الله تعالى قدر الموت والحياة
الله تعالى قدر الموت والحياة
قال تعالى : { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) [الواقعة/60-61]
يُقَرِّرُ لَهُم اللهُ تَعَالَى : أَنَّهُ هُوَ الذِي قَسَمَ المَوْتَ بَيْنَهُمْ ، وَوَقَّتَ مَوْتَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمِيقَاتٍ مُعَيَّنٍ ، لاَ يُعْجِزُهُ شَيءٌ .وَأَنَّهُ تَعَالَى لاَ يُعْجِزُهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِمْ وَبِأَمْثَالِهِمْ مِنَ الخَلاَئِقِ ، وَأَنْ يُنْشِئَهُمْ فِيمَا لاَ يَعْلَمُونَ مِنَ الأَطْوَارِ والأَحْوَالِ التِي لاَ يَعْهَدُونَهَا وَلاَ يَعْرِفُونَهَا .
" أي وكما خلقناكم ابتداء ، من هذه النطف ، وشكلنا صوركم ، من هذا المنىّ ـ نحن الذين قدرنا بينكم الموت ، وحددنا لكل منكم الأجل الذي له فى هذه الدنيا .. فإلينا وحدنا تقدير أعماركم ، وموتكم .. لم يسبقنا إلى ذلك سابق ، ولم يشاركنا فى هذا شريك ..
قوله تعالى : « عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ » هو متعلق بمحذوف ، يفهم من قوله تعالى : « وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ » أي أننا إذا كنا لم نسبق فى هذا الخلق الذي خلقناكم عليه ، ولم نسبق فى تقدير الموت الذي قدرنا عليكم ، وجعلناه حكما واقعا على كل حىّ ـ إذا كان هذا شأننا فيكم ، أفلسنا بقادرين « على أن نبدّل أمثالكم » ونغير صوركم ، ونخلقكم على صور غير تلك الصور التي أنتم عليها ؟ أو لسنا بقادرين على أن نجعلكم فى صورة مخلوقات أخرى من تلك المخلوقات الكثيرة التي ترونها فى عالم الجماد ، أو النبات أو الحيوان ، أو فى صور أخرى مما لا تعلمونه من صور مخلوقاتنا فى الأرض أو فى السماء ؟ فإن هذه النطف التي تتخلق منها الكائنات ، الحية فى عالم الحيوان ، هى ماء يشبه بعضه بعضا ، ولكن الخالق المبدع يصوّر هذه النطف كيف يشاء .. « هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ .. » (6 : آل عمران) " [1]
هذا الموت الذي ينتهي إليه كل حي .. ما هو؟ وكيف يقع؟ وأي سلطان له لا يقاوم؟
إنه قدر اللّه .. ومن ثم لا يفلت منه أحد ، ولا يسبقه فيفوته أحد .. وهو حلقة في سلسلة النشأة التي لا بد أن تتكامل ..«عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ» لعمارة الأرض والخلافة فيها بعدكم. واللّه الذي قدر الموت هو الذي قدر الحياة. قدر الموت على أن ينشئ أمثال من يموتون ، حتى يأتي الأجل المضروب لهذه الحياة الدنيا .. فإذا انتهت عند الأجل الذي سماه كانت النشأة الأخرى : «وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ»..في ذلك العالم المغيب المجهول ، الذي لا يدري عنه البشر إلا ما يخبرهم به اللّه. وعندئذ تبلغ النشأة تمامها ، وتصل القافلة إلى مقرها. هذه هي النشأة الآخرة .. «وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ!» .. فهي قريب من قريب. وليس فيها من غريب.بهذه البساطة وبهذه السهولة يعرض القرآن قصة النشأة الأولى والنشأة الآخرة. وبهذه البساطة وهذه السهولة يقف الفطرة أمام المنطق الذي تعرفه ، ولا تملك أن تجادل فيه. لأنه مأخوذ من بديهياتها هي ، ومن مشاهدات البشر في حياتهم القريبة. بلا تعقيد. ولا تجريد. ولا فلسفة تكد الأذهان ، ولا تبلغ إلى الوجدان ..إنها طريقة اللّه. مبدع الكون ، وخالق الإنسان ، ومنزل القرآن ..[2]
