أول خطبة في رمضان وتنوع العبادات فيه للشيخ(أحمد حسن الفقيهي) حفظه الله تعالى
(الخطبة الأولى) :
عباد الله : بشراكم جميعاً بشهر الصيام ، أهله الله علينا وعليكمبالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، وجعله الله علينا وعلى المسلمين شهر بركةوخير ومغفرة للسيئات ورفعة في الدرجات ، ولقد كان نبيكم صلى الله عليه وسلم يبشرأصحابه بقدوم رمضان ، يقول أبو هريرة رضي الله عنه ، كان رسول الله صلى الله عليهوسلم يبشر أصحابه ويقول: قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب اللهعليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنان،وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه الشياطين ،وفيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم ..أخرجه أحمد والنسائي ،يقول ابن رجب رحمه الله: يقول بعض العلماء : هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهمبعضاً بشهر رمضان .ا.هـ .
أهلاًوسهلاً بالصيام *** يا حبيباً زارنا في كل عام
قدلقيناك بحب مفعم *** كل حب في سوى المولى حرام
فأقبلاللهم ربي صومنا *** ثم زدنا من عطاياك الجسام
لاتعاقبنا فقد عاقبنا *** قلق أسهرنا جنحالظلام
عباد الله :شهر رمضان موسم عظيم للمحاسبة ، وميدان فسيح للمنافسة ،تصفو فيه النفوس من دواخلها ، وتقترب فيه القلوب من خالقها ، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار ، وتصفد الشياطين ، وتكثر دواعي الخير وأسباب المثوبة ، فياأيهاالمتقون الصائمون : فتشوا عن المحتاجين من أقربائكم ، والمساكين من جيرانكم ،والغرباء من أخوانكم ، أشركوهم معكم في رزق ربكم ولا تنسوا برهم وإسعادهم ، يقولالشافعي رحمه الله : أحب للصائم الزيادة في الجود في شهر رمضان اقتداء برسول اللهصلى الله عليه وسلم ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم فيه بالعبادةعن مكاسبهم .ا.هـ .
عباد الله : رمضان فرصة للتنويع بين العبادات ، واستذكار العديد من الأذكار الواردة عن النبيصلى الله عليه وسلم والدعوات ، وما على راج الهداية ، وطالب الرشد والسعادة إلا أنيعقد العزم على طرق عبادات لم يعتد على أدائها في رمضانات سابقة .
أيهاالمسلمون : اعتاد بعضنا في رمضانعلى أداء عبادات معينة كالصيام والقيام وقراءة القرآن ، وهناك عبادات أخرى قد تفضلعليها في الأجر إما لمكانتها أو لهجر الناس لها ، وإتيان تلك الطاعات في مثل هذهالأيام إحياء لها وتذكير للناس بتنوع العبادات وتعددها لمن أراد الزلفى من اللهسبحانه ، ومن تلك العبادات : عيادة المرضى ، وزيارة المقابر ، والصلاة على الجنائز، والعبادات المتعدية كإطعام الطعام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الناسالخير .
أيهاالمسلمون : في شهر رمضان يكثرالمؤدون للصلاة وبخاصة صلاة النوافل كالرواتب والتراويح والقيام ، وهذا الإقبالفرصة للتنويع بين الأدعية والآثار والصفات الواردة في الصلاة ، فهناك العديد منأدعية الاستفتاح وهناك أنواع للتشهدات ، هذا فضلاً عن الأدعية الواردة في الركوعوالسجود وختام الصلاة ومن اطلع على سبيل المثال على كتاب حصن المسلم وهو كتاب معروفومتداول وجد مصداق ما ذكر آنفاً ، يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى : العبادات الواردة على وجوه متنوعة تفعل مرة على وجه ، ومرة على الوجه الآخر ، فهناالرفع ورد إلى حذو المنكبين ، وورد إلى فروع الأذنين ، وكل سنة ، والأفضل أن تفعلهذا مرة وهذا مرة ليتحقق فعل السنة على الوجهين ، ولبقاء السنة حية ، لأنك لو أخذتبوجه وتركت الآخر مات الوجه الآخر ، فلا يمكن أن تبقى السنة حية إلا إذا كنا نعملبهذا مرة وبهذا مرة ، ولأن الإنسان إذا عمل بهذا مرة ، وبهذا مرة صار قلبه حاضراًعند أداء السنة بخلاف ما إذا اعتاد الشيء دائماً فإنه يكون فاعلاً له كفعل الآلةعادة ، وهذا الشيء مشاهد ، ولهذا من لزم الاستفتاح بقوله " سبحانك الله وبحمدك " دائماً تجده من أول ما يكبر يشرع .. "سبحانك الله وبحمدك" من غير شعور لأنه اعتادذلك لكن لو كان يقول هذا مرة ، والثاني مرة صار منتبهاً ، ففي فعل العبادات الواردةعلى وجوه متنوعة فوائد :
1/ إتباع السنة ،، 2/ إحياء السنة ، 3 / حضور القلب . اهـ رحمه الله رحمة واسعة.
اللهمتقبل صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا يا رب العالمين .
بارك
الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الآيات والذكر
الحكيم، أقول ماتسمعون وأستغفرالله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب ،
فأستغفروه إنه هوالغفور الرحيم.
( الخطبة الثانية ):
الحمدلله
المنعم علينا بمواسم الخيرات وتنوع العبادات والمتفضل علينا بعظيم
الدرجات، وأشهد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين،
وعلى آله وصحابه أجمعين.
عباد الله
: يقول الحسن البصري رحمه الله : إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه ،
يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته ، فسبق قوم ففازوا ، وتخلف آخرون فخابوا ،
فالعجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه
المبطلون . ا.هـ .
أيها المسلمون
: إذا كان الأمر كذلك فلماذا نخسر رمضان؟ لماذا يمر علينا ولا نتزود منه
بالتقوى ؟ لماذا يدخل ويخرج ولا نقاوم فيه الهوى ؟ ألم نعلم مزاياه وندرك
فضائله ؟ ألم نعلم أنه شهر التوبة والمغفرة ومحو السيئات ؟ ألم ندرك أنه
شهر العتق من النار وموسم الخيرات ؟ ألم نعلم أن فيه ليلة خير من ألف شهر
من حرم خيرها فقد حرم ؟ فما بالنا عباد الله تمر علينا مواسم الخيرات ونخسر
ولا نستفيد ؟ ما بالنا نصر على الإضاعة والتقصير والتفريط ؟
أيها المؤمنون
: ، فلنر الله من أنفسنا خيرا ، والله الله أن يتكرر شريط التهاون
والتسويف ، أو تستمر دواعي الكسل والتفريط ، فلقيا الشهر مرة أخرى غير
مؤكدة ، ورحيل الإنسان منتظر في أية لحظة .
من يردتلك الجنان *** فليدع عنه التوان
وليقم فيظلمة الليل *** إلى نور القرآن
وليصلصوماً بصوم *** إن هذا العيش فان
إنماالعيش جوار الله *** في دار الأمان
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه .