أسئلة سألتها اليهود للرسول صلى الله عليه وسلم
جاءت اليهود إلى النبي
(صلى الله عليه وسلم) فسألته خمسة أسئلة فأجابهم بسور من القرآن، فجحدوا
الإجابة فما هي هذه الأسئلة، وما هي إجاباتها؟ مع جزيل الشكر والاحترام.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد روى الإمام أحمد
بسنده عن ابن عباس قال: أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقالوا: يا أبا القاسم أنا نسألك عن خمسة أشياء، فإن أنبأتنا بهن
عرفنا أنك نبي واتبعناك، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قالوا الله
على ما نقول وكيل، قال: هاتوا، قالوا: أخبرنا عن علامة النبي، قال تنام
عيناه ولا ينام قلبه، قالوا: أخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر، قال: يلتقى
الماءان فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت، وإذا علا ماء المرأة ماء
الرجل أنثت، قالوا: أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه، قال: كان يشتكي عرق
النسا فلم يجد شيئاً يلائمه إلا ألبان كذا وكذا، قال أبي قال: بعضهم يعني
الإبل فحرم لحومها، قالوا: صدقت، قالوا: أخبرنا ما هذا الرعد، قال: ملك من
ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيده أو في يده مخراق من نار يزجر به
السحاب يسوقه حيث أمر الله، قالوا: فما هذا الصوت الذي يسمع، قال: صوته،
قالوا: صدقت إنما بقيت واحدة وهي التي نبايعك أن أخبرتنا بها فإنه ليس من
نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك، قال: جبريل عليه السلام،
قالوا: جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا لو قلت ميكائيل
الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان، فأنزل الله عز وجل: من كان عدواً
لجبريل. إلى آخر الآية. انتهى.
وقد
سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عقوبة الزاني المحصن فأخبرهم
بالرجم فأنكروه أولاً، ثم أقروا به، فقد روى البغوي في تفسيره: أن اليهود جاءوا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا، فقال لهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ فقالوا:
نفضحهم ويجلدون، قال عبد الله بن سلام (كذبتم) إن فيها لآية الرجم، فأتوا
بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها،
فقال له عبد الله: ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، قالوا: صدق يا
محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما، فقال
عبد الله بن عمر: فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة. وذكر
أيضاً: أن رجلاً
وامرأة من أشراف أهل خيبر زنيا وكان محصنين، وكان حدهما الرجم في التوراة،
فكرهت اليهود رجمهما لشرفهما، فقالوا: إن هذا الرجل الذي بيثرب ليس في
كتابه الرجم ولكنه الضرب، فأرسلوا إلى إخوانكم من بني قريظة فإنهم جيرانه
وصلح له فليسألوه عن ذلك. فبعثوا رهطاً منهم مستخفين وقالوا لهم: سلوا
محمداً عن الزانيين إذا أحصنا ما حدهما؟ فإن أمركم بالجلد فاقبلوا منه، وإن
أمركم بالرجم فاحذروه ولا تقبلوا منه، وأرسلوا معهم الزانيين فقدم الرهط
حتى نزلوا على بني قريظة والنضير فقالوا لهم: إنكم جيران هذا الرجل ومعه في
بلده وقد حدث، فينا حدث فلان وفلانة قد فجرا وقد أحصنا، فنحب أن تسألوا
لنا محمداً عن قضائه فيه، فقالت لهم قريظة والنضير: إذاً والله يأمركم بما
تكرهون. ثم انطلق قوم منهم كعب بن الأشرف وكعب بن أسد وسعية بن عمرو ومالك
بن الصيف وكنانة بن أبي الحقيق وغيرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقالوا: يا محمد أخبرنا عن الزاني والزانية إذا أحصنا ما حدهما في كتابك؟
فقال صلى الله عليه وسلم: هل ترضون بقضائي؟ قالوا: نعم، فنزل جبريل عليه
السلام بالرجم فأخبرهم بذلك فأبوا أن يأخذوا به، فقال له جبريل عليه
السلام: اجعل بينك وبينهم ابن صوريا، ووصفه له، فقال لهم رسول الله صلى
الله عليه وسلم: هل تعرفون شاباً أمرد أعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا؟
قالوا: نعم، قال: فأي رجل هو فيكم؟ فقالوا: هو أعلم يهودي بقي على وجه
الأرض بما أنزل الله سبحانه وتعالى على موسى عليه السلام في التوراة.. قال:
فأرسلوا إليه، ففعلوا فأتاهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ابن
صوريا؟ قال: نعم، قال: وأنت أعلم اليهود؟ قال: كذلك يزعمون. قال: أتجعلونه
بيني وبينكم؟ قالوا: نعم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنشدك بالله
الذي لا إله إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام وأخرجكم من
مصر، وفلق لكم البحر وأنجاكم وأغرق آل فرعون، والذي ظلل عليكم الغمام وأنزل
عليكم المن والسلوى، وأنزل عليكم كتابه وفيه حلاله وحرامه هل تجدون في
كتابكم الرجم على من أحصن؟ قال ابن صوريا: نعم، والذي ذكرتني به لولا خشية
أن تحرقني التوراة إن كذبت أو غيرت ما اعترفت لك، ولكن كيف هي في كتابك يا
محمد؟ قال: إذا شهد أربعة رهط عدول أنه قد أدخله فيها كما يدخل الميل في
المكحلة وجب عليه الرجم. فقال ابن صوريا: والذي أنزل التوراة على موسى هكذا
أنزل الله عز وجل في التوراة على موسى عليه السلام، فقال له النبي صلى
الله عليه وسلم: فما كان أول ما ترخصتم به أمر الله؟ قال: كنا إذا أخذنا
الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فكثر الزنا في أشرافنا
حتى زنا ابن عم ملك لنا فلم نرجمه، ثم زنى رجل آخر من الناس فأراد ذلك
الملك رجمه فقام دونه قومه، فقالوا: والله لا ترجمه حتى يرجم فلان -لابن عم
الملك- فقلنا: تعالوا نجتمع فلنضع شيئاً دون الرجم يكون على الوضيع
والشريف، فوضعنا الجلد والتحميم، وهو أن يجلد أربعين جلدة بحبل مطلي بالقار
ثم يسود وجوههما، ثم يحملان على حمارين ووجوههما من قبل دبر الحمار ويطاف
بهما، فجعلوا هذا مكان الرجم، فقالت اليهود لابن صوريا ما أسرع ما أخبرته
به، وما كنا لما أثنينا عليك بأهل ولكنك كنت غائباً فكرهنا أن نغتابك، فقال
لهم: إنه قد أنشدني بالتوراة ولولا خشية التوراة أن تهلكني لما أخبرته،
فأمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فرجما عند باب مسجده، وقال: اللهم أني
أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأنزل الله عز وجل: يا أيها الرسول لا يحزنك
الذين يسارعون في الكفر. انتهى.
وقد ذكر ابن الجوزي في تفسيره: أن اليهود قالت لقريش سلوا محمداً عن ثلاث فإن أخبركم عن
اثنتين وأمسك عن الثالثة فهو نبي سلوه عن فتية فقدوا، وسلوه عن ذي القرنين،
وسلوه عن الروح. فسألوه عنها ففسر لهم أمر الفتية في الكهف، وفسر لهم قصة
ذي القرنين، وأمسك عن قصة الروح. انتهى.
والله أعلم.