وقال تعالى : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) [الملك/1، 2]
يُمَجِّدُ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ الكَرِيمَةَ ، وَيُخْبِرُ عِبَادَهُ بِأنَّهُ المَالِكُ المُتَصَرِّفُ فِي جَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ بِمَا يَشَاءُ ، لاَ مُعَقِّبَ عَلَى حُكْمِهِ ، وَلاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ، وَهُوَ ذُو قُدْرَةٍ عَلَى فِعْلِ كُلِّ شَيءٍ ، لاَ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ . وَهُوَ الذِي أَوْجَدَ الخَلاَئِقَ مِنَ العَدَمِ ، ثُمَّ خَلَقَ المَوْتَ الذِي تَنْعَدِمُ بِهِ الحَيَاةُ ، لِيَقْهَرَ عِبَادَهُ ، وَجَعَلَ لِكُلٍ مِنَ المَوْتِ وَالحَيَاةِ مَوَاقِيتَ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ . وَقَدْ خَلَقَ اللهُ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَخْتَبِرَكُمْ ، وَلِيَعْلَمَ أَيُّكُمْ يَكُونُ أَحْسَنَ عَمَلاً ، وَأَكْثَرَ وَرعاً عَنْ مَحَارِمِ اللهِ ، وَأَسْرَعَ فِي طَاعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَاللهُ هُوَ القَوِيُّ العَزِيزُ الشَّدِيدُ الانْتِقَامِ مِمَّنْ عَصَاهُ ، وَهُوَ الغَفُورُ لِذُنُوبِ مَنْ أَنَابَ إِليهِ .[3]
ومن آثار تمكنه المطلق من الملك وتصريفه له ، وآثار قدرته على كل شيء وطلاقة إرادته .. أنه خلق الموت ومن ثم يجيء التعقيب : «وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ» ليسكب الطمأنينة في القلب الذي يرعى اللّه ويخشاه. فاللّه عزيز غالب ولكنه غفور مسامح.فإذا استيقظ القلب ، وشعر أنه هنا للابتلاء والاختبار ، وحذر وتوقى ، فإن له أن يطمئن إلى غفران اللّه ورحمته وأن يقر عندها ويستريح!
إن اللّه في الحقيقة التي يصورها الإسلام لتستقر في القلوب ، لا يطارد البشر ، ولا يعنتهم ، ولا يحب أن يعذبهم. إنما يريد لهم أن يتيقظوا لغاية وجودهم وأن يرتفعوا إلى مستوى حقيقتهم وأن يحققوا تكريم اللّه لهم بنفخة روحه في هذا الكيان وتفضيله على كثير من خلقه. فإذا تم لهم هذا فهناك الرحمة السابغة والعون الكبير والسماحة الواسعة والعفو عن كثير.[4]
" وفى قوله تعالى : « الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ »..
ـ فى هذا تنبيه لهؤلاء الغافلين عن الحياة الآخرة ، وذلك إذا نظروا فرأوا أن هناك عمليتين تجريان عليهما ، وهما الموت والحياة .. فهاتان صورتان تتداولان الإنسان ، كما تتداولان عالم الأحياء كله .. فالكائن الحىّ ، كان ميتا ، أي عدما ، ثم أخرجته قدرة اللّه سبحانه إلى الحياة ، ثم تعيده تلك القدرة إلى الموت مرة أخرى .. ثم تردّه إلى الحياة للحساب والجزاء.
فإذا جاء من عند اللّه من يخبر بأن بعد هذا الموت حياة أخرى ، وأن الموت ليس نهاية الإنسان ـ فهل يقع هذا عند العقلاء موقع الإنكار ؟ وكيف والشواهد كلها تشهد بإمكانيته ؟ بل وتقطع بأنه أمر لا بد منه ، من حيث أن هذه الحياة التي لبسها الإنسان بعد العدم ، إنما كانت ليقوم بها على خلافة اللّه فى الأرض ، حيث بسط سلطانه ـ بعقله ـ على كل ما فى هذا الوجود الأرضى .. ومخلوق هذا شأنه ، لا بد أن يرقى صعدا إلى أفق أعلى من هذا الأفق الأرضى ..
