فارس الاقصىعضو مميز
المهنة :
الجنس :
علم الدوله :
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 09/02/2012
عدد المساهمات : 180
| #1موضوع: عـلمتني الـدعـوة الخميس مايو 03, 2012 10:09 pm | |
| عـلمتني الـدعـوة عـلمتني الـدعـوة تلاميذ في مدرسة الحياة .. هكذا نظل مهما كبرنا ، و مهما تسللت الشعرات البيضاء في رؤوسنا ، نظل تلاميذ في مدرسة الحياة . و لكن الحياة تظل حياة واحدة طالت أم قصرت . و لذلك لم أتعلم من الحياة بقدر ما تعلمت من الدعوة إلى الله ، و لقد تساقطت من شجرة حياتي عشرون ورقة ، في حين لم يسقط بعد من شجرة الدعوة سوى ورقتان ، و مع ذلك علمتني الدعوة في مدة يسيرة ما قد يمضي فيه خريف العمر دون درس واحد منها ، لأن الدعوة حيوات و خبرات ، هي حياتي و حياة آلاف معي من الأتراب ، و حياة ملايين قبلي من السلف و العلماء و المجربين و العارفين ، هي خبرات تلذذت بعصارتها دون أن أخوض مرارة العصر و قسوته ، هي أتراح و أفراح ذقتها بدل المرة مرتين و ثلاثة و في كل مرة كان لها طعم مختلف و مذاق جديد . في السطور التالية أبسط لكم ما طواه لي سبيل الدعوة في هذه المدة اليسيرة .. و الله وحده أحمد له فضل ما أولاني ، ﴿ ذلكما مما علمني ربي ﴾ . علمتني الدعوة أن الداعي ليس إلا مذكرا ، ليس له من الأمر شئ ، ليس له أن يكفر أو يجرم ، ليس له أن يجزم لهذا بالجنة و يقطع لآخر بالنار ، إنما هو مذكر ، و مبشر ، و منذر . إنما هو طائر يصدح أينما حل ، ليس عليه ممن يقف ليستمع أو يولي ظهره و يرحل ، ما عليه إلا أن يصدح .. ثم يكل الأمر بعد ذلك إلى الله . علمتني الدعوة أن الداعي بشر و ليس ملاكا ، يخطئ و يذنب و يقصر ، ينشط و يفتر ، يضحك و يبكي ، ليس معصوما و لامطهرا .. و إنما مجاهد فقير إلى عفو ربه ، يسعى و يحث الخطى ، كثيرا ما يتعثر في غمرة اندفاعه إلى حيث مهوى فؤاده ، لكنه يعود لينهض بكل قوة نافضا عن نفسه الغبار ، وهو إذ ينهض يمد يده لينهض معه أخا له ، يسعى و يده في يد إخوانه ، يداه دوما مشغولتان ، هو في البداية ممن خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا ، ثم بصدق العزيمة و الحب و الجهاد ، يمن عليه الله فيصير من الأوابين التوابين ، ثم يمن عليه كرة أخرى فيصير من المتقين ، ثم يشمله بكريم مَنِّه تعالى ليصير للمتقين إماما علمتني الدعوة أن الطريق إلى الله وعر ، شاق ، مجهد ، لكنه أبدا ليس مستحيلا ، إنما يحتاج إلى صدق في الإرادة ، و إخلاص في النية ، و صبر على العوائق . علمتني الدعوة أن حلول الزائر المنتظر بساحتي و أنا في طريقي إلى الله ، هو خير عاقبة و خير ثوابا من حلوله و أنا معرضة ، ميممة شطر طريق لا يزن عند الله جناح بعوضة . علمتني الدعوة ان أشعر بقمة العزة و الأنفة و الكبرياء و أنا أطأطئ رأسي معتذرة نادمة . علمتني الدعوة ألا أحبس دموع الندم و الأسف ، علمتني الدعوة ألا أقول " آسفة " و أنفي في السماء ، و لكن أن أقولها و عيني إلى الأرض ، أن أنطقها بقلبي لتنسكب في قلب من أعتذر إليه . علمتني الدعوة أن أجمل ما في ضعف الخطيئة هو قوة التوبة و حرارة الندم . علمتني الدعوة أن ذنبا يبكيني أمدا ، خيرا من طاعة أزهو بها ساعة . و إن كلا لمِنَ الله ، فما الذنب إلا ابتلاء منه تعالى رحمة بالمذنب ليطهره و يذكره أنه أبدا عبد ، و أنه أبدا محتاج ذليل صغير ، و يذكره أنه تعالى أبدا سيكون موجودا ، ليقضي حاجته و يرفع خسيسته و يقيل عثرته ، سيكون أبدا هناك يستمع أنينه و شكواه ، و يقول لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي ، و لا يمنعه جلاله تعالى عن العطا لذي الخطا . و ما الطاعة إلا منته تعالى و كريم فضله و إحسانه ليواسينا ، ليرفع عنا الخجل بدل أن نقدم عليه يوم الحساب صفرا خاويين إلا من كل شر ، و يأبى العظيم في جبروته و عزته و عظيم منته و فضل و رحمته إلا أن يقول : ﴿ و نودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون﴾ سبحانك مولاي ! و هل عملنا إلا من رحمتك بنا و تفضلك علينا ؟! سبحانك لك الحمد كله و لك الشكر كله ! سبحانك و بحمدك و لا إله غيرك ، و لا حول و لا قوة إلا بك وحدك .
