تأسيس البيوت على طاعة الله
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لقد كانت بيوت النبي صلى الله عليه وسلم نموذجًا للبيت المسلم، على الرغم من صغر حجمها، وتواضع بنائها فإنها امتلأت بالسعادة والهناء
وظلت المثل الأعلى لبيوت الصحابة -رضوان الله عليهم- ولكل من أراد أن يقيم لنفسه بيتًا من المسلمين بعد ذلك.
فقد قامت بيوته صلى الله عليه وسلم على طاعة الله ورضاه،
فكانت الصورة المثلى للبيت الإسلامي الحقيقي،
قال الله تعالى: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين} التوبة.
وكانت بيوته عليه الصلاة والسلام متواضعة على قدر
حاجته، بسيطة على قدر معيشته، إلا أنها ملئت سعادة، وتمثل فيها رضا أهلها
بقَدر الله ورزقه، وإيمانهم بقوله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا) رواه الترمذي وابن ماجة.
وقد ارتسمت البساطة والقناعة -أيضًا- في بيوت الصحابة رضوان الله عليهم جميعا.
لدا أيها الإخوة الأفاضل
احرصوا على العيش في ظلال القرآن الكريم والسنة الشريفة،
فسعادة
أهل أي بيت ليست بكثرة الأثاث ولا بغلاء المفروشات، وإنما سعادتهم نابعة
من القلوب المؤمنة والنفوس المطمئنة و الرضا بالله ربًّا، وبالإسلام
دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً.
واعلموا أن السعادة الحقيقية في أن تجعلوا من بيوتكم -صغيرة أو كبيرة-
جنة عامرة بالإيمان، هانئة بالقناعة، ترفرف عليها الطمأنينة والسكينة،
حتى تتنسَّموا الأدب الرفيع والسلوك القويم،
و لا تنسوا أن ما أنتم فيه من نعمة من نعم الله التي تستوجب الشكر،
فشكر النعمة ينميها ويزكيها ويزيدها، قال الله تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم} إبراهيم
ولا تنشغلوا بنعيم الدنيا عن طاعة الله، ولا تجعلوا الدنيا همكم الأكبر، الذي يحول بينكم وبين العمل لبيوتكم في الجنة -إن شاء الله-،
وصدق القائل:
لا دارَ للمرء بعد الموت يسكنها
إلا التي كـان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخـير طاب مسكنه
وإن بنـاها بشر خـــاب بانيهــا
ولقد مر الإمام علي بن أبى طالب -رضي الله عنه- على رجل يبني بيتًا، فقال له:
قد كنت ميتًا فصرت حيـًّا وعن قليل تصير ميـــتا
تبني لدار الفناء بيتــــًا فابنِ لدار البقاء بـــيتا
إخوتي في الله
اجعلوا الدنيا في أيديكم لا في قلوبكم،
وظَّفوا كل ما حولكم توظيفًا صحيحًا، واجعلوه مُعينًا لكم على طاعة الله -عز وجل-
و تذكروا دائما الحكمة القائلة:
اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا
نسأل الله تعالى أن يسعدنا جميعا في الدنيا والآخرة