د. طارق السويدان... وحرية التعبير ضد الإيمان !/ محمد العوضي
د. طارق السويدان... وحرية التعبير ضد الإيمان !/ محمد العوضي
2012-04-17 --- 25/5/1433 المختصر/ على
هامش ما أثاره أخي الدكتور طارق السويدان حول موضوع حرية التعبير واللغط
المثار حوله جاءتني هذه الرسالة العلمية في الرد على الدكتور أنشرها
بتمامها لتعم الفائدة:
الموضوع: طارق سويدان... وحرية التعبير:
«في هذه الأسطر الخاطفة أقف وقفات سريعة مع ما طرحه د. طارق السويدان عن
حرية التعبير. ففي ثنايا حديثه عنها ومن حيث يدري أو لا يدري وضع عليها
قيداً حين قال:
«من حق الناس أن تقول ما تشاء في غير الفساد الأخلاقي».
وهو ما يسميه القانونيون «النظام العام»، أو ما يُسمى اليوم «الخطوط
الحمراء» التي لا يجوز تجاوزها في أي مجتمع: إسلامي، علماني، وضعي، وجودي،
شيوعي، يهودي، غربي، عربي... الخ.
فالحرية المطلقة... فسادٌ مطلق.
ثم إني أسأل الدكتور طارق لمن توجه خطابك...؟!
وأنت تقول: «من حق الناس»
والناس فيهم المؤمن والكافر والمنافق والمتمصلح والحاقد والمتزندق.
بل والمؤمنون فيهم القوي والضعيف
فهل خطابك عام؟! أم عام دخله التخصيص؟! ومن تخصه به؟!
وهنا تكون المفارقات؟!
فإذا كان خطابك للمسلمين: فالاعتراض على الله ورسوله: ردة عن الإسلام لا يقبل من مسلم مطلقاً... لا منك ولا من غيرك...؟!
وإذا كان لغير المسلمين فليس بعد الكفر ذنب؟!
وفي هذه الحالة نناقشهم بالعقل وليس بالكتاب والسنّة؛ لأنه أرضية مشتركة حيادية بيننا وبينهم وهم أحرار بعدها في الإيمان أو الكفر.
(لا إكراه في الدين) (البقرة:256).
فهل هي أزمة ألفاظ أم أزمة تفكير...؟!
فأنت خلطت بين المؤمن والكافر بل وبين الاعتراض والمناقشة منهما أو حتى التشكك.
فالكافر أناقشه بالعقل كما قدمت والمؤمن ليس له حق الاعتراض على الله ورسوله والإسلام.
ولكن للمسلم أن يناقش في كلام الله ورسوله (لا اعتراضاً إنما لزيادة فهم أو إيمان واستيضاح) كما لغير المسلم كذلك أن يناقش ويستوضح.
فمثلاً السؤال عن حكمة التشريع من التحريم في مسألة معينة
أو الناسخ والمنسوخ أو التدرج في التشريع (الخمر أو الربا مثلاً) وكالنهي
عن تدوين السنّة في حياة النبي أو جمع القرآن بعد وفاته عليه الصلاة
والسلام.
وهذه بحثها الفقهاء وعلماء أصول الفقه والمتكلمون قبل العوام.
كالبحث عن العلة والمعلول في الحكم المنصوص عليه ومن ثم قياس غيره عليه من
الأشباه والنظائر والبحث عن الحكمة من التشريع وهل تصلح الحكمة لأن تكون
علة في الحكم مثلاً.
وكالبحث عن الأمور التعبدية ومعقول المعنى منها ومدى جواز جريان القياس فيها.
وهل الفحوى قياسٌ أم مفهوم وبالتالي هل تثبت الحدود بها أم لا؟؟
فهذه كلها مناقشات في كلام الله ورسوله أثمرت اجتهاداً ثرياً من الفقه
والأحكام ومعرفة الحكمة من التشريع للعالم والعامي والمؤمن والكافر.
وكذلك في علم الكلام والعقائد والأسماء والصفات والوجود وواجب الوجود لذاته
واثباته واثبات النبوة ومناقشة ذلك واللازم والملزوم والتالي والرد
والتناقض... الخ.
فهذه مناقشات أثمرت أجوبة على المعترضين على الله ورسوله والاسلام والمشككين والرد عليهم بل وأثمرت إيماناً عميقاً في قلوب المسلمين.
كما أن الاستيضاح أحياناً يكون لزيادة يقين وليس لتشكك أو ضعف إيمان...؟!
(وإذ قال ابراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) (البقرة:260).
فإذاً لا تخلط يا دكتور في خطابك بين المؤمن والكافر ولا بين الاعتراض على الله ورسوله، والمناقشة (لكلام الله ورسوله) وليس لله ورسوله حتى...؟!!
ثم حدد من تخاطب...؟!
الناس أجمعين أم المؤمنين أم الكفار أم المنافقين...
وبالتالي:
هل هي دعوة تشجيعية للكفار والعلمانيين والزنادقة والملاحدة لزيادة الهجمات على الإسلام والله ورسوله باسم حرية التعبير؟!
أم للمؤمنين ليصبحوا مرتدين ومنافقين؟!
أم تعزيز لرأيك باستدلال غير موفق من القرآن جانبك فيه الصواب؟!
فالقرآن عرى المنافقين وبيـّن أحوالهم وتناقضاتهم ناهيك عن كونهم في الدرك الأسفل من النار فإنهم يثيرون الفتن ويسقطون بها.
فهل تريد خلق فتن ليسقط بها المنافقون، وهم ليس لهم غير العناد: ومتى كان العناد فكراً وحرية في التعبير؟!