علمتني الدعوة أن السلام الحقيقي ليس الإعراض عن جهل المخطئ المعاند لمجرد الإعراض ، و لكنه الرأفة به و رحمته ، و ليس الشفقة عليه ، فما أحد أحق بالشفقة من نفسي التي بين جنبي ، أفأمنت النار على نفسي حتى أطمئن ؟ أوَ أمنت له سوء الخاتمة فأرثي له ؟؟ علمتني الدعوة أن أحب أخي المسلم ، إن صلح أحببته و أحببت صلاحه ، و إن كان غير ذلك أحببته ، و سالمته . و ليس أسلم من سهم صادق من سهام الليل التي لا تخطئ . السلام الحقيقي أن تؤثره بنصيبك في الدعاء ، و أن تجهد عينيك لتبكيا رحمة به كما تبكي لنفسك ، أن تدعو له بصدق لينجيه الله مما أنجاك منه بعظيم منته و فضله و رحمته . علمتني الدعوة كيف أسالم الجاهلين حق المسالمة . علمتني الدعوة معنى قول الحبيب المصطفى : " بلغوا عني و لو آية " . علمتني الدعوة أن أنتبه لـ " عني " أكثر مما انتبه لـ "آية " . علمتني الدعوة أن أستشعر معنى الرحمة و اللين و القوة في " عني " . علمتني الدعوة أن الداعي لا يأخذ الآية ,وحدها بل يأخذ عنه صلى الله عليه و سلم ، يأخذ عنه رحمته بالمؤمنين ، و حلمه على الجاهلين ، يأخذ عنه القوة في غير عنف ، و الثبات في غير جمود ، و اللين في غير ضعف ، و السهولة في غير تهاون . علمتني الدعوة أن أبلغ عنه صلى الله عليه و سلم ، قبل أن أبلغ الآية . علمتني الدعوة ألا أحقر من المعروف شيئا ، و لو حبة خردل ، فإن الله يأتي بها و لا تغيب عنه . علمتني الدعوة أن عُمَيْلاً خالصا لوجهه الكريم وحده أختبئه عنده تعالى ، خير من جبال أعمال تصير بالرياء و الغلظة هباءا منثورا . علمتني الدعوة أن الشهرة ليست مقياس النجاح ، فكم من أناس اخترمهم يد المنون لا نعلم عنهم شيئا ، لكن الله يعلم ، و الله حسبهم . ماتوا و قلوبهم معلقة به وحده ، فأثابهم ثواب الدنيا و حسن ثواب الآخرة . علمتني الدعوة أن طريق الداعي ليس مفروشا ورودا و رياحين ، بل إنه طريق ذو أشواك ناتئة ، كل شوكة أَحَدُّ من أختها و أَسَنّ : أشواك الرياء و الكِبْر و العُجْب و الغرور . علمتني الدعوة معنى الأخسرين أعمالا الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعا . علمتني الدعوة معنى الموبقات المهلكات . لكنها علمتني في المقابل أعظم معنى يتعلمه العبد : اللجوء إلى الله ، و التوكل عليه وحده ، و طلب العون منه وحده . علمتني الدعوة أن هذه الآفات المهلكة لا يقوى عليها إلا من أعانه الله عليها . علمتني الدعوة معنى قول الشاعر : و إذا لم يكن من الله عون للفتى فأول ما يقضي عليه اجتهاده علمتني الدعوة زيف سعي النفس غير المهذبة ، التي لم تتهذب بعد على طاعة الله و التوجه له وحده . علمتني الدعوة زيف السعي للثناء و المديح من الآخرين . علمتني الدعوة ألا أتيه بمجاملات مخلوقين مثلي ، لأنهم لا يغنون عني شيئا حين أُلَفُّ في الكفن ، و أُرمى في حفرة هي إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران . علمتني الدعوة أن السعي لإرضاء مخلوق ضرب من السفه و خَطَل الرأي ، فما يغني عني مخلوق من طين مثلي حين أقف أمام الخالق فيقول لي : اذهبي فاطلبي الأجر ممن عملت له ؟! ما يغني عني في ذلك اليوم العصيب إذا كان سيفر من أمه و أخيه و صاحبته و بنيه ؟؟!! علمتني الدعوة أن ساعي الخلق خاسئ ، و ساعي الله لا يخيب . علمتني الدعوة أن أجتهد لاستحضار النية قبل كل عمل خالصة لوجهه الكريم وحده . علمتني الدعوة استحضار النية ، علمتني الدعوة أن أرتقي بحياتي الدنيا من عادات إلى عبادات . علمتني الدعوة أن العمل بغير نية عناء ، و النية بغير إخلاص