خطبة جمعة مكتوبة للدفاع عن الرسول صلى الله علبه وسلم
خطبة الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم
يحيى بن موسى الزهراني
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، الحمد لله خير ثواباً ،
وخير أملاً ، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، لا يزال ربنا براً
رحيماً ، عفواً كريماًً ، بعباده خبيراً بصيراً ، من يهده الله فلن تجد له
مضلاً أبداً ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً ، فرداً صمداً ، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله أحسن الناس خلقاً وخلقاً ، وعبادة وورعاً ، وزهداً وتقوىً ، صلى
الله عليه وعلى آله وأصحابه خير ألٍ وأفضل صحباً ، وسلم تسليماً مديداً
كثيراً . . . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، فالتقوى طريق لجنة المأوى ،
وسبيل لملك لا يبلى ، ونجاة من نار تلظى ، فتدرعوا بها ليلاً ونهاراً ،
والزموها سراءً وضراءً ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم
مُّسْلِمُونَ } ، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي
تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } .
أمة
الإسلام : أكرم الله البشرية ، بمحمد صلى الله عليه وسلم خير البرية ، حيث
أخرجها الله به من الظلمات إلى النور ، ومن الذل إلى العز ، ومن المهانة
إلى الكرامة ، ومن الجهل إلى العلم ، فأبطل عادات الجاهلية ، وقضى على
معالم الوثنية ، وغير الكرة الأرضية ، من ظلم وتجبر ، واستعباد وتكبر ، إلى
عدل ومحبة ومساواة ، وتواضع وتسامح ومساماة ، هذا هو محمد صلى الله عليه
وسلم ، قائد أعظم أمة في التأريخ ، شيخ المجاهدين ، سيد المرسلين ، إمام
المتقين ، لم يعرف التأريخ نبياً أرسى معالم المحبة ، ونشر دواوين الألفة ،
مثل محمد صلى الله عليه وسلم ، فلماذا يتبجح الغرب الكافر بسبه ، وتشويه
صورته ، وتعتيم حقيقته ، وتضليل الرأي العام في بلدانهم عن اتِّباعه ، فهو
لا يغدر ، ولا يسرق ، ولا ينهب ، ولا يغتال ، ولا يأمر بذلك كله ، بينما
الغرب الكافر اليوم ، يأسر المسلمين ، ويسجنهم ويعذبهم ، دون أدنى تهمة
توجه لهم ، فأي رحمة وديمقراطية يدعون ، وأي حقد وغل يضمرون ؟ أليس لهذا
النبي الكريم علينا حقوقاً نقوم بها ، ومساعٍ نشكره عليها ، وعرضاً نذب عنه
، وقولاً ندافع به ، وهو القائل صلى الله عليه وسلم : " من ردّ عن عِرْض
أخيه المسلم ، كان حقاً على الله عز وجل أن يردّ عنه نار جهنم " [ أخرجه
الترمذي وغيره وحسنه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه ] ، فإذا كان هذا في
حق بقية الناس ، فكيف بحق النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي ظهرت للناس
معجزاته ورأفته ، وبانت لمتبعيه محبته وشفقته ، وتبين للمسلمين عطفه ورحمته
، فحري بكل مسلم ، بل واجب على كل مسلم ومسلمة ، أن يدافع عنه ، ويذب عن
عرضه المصون ، وينافح ويناضل أهل المجون ، بل ويقاتل من أجل حقوقه إذا
انتهكت ، وسيرته إذا انتقصت ، وصورته إذا تشوهت ، كل بما آتاه الله من
الاستطاعة .