وإن هذه الخلافة التي للإنسان على الأرض ليست خلافة جماعية ، تحمل فيها الجماعة الإنسانية كلها تبعتها ، وإنما هى خلافة يحمل فيها كل فرد مسئوليته ، ويحاسب على ما كان منه ، فيجزى بالإحسان إحسانا ، وبالسوء سوءا .. وذلك يقضى بأن يردّ الإنسان إلى الحياة مرة أخرى ، ليحاسب ، وليثاب أو يعاقب ..
والسؤال هنا ، هو :إذا كان كذلك ، وكان لا بد من الحساب والجزاء على ما كان من الإنسان ـ فلم لا يحاسب فى الحياة الدنيا ؟ ولم الموت ثم الحياة ؟ وما حكمة الموت ثم الحياة ؟ أليست هذه الحياة الجديدة هى عودة بالإنسان ـ نفسا وذاتا ـ إلى حياته الأولى ، ووصل لما انقطع منه بالموت ؟ وهل يضيف الموت شيئا جديدا إلى الإنسان حتى يكون لموته مساغا ..
ونقول : إن هذه التصورات هى نتيجة لهذا الفهم الخاطئ للموت الذي يقع على الإنسان بعد الحياة ، حيث يبدو منه أنه انقطاع لجرى حياة الإنسان ، ثم إنه بعد زمن ما ـ قد يطول أو يقصر ـ يعود إلى الحياة مرة أخرى ، يوم القيامة!!
ولو فهم الموت على حقيقته ، وأنه ليس إلا تحوّلا من منزل إلى منزل ، وانتقالا من حال إلى حال ـ لو فهم الموت على هذا ، لما كان لمثل هذه التصورات أن تجد لها مكانا فى تفكير الإنسان ، يوقع فى نفسه هذه العزلة الموحشة بين الموت والحياة ..
فالموت ـ فى حقيقته ـ هو حياة جديدة تلبس الإنسان خارج هذا الجسد الذي تركه الموت جثّة هامدة .. وتلك الجثة الهامدة التي يخلفّها الموت وراءه ، هى التي تعطى الموت تلك الصورة المخيفة المفزعة ..
ذلك أننا نرى الإنسان فى ثوب الحياة ، يموچ بالنشاط والحركة .. ثم يطرقه الموت ، فإذا هو هامد همود الجمادات التي بين أيدينا ، ثم هو فى لحظة يغيّب فى الثرى ، ثم إذا فتّش عنه بعد زمن ، رؤى وقد تحول إلى أنقاض ، ثم إذا أعيد إليه النظر بعد زمن آخر لم ير لهذه الأنقاض أثر!! وعن هذا التصور ، يقول المشركون الذين لا يؤمنون بالحياة الآخرة ـ يقولون ما يقوله سبحانه وتعالى على لسانهم : « وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ؟ .. » (10 : السجدة) ولكن لو جاوزنا هذا الجسد ، لوجدنا أن الحياة التي كانت تلبسه ، قد اكتسبت بخلاصها منه بالموت ، قوة لا حدود لها ، حيث حرجت من هذا الحيّز الضيق الذي كان يحتوبها ، وانطلقت فى هذا العالم الرحيب ، تحلّق فيه بقدر ما احتفظت به من خصائصها الروحية حال تلبسها بالجسد .. وفى هذا يقول بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ وسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : " النَّاسُ نِيَامٌ فَإِذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا " .. وهو شرح لمعنى قوله تعالى : « اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى » (42 : الزمر) ..
أما أن الميت يبقى بعد موته فى حال همود ، وجمود ، إلى أن يجىء يوم البعث والنشور ، فهذا فهم خاطئ أيضا ..