فحق عليهم قوله تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً) (النمل:14).
الفساد الأخلاقي... والفساد العقائدي...!!
وفي معرض كلامك عن الحرية جعلت «الفساد الأخلاقي» (الاباحية والدعوة لها)
خطا احمر لا تحتمله حرية التعبير عندك بينما تحتمل الاعتراض على الله
ورسوله والإسلام...!!
فهل تتكلم عن ذلك في المجتمعات العلمانية ام الاسلامية...؟!
فبريطانيا تمنع فيلما عن المسيح؟! ويؤيدها قضاؤها في ذلك؟! بل ويوافقها محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في قرارها بتاريخ 25/ 11/ 1996.
بينما تسمح بآلاف الأفلام الاباحية؟!!
وهي دولة تدعي العلمانية والحرية!! ثم تجعل الدين المسيحي من النظام العام؟!
فهل خطابك عام؟! أم خاص!؟
وهل الفساد الأخلاقي أشد من الفساد العقائدي..؟!
بريطانيا والغرب الذي تستشهد به دائماً: يعارضك ويرد عليك بأحكام قضائه ولجان حقوق انسانه الذي يعرفه هو لا العالم...؟!
فالتجربة الدنماركية والرسومات المسيئة للرسول... يعتبرونها حرية تعبير بعكس موقفهم من المسيح... وانت تشاركهم فيها بكلامك عن الاعتراض على الله ورسوله والاسلام...؟!
ثم اذا كانت حرية التعبير تحتمل عندك ذلك الاعتراض فما تقصد من الدعوة الى الافكار؟
واي افكار بالضبط؟
فبعض الافكار مغلفة بالفساد الأخلاقي من غير ان تشعر؟!
ولاندركها الا بعد ترجمتها الى واقع... وبعد ان يسقط الفأس بالرأس.
فهل سيكون منع منك لاحقا لجواز منك سابق...؟!
فيا دكتور طارق تعلم قبل ان تتكلم:
فقراءة
التاريخ والقصص لا تولد منهجاً استدلاليا تستقل به في استنباط الأحكام
واطلاق الآراء فارجع للمتخصصين من العلماء والفقهاء قبل ان تصدر منك مثل
هذه الآراء وانت تظنها فهماً صحيحاً للدين ونصرة له.
وكما قال الامام «ابوحامد الغزالي» في تهافت الفلاسفة:
(وضرر الشرع ممن ينصره لا بطريقه اكثر من ضرره ممن يطعن فيه بطريقه)
والعقل لابد ان يعضده النقل:
فالعقل دون نقل من الكتاب والسنة يشت ويخلط ويأتي بالأعاجيب والنقل (الكتاب والسنة) دون عقل صحيح منضبط يستنبط احكامه لن يفهمه أحد.
وأني أنصحك يا دكتور طارق كما نصحك استاذنا الدكتور عجيل النشمي بمسارعة الرجوع علنا عن هذا القول الشاذ والاستغفار واعلان التوبة.
نسأل الله السداد في القول والعمل... اللهم آمين.حمد محمد الأنصاري
رجل قضاء سابقتعليق العوضي
> أشكر الاستاذ حمد على رده العلمي الهادئ البعيد عن
(شخصنة الموضوع) ما يذكرنا بردود الدكتور عجيل النشمي على سويدان ذات
الطابع الأخوي الحريص على أخيه وعلى وعي الجماهير والمنصف في الوقت ذاته.
> اختلفت ولا ازال اختلف مع اخي الدكتور طارق في قناعات يطلقها واسلوب ينتهجه،
ولعل اول لقاء جماهيري جمعني به عام 2004 في بيروت عندما كنت معه على منصة
واحدة حول موضوع الحريات وقال ذات الكلام الذي فنده الأخ حمد.
ثم اختلفت معه في الرؤى في محاضرة مشتركة عام 2010 في جامعة ليبزيغ
بألمانيا وفي لقاء مع قسم الفلسفة في الجامعة الألمانية حول موضوع المشتركات الانسانية الاخلاقية والحرية.
> قبل اسبوع تساءل ولدي الاوسط ماذا تفسر يا والدي ان الدكتور طارق كان
في كل سنة له (فلاش) او (فلاشان) اكشن اما اليوم ففي كل شهر عنده (أكشن)،
قلت له يعني هذا ايجابي ام لا؟
فقال: لا الناس متضايقة وقضاياه محط استنكار وتندر والشباب يقولون السويدان اكبر من هذه الموضوعات المكررة التي يطرحها بشكل غاية في الضعف!!
> انني ادرك ان من الساحة الفكرية والسياسية تدار معركة الاتجاهات من خلال استراتيجية (حرق النماذج)، والمراقب يلاحظ ان رموزاً توجيهية وحركية وسياسية خف توهجها لا بسبب قوة خصومها ولكن بعدم حساب الرموز لكلماته ومواقفه احاطته التفصيلية بمتغيرات الواقع السريعة.
> اختلافي مع السويدان لا يمنعي من المشاركة في نشاطاته الكبيرة وابداء رأيي فيها إذ التناصح متبادل بيننا.
> بقي السؤال الأهم ما
الذي يجعل الدكتور طارق محط نقد مستمر لمواقفه، هل لخروجه على المألوف ام
لطريقة تناوله الموضوعات ام لمحتوى تفكيره ام المنهج الخاص به دعوياً ام
قناعاته الذاتية في التغيير بالصدمة ام نمط شخصيته (سيكولوجية الدكتور) ام
كل هذا؟
الموضوع يطول وأسأل الله أن يوفق الدكتور طارق للاستفادة مما حصل في تجربته.محمد العوضي المصدر: الراي