أيها المسلمون : لقد تجرأت صحف دولة الدنمرك والنرويج ،
على سب النبي صلى الله عليه وسلم ، والاستهزاء به ، والتنقص من قدره ، وتم
إنكار المنكر ولله الحمد والفضل ، من قبل الحكومات والسفارات العربية
والإسلامية ، لاسيما هذه الدولة المباركة ، التي تستمد أحكامها من الكتاب
والسنة ، وإجماع الأمة ، فلقد أثلج صدور المؤمنين ، وأرغم أنوف الكافرين ،
استنكار وشجب مجلس الوزراء ، ومجلس الشورى ، وهيئة كبار العلماء ، لهذه
الحادثة الأليمة الآثمة ، والواقعة الحزينة الغاشمة ، فأجزل الله مثوبتهم ،
ورفع قدرهم ، وأعلى شأنهم ، ولقد ذهبت وفود سفراء الدول الإسلامية
والعربية في تلك الدولة ، إلى رئيسها الذي أبى مقابلة الوفد ، متذرعاً بأن
عمل الصحيفة يكفله القانون ، تحت حرية التعبير والرأي ، فأي حرية يدعونها ،
وأي حقيقة يزيفونها ، وقد علموا أن هناك قانوناً دولياً يحذر سب الأديان ،
ويحرم انتقاص الأنبياء صلى الله وسلم عليهم أجمعين ، فيا أمة المليار مسلم
ويزيدون ، ماذا تنتظرون ، وقد أهين نبيكم صلى الله عليه وسلم ، من قبل
دولة كافرة ، يرعاها اللوبي الصهيوني ، تدعي كذباً وزوراً أنها تكفل حرية
الأديان ، والتحضر والتمدن في البلدان ، والرقي بالمعايير الغربية ، وهي
تضمر العداء والكراهية ، للإسلام وأهله سراً وعلانية ، قال تعالى : " قَدْ
بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَٰهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ
أَكْبَرُۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَـٰتِۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ " ،
سبحان الله ! يسبون نبي الرحمة والهدى ، رسول الخير والتقى ، وقد نالت
شفقته كل البشرية ، ورعى الحقوق المرعية ، حتى بلغت رحمته كفار الأرض ، قال
صلى الله عليه وسلم : " ألاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً ، أوْ انْتَقَصَهُ ،
أوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ ، أوْ أخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ
نَفْسٍ ، فَأنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " [ أخرجه أبو داود وغيره ،
وصححه الألباني ] ، يا لها من رحمة عظيمة بالعالمين ، وشفقة كبيرة بالناس
أجمعين ، فتقرحت أفواه الكفار ، وتشققت حناجر الفجار ، لما سبوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ
اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .
أيها المسلمون : لقد أخذ علينا
النبي صلى الله عليه وسلم الميثاق في إيمانية محبته ، والذود عن حياضه
وسنته ، في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه حيث قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : " لاَ يُؤمِنُ أَحَدَكُمْ حَتَّى
أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ
أَجْمَعِينَ " [ أخرجه مسلم ] ، فلنكن مثل فاروق الأمة ، عمر بن الخطاب رضي
الله عنه ، عندما قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : يا رسولَ اللّه ، لأنت
أحبُّ إليَّ من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "
لا والذي نفسي بيده ، حتى أكونَ أحبَّ إليك من نفسك " ، فقال له عمر :
فإنه الآن واللّهِ لأنتَ أحبُّ إليَّ من نفسي ، فقال النبيُّ صلى الله عليه
وسلم : " الآنَ يا عمرُ " [ أخرجه البخاري ] ، فأظهروا حسن سيرته العطرة ،
وطيب نفسه الطاهرة ، بينوا الخطر الداهم الذي دهم الأمة ، وأصابها في
نبيها صلى الله عليه وسلم ، لما تعرض للسب والشتم ، والوقيعة في عرضه ونفسه
، ممن شنوا عليه حرباً لا هوادة فيها ، فارموهم بسهام لا رحمة فيها ،
اقذفوا الأعداء بحمم من نار ، وصبوا عليهم الحميم الحار ، فإلى جهنم وبئس
القرار ، ولتقاطع تلكم الدولة الكافرة الفاجرة ، زيارة وسياسة ، اقتصاداً
وتجارة ، حتى لو اعتذرت وعادت للحق ، فمن سب النبي صلى الله عليه وسلم فلا
توبة له ، وهو كافر زنديق ، مهدور الدم ، لا حرمة لنفسه ، ولا عصمة لروحه ،
ولا قيمة له ، فمن آذى النبي صلى الله عليه وسلم ، وجبت معاداته لأنه كفر ،
ومن أهانه واستهزأ به فدمه هدر ، وله العذاب في القبر ، ويوم العرض والحشر
، قال ربكم في القرآن ذي الذكر : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ
لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } .
أيها المسلمون : وأيم الله ما انتصر
الإسلام في أوج عصره ، وبداية صدره ، إلا برجال باعوا الدنيا ، وطلقوها
طلاقاً بائناً ، هنالك ترأسوا الكرة الأرضة ، ونحن اليوم أهمتنا الأسهم
والسندات ، والاشتراك في البنوك والشركات ، وشراء العقارات ، تركنا تعلم
الدين ، وركنا إلى الدنانير المهينة ، والدنيا المشينة ، فأخذت لب قلوبنا ،
وزهرة حياتنا ، فحان الأوان لتصفية الحساب ، والموازنة والعتاب ، فلنكن عن
حياض الدين منافحين ، وعن نبينا صلى الله عليه وسلم مدافعين ، وإلا فقد
صدق فينا حديث ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم
: " يوشك الأمم أن تَداعَى عليكم ، كما تَداعى الأكلةُ إِلى قصعتها " ،
فقال قائل : ومن قلةٍ نحن يومئذ ؟ قال : " بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم
غُثاء كغثاءِ السَّيل ، ولينزعنَّ الله من صدورِ عدوكم المهابة منكم ،
وليقذفنَّ في قلوبكم الوَهن " ، قال قائل : يا رسول الله ! وما الوهن ؟ قال
: " حبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموت " [ أخرجه أبو داود وغيره وصحح الألباني
في صحيح الجامع برقم 958 ] ، فأين الهمم ، أم ماتت العزائم والشيم ؟ أروا
الله من أنفسكم خيراً ، واعملوا صالحاً ، فقد اقتحم العدو بلدانكم ، وخرب
دياركم ، وسب دينكم ، واستهزأ بنبيكم ، فما أنتم فاعلون ؟ وما أنتم قائلون ؟
واعلموا أنكم يوم القيامة عن نبيكم مسئولون ، فقوموا بواجبكم نحو نبيكم ،
واحذروا سخط الله عليكم ، وإنزال عقوبته بكم ، لقد رضينا بهوان الأعداء
طوعاً أو كرهاً ، في كل مساعي الحياة ، إلا رسول الله ، فلن نقبل به مساومة
ولا اعتذار ، بل كل عزم واقتدار ، فهبوا أمة المليار ، لنصرة سيد الأبرار ،
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة
، أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وسوء ، فاستغفروه
وتوبوا إليه ، إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله على إحسانه ،
والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى
وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والأنبياء إخوانه . . . أما بعد : فاتقوا الله
أيها الناس وكونوا مع الصادقين ، اتقوا الله واخشوا يوماً ترجعون فيه إلى
الله ، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون .
أمة الإسلام : هذه
دعوة صادقة لكل وسائل الإعلام في بلاد الإسلام ، دعوة للاستنفار للدفاع عن
النبي صلى الله عليه وسلم ، بكل ما أوتوا من قوة في الصدع بالحق وإظهاره ،
والذود عنه وبيانه ، فالمسؤولية اليوم مسؤوليتكم ، للكتابة عن الموضوع
المهم والخطير ، لنشره عبر الصحافة والأثير ، وأهيب بجميع الفضائيات ،
بتوعية الجاليات في بلاد الكفار ، بإظهار حقيقة النبي صلى الله عليه وسلم
البيضاء النقية ، وإزالة الغشاوة عن سنته وسيرته السوية ، فالله الله أيها
الصحفيون ، ورؤساء التحرير ، وأصحاب الفضائيات في بلاد الإسلام ، أنشدكم
الله إلا وقفتم سداً منيعاً في وجه أعداء الله ، وأعداء رسوله الأمين صلى
الله عليه وسلم ، شدوا عليهم الوطأة ، وأقيموا عليهم الحمأة ، فقد افتروا
الأكاذيب الفاضحة ، والأقاويل الباطلة ، والرسوم المهينة لنبينا محمد صلى
الله عليه وسلم ، وأنتم يا شعراء الإباء ، أظهروا للكفار العداء ، كونوا
كحسان بن ثابت شاعر الإسلام ، الذي صدع بالحق ، وذم الكفار وثبط هممهم ،
وأغاظهم وكسر شوكتهم ، وأعلى راية الإسلام ، فأيده الله بجبريل عليه السلام
، عنِ البَراءِ رضيَ الله عنه قال : " قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم
لحسّانَ : " اهْجُهُمْ ـ أو هاجِهِم ـ وجبريل معك " [ متفق عليه ] ، وعن
عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه
وسلم يَقُولُ لِحَسَّانٍ : " إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لاَ يَزَالُ
يُؤَيِّدُكَ ، مَا نَافَحْتَ عَنِ اللّهِ وَرَسُولِهِ " [ أخرجه مسلم ] ،
وهذه رسالة إلى الخطباء ، يا من أخذتم من معين رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، واستقيتم من خطبه ، وشربتم من حوض سيرته وسنته ، انصروا رسولكم صلى
الله عليه وسلم على منابركم ، واحموا عرضه ، وذودوا عن حياضه ، ورسالة أخرى
إلى الأئمة في مساجدهم ، عليكم معول كبير ، وأمل منقطع النظير ، فأنتم
أولى الناس بالدفاع عنه صلى الله عليه وسلم ، لأنه إمام الأئمة ، وقدوتهم
الحسنة ، فيجب عليكم أن تبينوا للناس أبعاد القضية ، وانعكاسات الجريمة
الفوضوية ، حتى يأخذ الناس حذرهم ، ويقاطعون منتجاتهم وصناعاتهم ، لتعظم
خسارة الأعداء الألداء ، ورسالة إلى الآباء والمعلمين ، أنتم على ثغر عظيم ،
ارعوا أماناتكم ، وبينوا لأبنائكم وطلابكم ، ازرعوا في قلوبهم حب رسول
الله ، واغرسوا فيهم الذود عنه بالنفس والمال والأهل ، ورسالة هامة وعاجلة
للتجار ، اتقوا الله فيما تقدمونه للمسلمين ، قاطعوا المنتجات الكافرة ،
وشجعوا الشركات المسلمة ، واعلموا أن من ترك شيئاً لله ، عوضه الله خيراً
منه ، وأنتم أيها الناس ، احرصوا يا رعاكم الله على تشجيع الصناعات الوطنية
والعربية والإسلامية ، فبشرائكم لها ، يحصل التقدم والرقي والازدهار ،
فلماذا نعتمد في غذائنا ، وغذاء فلذات أكبادنا ، على منتجات الكفار ،
ومصنوعات الفجار ، أليس في هذه البلاد عنها بديلاً ، بلى وأيم الله ولكن
أكثر الناس لا يعلمون ، ورسالة أخيرة لكل المسلمين في شتى بقاع الأرض ، لقد
جاء اليوم الذي تبينون فيه حبكم لرسولكم الأنقى ، وقدوتكم الأسمى ، ومثلكم
الأعلى ، ليميز الله الخبيث من الطيب ، هذا هو الوقت الذي امتحن الله فيه
حسن قصدكم ، وطهارة قلوبكم ، وصدق قولكم ، وإظهار باطنكم ، بنصرة نبيكم ،
ثم اعلموا يا أحباب محمد صلى الله عليه وسلم ، أن أعظم نُصرة لنبيكم أن
تأتمروا بأمره ، وتنتهون بنهيه ، قال تعالى : " وَمَآ ءَاتَـﯩـٰكُمُ
ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـﯩـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواۚ وَٱتَّقُوا
ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ " ، هذا وصلوا وسلموا على خير
الورى ذكراً ، وأفضل البشرية طهراً ، وأعظم الخلق شرفاً ونسباً ، أكثروا من
الصلاة والسلام عليه ، فقد أمركم الله بذلك ، فقال سبحانه : " إِنَّ
ٱللَّهَ وَمَلَـٰۤﯩـِٕكَـتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّۚ
يَـٰۤأَيـُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا " ، اللهم صل وسلم وبارك على النذير البشير ، والسراج المنير ،
صاحب الوجه الأنور ، والجبين الأزهر ، والقلب الأطهر ، صاحب اللواء المعقود
، والحوض المورود ، وعلى آله وأصحابه ، والتابعين لهم بإحسان ، وعنا معهم
بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك
والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً ، سخاءً
رخاءً ، وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا ، وأصلح
أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ بناصيته
للبر والتقوى ، اللهم هيئ له البطانة الصالحة الناصحة ، التي تدله على
الخير وتعينه عليه ، اللهم جنبه بطانة السوء الخائنة يارب العالمين ، اللهم
وفقه وإخوانه ووزراءه لكل خير ومنفعة للمسلمين ، اللهم أيدهم بالحق ، وأيد
الحق بهم ياذا الجلال والإكرام ، اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين للحكم
بشريعتك ، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم ، اللهم إنا نسألك الجنة
ونعيمها ، ونعوذ بك من النار ولهيبها ، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل
مكان ، اللهم ألف بين قلوبهم ، وأصلح ذات بينهم ، واهدهم سبل السلام ،
اللهم إنا نعوذ بك من الغلاء والوباء ، والزنا والربا والزلازل والمحن ،
وسوء الفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، اللهم من استهزءوا بنبيك صلى الله عليه
وسلم ، فشل أركانهم ، وأخرس ألسنتهم ، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك ،
اللهم دك حصونهم ، ودمر ديارهم ، اللهم أهلكم بالقحط والسنين ، اللهم أدر
الدائرة عليهم ، ورد كيدهم في نحورهم ، اللهم اجعل بأسهم بينهم ، وسلط
عليهم شرارهم ، اللهم ألبسهم لباس الجوع والخوف والفقر والذلة بما كانوا
يصنعون ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا ذا الطول والإنعام ، ربنا آتنا في
الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، برحمتك يا عزيز يا غفار
، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب
العالمين .