الحمد
لله المتفرد بالعزة والبقاء، الذي كتب على كل المخلوقات الفناء فقال:
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ
وَالْإِكْرَامِ}... (الرحمن الآيات 26-27). وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله، وبعد:
فإن
هذه الدار الدنيا دار مصائب وشرور، ليس فيها لذة على الحقيقة إلا وهي
مشوبة بكَدَر؛ فما يُظن في الدنيا أنه شراب فهو سراب، وعمارتها - وإن حسنت
صورتها - خراب ، إنها على ذا وضعت، لا تخلو من بلية ولا تصفو من محنة
ورزية، لا ينتظر الصحيح فيها إلا السقم، والكبير إلا الهرم، والموجود إلا
العدم، على ذا مضى الناس؛ اجتماعٌ وفرقة، وميتٌ ومولود، وبِشْرٌ وأحزان:
والمرء رهن مصائب ما تنقضي حتى يوسد جسمه في رمسه
فمؤجَّل يلـقى الــردى في غــيـره ومعجل يلقى الردى في نفسه
فَمَنْ من الناس على وجه الأرض لم يصب بمصيبة صغرت أو كبرت؟!.
ثمانيـة لابد منها على الفتى ولابد أن تجري عليه الثمانية
سرور وهم واجتماع وفرقة وعسر ويسر ثم سقم وعافية
وهذه
كلمات أحببنا من خلالها توجيه رسالة لكل من ابتلي بفقد حبيب أو عزيز أو
قريب، ليتصبر ويرضى ويسلم راجيا من الله تعالى عظيم الأجر وحسن الخلف،
فنقول:
من أعظم ما يعين على الصبر عند فقد الأحبة:
النظر في عاقبة الصبر والرضا
فقد وعد الله عبادة الراضين الصابرين أجرا عظيما وفضلا كبيرا.