رياء و هباء . علمتني الدعوة أن أستمتع أو على الأقل أجاهد لأستطيب ما لا أحب عمله لكنه ضروري ، لأنه سيقربني من الله و لو كان إماطة حجير من الطريق ! لأنني انتويت به وجه الله . علمتني الدعوة أن عميلا لوجه الله خير و أبقى من أعمال غايتها لحس أيادي من ليس له عليَّ يد ! علمتني الدعوة أن أُثمِّنَ وقتي و أستشعر مسؤوليته . علمتني الدعوة أن وقت المسلم ليس ملكا له وحده ، بل لإخوانه فيه نصيب ! علمتني الدعوة أن المسلم دائم السعي لاستغلال الوقت في كل ما يرقى بنفسه ، لا للرقي فحسب ، و لا ليقال إنه أرقى ، و لكن ليرتقي بإخوته و أمته معه . علمتني الدعوة أن الحياة بطولها و عرضها لا تتجاوز الزمن الذي يستغرقه خارج من باب و داخل من آخر ، فيا لها من حياة ! إنها لحقيقة باستغلال كل لحظة فيما لا يضيع بمجرد انتهاء لذته . علمتني الحياة قول الحبيب المصطفى " مضى زمن النوم يا خديجة " . علمتني الدعوة أن أشعر بهموم أمتي . علمتني الدعوة أنه من الجميل حب العزلة و الخلوة و الهدوء ، و لكن ليس من الجميل أبدا تولية الظهر لكل ما لا يخصني ، و ما لا يمسني بسوء . علمتني الدعوة أن ليس من شيمة المسلم الساعي إلى الله أن يرفع شعار " أنا و من بعدي الطوفان " . علمتني الدعوة الفرق بين الهدوء و السلبية ، و فضول التدخل و الإيجابية . علمتني الحياة معنى قوله صلى الله عليه و سلم : " من استطاع منكم ان ينفع أخاه فليفعل " . علمتني الدعوة أن أستشعر بالظلم و لو كان المظلوم غيري ، و أن أشعر بلسعات السياط و لو كانت على ظهر جاري . علمتني الدعوة أن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا . علمتني الدعوة أن زيادة العلم هو مغرم لا مغنم ، و زيادة تكليف لا زيادة تشريف . علمتني الدعوة أن ويل للجاهل حيث لم يعلم مرة ، وويل للعالم حيث لم يعمل بعلمه ألف مرة . علمتني الدعوة مدى قسوة قول القائل : يا أيها المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم علمتني الدعوة أن كم هو مؤلم أن تجد نفسك يوما في زمرة من يأمرون الناس بالبر و ينسون أنفسهم . علمتني الدعوة أنني لا أدعو الآخرين ، و إنما في الواقع أدعو نفسي ، آخذة بيد الآخرين معي . علمتني الدعوة حكمة القائل : تريد مهذبا لا عيب فيه و هل عود يفوح بلا دخان علمتني الدعوة روح التعاطف و التفهم ، أن ألتمس الأعذار للآخرين ، لأنني كنت يوما أو سأكون يوما مكانهم ، و سأتمنى مثلهم لو أُمنح فرصة اخرى . علمتني الدعوة أن أقبل من المسئ و لو نظرة الندم دون الاعتذار ، لأنني كنت يوما مخطئة نادمة أشد الندم ، أتمنى لو يقبل اعتذاري . علمتني الدعوة أن أتفهم - إن كنت لا أقبل - ذنوب المذنبين ، لأنني كنت و سأكون و سأظل مذنبة ، و لكن الذنوب تختلف و تتنوع . علمتني الدعوة معنى أن أخطئ خطئا جسيما ، لا ينفع معه اعتذار ، و مع ذلك أتمنى من كل قلبي أن أعتذر لو يقبل اعتذاري ، لذلك لا أسرف على من يخطئ في حقي خطئا جسيما ، لأنني أعلم جيدا كيف يكون الخطأ الجسيم ، و كيف يكون الندم عليه. علمتني الدعوة عظمة و جلال و رحمة و عدل الخالق جل و علا . موقع طريق التوبه
|
|
رحمة76عضو مشارك
المهنة :
الجنس :
علم الدوله :
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 21/02/2012
عدد المساهمات : 304
| #2موضوع: رد: عـلمتني الـدعـوة الجمعة مايو 04, 2012 2:11 am | |
| عـلمتني الـدعـوة سلمت الايادي الطيبة اخي الكريم في الابداع والتواصل المستمر في نشر الجديد والمفيد أُحييك على اختيارك الرائع والمميز.. دمت بكل خير |
|