س: أنا رجل متزوج
ولي ولد وبنت، وقد وقع خلاف بيني
وبين زوجتي أدى إلى الطلاق، وبعد
أسبوع من الطلاق تبين أن الزوجة
حامل لها ثلاثة أشهر. هل يصح الطلاق
أم لا؟
ج : الطلاق في نظر
الشريعة الإسلامية عملية جراحية
مؤلمة، ولا يلجأ إليها إلا لضرورة
توجبها، تفاديا لأذى أشد من أذى
العملية نفسها، ومن هنا جاء في
الحديث: "أبغض الحلال إلى الله
الطلاق" رواه أبو داود.
ولهذا
وضعت الشريعة قيودا عدة على
الطلاق، حرصا على رابطة الزوجية
المقدسة أن تتهدم لأدنى سبب، وبلا
مسوغ قوي. ومن هذه القيود قيد الوقت
فلابد لمن أراد أن يطلق زوجته أن
يختار الوقت الملائم الذي يطلقها
فيه.
والسنة
في ذلك أن يطلقها في طهر لم يجامعها
فيه، لقوله تعالى: (إذا طلقتم
النساء فطلقوهن لعدتهن) قال ابن
مسعود وابن عباس في تفسير الآية: أي
طهر من غير جماع.
والحكمة
في ذلك: أن حالة الحيض تجعل المرأة
غير طبيعية، فلا يجوز للزوج أن
يفارقها حتى تطهر، وتعود إلى وضعها
الطبيعي.
وكذلك
إذا كانت في طهر جامعها فيه،
فلعلها حملت منه وهو لا يدري،
وربما لو علم بالحمل لغير رأيه. كما
في الحالة التي يسأل عنها الأخ
السائل.
فالمشروع
إذن أن يطلقها في طهر لم يقربها
فيه، أو تكون حاملا قد استبان
حملها فهذا يدل على أنه أقدم على
الطلاق بعد اقتناع وبصيرة.
قال
الإمام أحمد: طلاق الحامل طلاق
سنة، لحديث ابن عمر:؟ "فليطلقها
طاهرا أو حاملا".
فإن
طلقها في حالة الحيض، أو في طهر
مسها فيه، فليس هذا من السنة،
وإنما هو طلاق بدعي حرام. كما في
الحالة التي يسأل عنها الأخ، فقد
طلق امرأته في طهر مسها فيه. ولكن
هل يقع الطلاق في هذه الحالة؟
جمهور
العلماء يقولون بوقوعه، وإن كان
حراما، ويستحبون للزوج أن يراجع
زوجته بعد ذلك، وبعضهم يوجب عليه
أن يراجعها كما هو مذهب مالك
ورواية عن أحمد، لحديث ابن عمر في
الصحيحين: أنه طلق امرأته وهي
حائض، فأمره النبي صلى الله عليه
وسلم أن يراجعها.
وظاهر
الأمر الوجوب.
وقال
طائفة من العلماء: لا يقع، لأنه
طلاق لم يشرعه الله تعالى ولا أذن
فيه فليس من شرعه فكيف يقال بنفوذه
وصحته وقد جاء في الحديث الصحيح:
"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو
رد".
والموضوع
يحتاج إلى تفصيل لا تحتمله هذه
الفتوى، فلعلنا نشبعه بحثا في
مناسبة أخرى، وبالله التوفيق