة، وقد يُعذَر الغرب الشارد عن الدين في وجود النماذج الشائعة عندهم، ولكن لا عذر لحملة الحق إذا حصل عندهم تقصير علماً أن المسلم الحق لا يجد مشكلة في تعامله مع المرأة، لأنها الأم العزيزة والبنت الغالية والزوجة الكريمة والخالة الحنونة ولكن ذلك الكمال في التعامل بات مهدداً في زمان أصبح فيه العالم شاشة واحدة، فتأثرت المجتمعات المسلمة بما عند القوم، فوجد فينا من يسئ إلى المرأة المسلمة ويستغل القوامة بعد أن أساء فهمها، فكان لابد من وجود مؤسسات للرعاية والحماية تسد تلك الثغرة بعد أن طال غياب القوانين الشرعية الكاملة التي تؤَمّن الإنسان وتضمن له العيش الكريم.
خطأ من تكلم عن قسوة نظام الإسلام
وقد أخطأ من تكلم عن قسوة نظام الإسلام في الردع وثبت فشل من استبدلوا تلك التشريعات الحكيمة بقوانين كان من نتاجها تمرد المرأة على زوجها، والطفل على مدرسته، والرجل على نظام دولته، حتى وجِدت مدارس تفقد الإدارات سيطرتها على الطلاب، ومدن تفقد الحكومات فيها سيطرتها على الأمن، وبات أمن الناس مهدداً في ساعات الليل وربما في وضح النهار، وإذا كان الإسلام قد أباح الضرب كلون من العقاب؛ فقد جعل ذلك في أضيق نطاق وكآخر علاج ودواء وفق شروط وضوابط عديدة متوسطاً في ذلك بين من جعلوا الضرب هو الأصل وبين من أرادوا منع الضرب بالكلية.
العنف الأسري.. ابتلاء
العنف الأسري الذي ابتليت به المجتمعات العربية والإسلامية بعد أن كانت مضرباً للأمثال في الرفق والرحمة ليدعو الفضلاء للتنادي لإيقاف دوامة العنف التي بدأت تطل برأسها، ولعل المخيف والمزعج حقاً هو وصول العنف إلى دائرة الأسرة، بل أسوأ من ذلك تمكن المسئ من المساس بالأعراض عبر الإساءة الجنسية، ثم يظل المجرم معززاً مكرماً ليعاني من يتعرضون للإساءة وحدهم الجراحات والمرارات، فكيف يعتدي قوي على إنسان ضعيف بدلاً من أن يمنحه الأمان والحنان، ولا شك أن من يفعل ذلك يعتبر مفرطاً في كل شيء.. في دينه ومسؤولياته المجتمعية وفي الأمانة التي ائتمنه الله عليها، وليس في ديننا ما يدعو إلى السكوت على الإجرام وأهله بل القوي فينا ضعيف حتى يؤخذ الحق منه، والضعيف فينا قوي حتى نأخذ الحق له.
والمؤسسة القطرية لحماية المرأة والطفل تدعو إلى الخروج من دائرة الصمت — الذي لا يستفيد منه إلا المجرمون — لنبحث معاً في سبل الوقاية والحماية ثم العلاج والتأهيل لمن تضرروا من الظاهرة، وأولى بهذه المهمة حملة الدعوة والهداية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. الفرجابي (الشرق 30/10/2010م).