مصري طول شاربه ( 84 ) سـم عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
مصري طول شاربه ( 84 ) سـم ، ويُـكلِّـفه ( 150 ) جنيها شهريا
هذا عنوان صحفي تناقلته بعض الصحف عن رجل مصري اعتنى بشاربه فأطاله حتى بلغ هذا الطول ، وحتى أصبح مفخرة يفتخر بها ، وتتسابق بعض الصحف في تسجيل السبق الصحفي لهذا الخبر الهام !
وتضمن هذا الخبر وإظهاره محاذير منها :
1 – الاهتمام بتوافه الأمور كما هي عادة بعض – إن لم يكن كثير من وسائل الاعلام – ومتابعة غير المفيد بل والضار للأمة ، ويترتب على ذلك إهمال ماهو هام ومفيد .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم :
إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها . رواه الحاكم وغيره وصححه الألباني .
2 – إظهار هذا الأمر على أنه أمر عادي لا يحتاج إلى نكير .
حتى أصبح من الناس من يفتخر بشِاربه ! بل يُوصف الرجال بـ " طوال الشوارب " !!
ولو تأملوا وعلموا من هو طويل الشوارب لما افتخروا به !!! إن هذا الأمر – أيها الكرام - بحاجة إلى نكير لا إشهار وإقرا .
وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس – رضي الله عنه – قال :
وُقّت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة .وقال عليه الصلاة والسلام :
من لم يأخذ من شاربه فليس منا . رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وصححه الألباني .
والناس فيما يتعلق بالشارب طرفان ووسط .
فطرف رباه ونماه واعتنى به !
وطرف حلقـه وأزالــه !
والوسط من حف شاربه فوافق السنة ، ولذا كان الإمام مالك – رحمه الله – يقول :
يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة وهو الإطار ،
وذكر ابن عبد الحكم عنه قال :
وتحفى الشوارب ، وتعفى اللحى ، وليس إحفاء الشارب حلقه ، وأرى أن يؤدب من حلق شاربه .وقال الإمام مالك في حلق الشارب :
هذه بدع ! وأرى أن يوجع ضربا من فعله .وقال ابن خويز منداد قال مالك :
أرى أن يوجع من حلقه ضربا ، كأنه يراه ممثِّـلا بنفسه .وقال أشهب :
سألت مالكا عمن يحفي شاربه ؟ فقال : أرى أن يوجع ضربا ، وقال لمن يحلق شاربه : هذه بدعة ظهرت في الناس .وهدي النبي صلى الله عليه على آله وسلم هو خير الهدي ، وقد كان صلى الله عليه على آله وسلم يحف شاربه ، وربما أمر الحجام أن يأخذ من شاربه .
قال المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – :
ضفت رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم . قال : وكان شاربي قد وفّـى ، فقصّه لي على سواك ، أو قال أقصه لك على سواك . رواه أحمد وأبو داود وغيره ، وصححه الألباني .
وفي رواية قال :
فوضع السواك تحت الشارب فقصّ عليه .والنبي صلى الله عليه على آله وسلم عبّر – فيما يتعلق بالشارب - بألفاظ منها :
( قص الشارب – حفّ الشارب – إحفاء الشارب – إنهاك الشوارب (ولم أرَ في حديث واحد التعبير بلفظ
( حلق الشوارب ) مع أنه صلى الله عليه على آله وسلم عبّر بهذا اللفظ فيما يتعلق بالنسك ، وفيما يتعلق بالعانة .
وعبّر فيما يتعلق بالإبط بالـ
( النتف ) .
فلما تباينت الألفاظ اقتضى الأمر التغاير في الأفعال ألفاظ الشارع مقصودة لذاتها .وكان ابن عمر:
يحفي شاربه حتى يُنظر إلى بياض الجلد ، ويأخذ هذين يعني بين الشارب واللحية .رواه البخاري عنه تعليقا .
وقصّ الشوارب لِـحِـكم منها :1 - مخالفة المشركين ، لقوله صلى الله عليه على آله وسلم :
خالفوا المشركين ، أحفوا الشوارب ، وأوفوا اللحى . رواه مسلم .
وقال أيضا :
جزوا الشوارب ، وأرخوا اللحى . خالفوا المجوس . رواه مسلم .
فالمسلم مُستقل الشخصية ، صاف المعتقد .
2 - ذكر ابن حجر من فوائد وحكم قص الشارب :
الأمن من التشويش على الآكل ، وبقاء زهومه المأكول فيه . وما ذكره ابن حجر ذكره الطبري قبله ، فإنه قال :
وقص الشارب أن يأخذ ما طال على الشفة ، بحيث لا يؤذي الآكل ، ولا يجتمع فيه الوسخ . انتهى .
3 – وأضيف على ما ذُكر : تقذّر الناس له ، بحيث إذا شرب ( طويل الشوارب ) من الإناء وانغمس شاربه في الإناء كره الناس الشرب بعده ، واستقذروه .
ولذا جاء النهي عن النفخ في الشراب والتنفس في الإناء ، لئلا يتأذى الذي يشرب بعده ، ولأمن انتقال الأمراض .
ولو لم يكن في قص الشارب إلا امتثال أمر النبي صلى الله عليه على آله وسلم والاقتداء به
لكفى .
كيف ومن لم يأخذ بشاربه فليس على سنة النبي صلى الله عليه على آله وسلم وليس على هديه ؟
فهذا مما ورد في الشارب في قصّه وحفّـه وهدي النبي صلى الله عليه على آله وسلم فيه ، أحببت إيضاح هذا الأمر ، لأن الناس أُمِروا بإكرام اللحى فما فعلوا ، وأمِروا بإهانة الشوارب فما امتثلوا .
والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم .
وسبحانك اللهم وبحمدك . أشهد أن لا إله إلا أنت . أستغفرك وأتوب إليك