فالإنسان إذ يموت ، فإن الموت ـ كما قلنا ـ لا يقع إلا على جسده ، أما روحه ، فإنها تجد فى موت الجسد فرصتها للخلاص من القيد الذي قيدها به ..
وعلى هذا ، فإن الإنسان إذا مات ، فإنما يموت موتا ظاهريّا يرى فى هذا الجسد ، وأما هو فى حقيقته ، فهو حىّ فى هذا الروح الذي انطلق من الجسد محمّلا بكل ما ترك الجسد فيه من آثار طيبة ، أو سيئة .. وفى هذا يقول الرسول ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ : « من مات فقد قامت قيامته »..وهذا يعنى أن الميت إذ يموت ، يبعث فى الحال بعثا جديدا ، بمعنى أنه يقوم من عالم النوم الذي كان فيه ، كما يشير إلى ذلك الحديث الذي ذكرناه من قبل ، وهو : « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا »..وهذا يعنى أيضا أن هناك قيامتين : قيامة خاصة بكل إنسان ، وهى قيامته ساعة موته ، وهى ـ كما قلنا ـ قيامة من عالم النّيام ، عالم الحياة الدنيا ـ ثم قيامة عامة ، وهى التي يبعث فيها الناس جميعا من عالم القبور ، حيث تلتقى الأرواح بأجسادها مرة أخرى ، على صورة يعلمها اللّه سبحانه وتعالى ..أما هذه الحياة التي عاشها الإنسان على هذه الأرض ، فهى اختبار وابتلاء له ، تتكشف فيه حقيقة طبيعته التي أوجده اللّه عليها ..
إنه فى هذه الحياة أشبه بحبة بذرت فى الأرض مع ما بذر من حبوب ، ثم لا تلبث كل حبة أن تكشف عن حقيقتها ، وعن الثمر الذي تثمره ، من جيّد أو ردىء. ، فإذا آن وقت الحصاد ، جمع كل زرع مع ما بشا كله ..
وقد يسأل سائل : ولما ذا هذا البذر والغرس ؟ أليس صاحب البذر والزرع ، هو اللّه سبحانه وتعالى ، وهو سبحانه عالم بما كمن فى هذا البذر من ثمر ؟
والجواب على هذا ، أن علم اللّه سبحانه بالمخلوقات قبل أن تخلق ، هو علم مكنون .. وخلق المخلوقات فى صورها ، وأشكالها ، وأزمنتها ، وأمكنتها هو إظهار لهذا العلم المكنون ، وأنه لولا هذا لما قام الخلق ، ولما اتصف سبحانه بصفة « الخالق » ولظلّ الوجود فى حال كمون .. يقول سبحانه :« هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ » (24 : الحشر).ويقول سبحانه أيضا : « اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ » (1 ـ 2 : العلق) ويقول جل شأنه : « اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62 : الزمر). فكان مما اقتضته إرادة اللّه سبحانه أن يخلق هذا الذي خلق من موجودات وعوالم .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : « الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى » (50 : طه) .. وبهذا صار لكل مخلوق ذاتيته ومكانه فى هذا الوجود. فللحياة حكمة ، وللموت حكمة ، وللبعث بعد الموت حكمة .. « كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ، وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » (28. البقرة) .. « أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (115 : المؤمنون) وقضية الحياة بعد الموت هى مضلّة الضالين ، وهى الغشاوة التي تحجبهم عن اللّه سبحانه وتعالى ، فلا يرون ماللّه سبحانه وتعالى من قدرة ، وأنه سبحانه قادر على كل شىء ، وأن بعث الحياة فى تلك الأجساد الهامدة ، والعظام البالية ، ليس بأبعد فى مجال المنطق الإنسانى ، من خلقها أول مرة ، من تراب ، أو من نطفة من ماء مهبن .. ولكن هل يكون للمنطق مكان عند من ختم اللّه على قلبه وسمعه ، وجعل على بصره غشاوة ؟ « وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً » (41 : المائدة)" [5]
ــــــــــــــــ