فوائد الزواج المبكر
إن
الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله بعثه بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه
وسراجًا منيرًا ، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ، ونصح الأمة وجاهد في الله
حق جهاده - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم
تسليمًا كثيرًا - . أما بعد :
فمن فوائد الزواج المبكر حصول الأولاد الذين تقر بهم عينه يقول - سبحانه وتعالى - : ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾
. فالأزواج والأولاد قرة أعين ، إذ أن الله - سبحانه وتعالى - وعده أو
أخبره بأن الزواج تحصل به قرة العين ، فهذا مما يشجع الشاب ويقنعه بأن
يقبل على الزواج ﴿ هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ
أَعْيُنٍ ﴾ . كما أن الأولاد أيضًا أخبر الله - سبحانه وتعالى - أنهم هم
شطر زينة الحياة الدنيا : ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا ﴾ . فالأولاد بهم زينة للحياة الدنيا والإنسان يطلب الزينة ،
وكما أنه يطلب المال كذلك يطلب الأولاد لأنهم يعادلون المال في كونهم زينة
الحياة الدنيا ، هذا في الدنيا ، ثم في الآخرة الأولاد الصالحون يجري
نفعهم على آبائهم كما قال - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : علم ينتفع به ، أو صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له ) . فالأولاد إذن فيهم مصالح عظيمة في الحياة وبعد الموت .
كذلك
في الزواج المبكر وحصول الأولاد تكثير الأمة الإسلامية وتكثير المجتمع
الإسلامي ، والإنسان مطلوب منه أن يشارك في بناء المجتمع الإسلامي يقول -
صلى الله عليه وسلم - : ( تزوجوا فإني مكاثر بكم يوم القيامة ) ، أو كما يقول - صلى الله عليه وسلم - .
فالزواج
تترتب عليه مصالح عظيمة منها ما ذكرنا ، فإذا ما شرحت للشاب هذه المزايا
وهذه المصالح فإنها تضمحل أمامه المشكلات التي تخيلها عائقة له عن الزواج .
أما
أن يقال : الزواج المبكر يشغل عن التحصيل العلمي وعن الدراسة ؛ فليس هذا
بمسلم ، بل الصحيح العكس ، لأنه ما دام أن الزواج تحصل به المزايا التي
ذكرناها ومنها السكون والطمأنينة ، وراحة الضمير وقرة العين فهذا مما
يساعد الطالب على التحصيل ، لأنه إذا ارتاح ضميره وصفا فكره من القلق فهذا
يساعده على التحصيل ، أما عدم الزواج فإنه في الحقيقة هو الذي يحول بينه
وبين ما يريد من التحصيل العلمي ، لأن مشوش الفكر مضطرب الضمير لا يتمكن
من التحصيل العلمي ، لكن إذا تزوج وهدأ باله وارتاحت نفسه وحصل على بيت
يأوي إليه وزوجة تؤنسه وتساعده ، فإن ذلك مما يساعده على التحصيل ،
فالزواج المبكر إذا يسر الله وصار هذا الزواج مناسبًا ، فإن هذا مما يسهل
على الطالب السير في التحصيل العلمي ، لا كما تصور أنه يعوقه .
كذلك
قولهم : إن الزواج المبكر يحمل الشاب مؤنة النفقة على الأولاد وعلى الزوجة
إلى آخره ، هذا - أيضًا - ليس بمسلم لأن الزواج تأتي معه البركة والخير
لأنه طاعة لله ورسوله والطاعة كلها خير ، فإذا تزوج الشاب ممتثلاً أمر
النبي - صلى الله عليه وسلم - ومتحريًا لما وعد به من الخير وصدقت نيته
فإن هذا الزواج يكون سبب خير له ، والأرزاق بيد الله - عز وجل - : ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا ﴾
. فالذي يسر لك الزواج سييسر لك الرزق لك ولأولادك ﴿ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ
وَإِيَّاهُمْ ﴾ . فالزواج لا يحمل الشاب كما يتصور أنه يحمله فوق طاقته ،
لأنه يأتي معه الخير وتأتي معه البركة ، والزواج سنة الله - سبحانه وتعالى
- في البشر لا بد منه ، فهو ليس شبحًا مخيفًا وإنما هو باب من أبواب الخير
لمن صلحت نيته .
أما ما يتعللون به من العراقيل التي وضعت في طريق
الزواج فهذه من تصرفات الناس السيئة ، أما الزواج في حد ذاته فلا يطلب فيه
هذه الأشياء ، فضخامة المهر - مثلاً - والحفلات الزائدة عن المطلوب وغير
ذلك من التكاليف هذه ما أنزل الله بها من سلطان ، بل المطلوب في الزواج
التيسير فيجب أن يبين للناس أن هذه الأمور التي وضعوها في طريق الزواج
أمور يترتب عليها مفاسد لأولادهم ولبناتهم وليست في صالحهم ، فيجب أن
تعالج وأن يهتم بمعالجتها حتى تزول عن طريق الزواج وحتى يعود الزواج إلى
يسره وإلى سهولته ، ليؤدي دوره في الحياة .
نسأل الله - سبحانه وتعالى
- أن يمن علينا - جميعًا - بالتوفيق والهداية ، وأن يصلح أحوال المسلمين ،
وأن يصلح شباب المسلمين ، وأن يرد للمسلمين مكانتهم وعزتهم ، كما أن الله
- سبحانه وتعالى - جعل العزة لهم في أول الأمر نسأله - سبحانه - أن يعيدها
وأن يصلح شأنهم ﴿ وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ .
نسأل
الله - سبحانه وتعالى - أن يبصرهم في دينهم ، وأن يكفيهم شر أعدائهم ،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والحمد لله رب
العالمين .