عفوا زوجتي تقبلي عيوبي
"زوجتي العزيزة احرصي على احترامي وتقديري رغم عيوبي واجعلي مني رجلا عظيما، وعندما ألوم نفسي وأحاسبها لأمر ما.. رجاء لا تظهري عيوبي لأنني أعرفها، ولا تذكري أخطائي طوال الوقت لأنني على علم بها، وتذكري الأشياء الجيدة التي أفعلها كما تتذكرين السيئ منها".
هكذا فكر زوج في عتاب زوجته على أحد المنتديات والبوح لها بهذا الهاجس الذي يؤرقه وهو كشف عيوبه والإصرار على تغييرها.
وعيوب الأزواج كثيرة منها العناد.. واللامبالاة.. والعصبية.. والكسل.. والإسراف.. والبخل، قد تتذوق الزوجة مرارة أي منها بجانب حلاوة صفات حسنة كثيرة يتميز بها زوجها، وقد تتقبل إحداهن أحد هذه العيوب وفي المقابل تعلن أخرى الحرب في سبيل التغيير وبأية وسيلة، وفي الحرب الوسائل كلها متاحة..
ولكن هل تستطيع المرأة تغيير طباع زوجها؟ أم أن الطبع يغلب التطبع؟
وهل نجاح العلاقة الزوجية مرهون بتغيير طرف للطرف الآخر؟
"جوزك على ما تحترميه"
تخطئ الزوجة عندما تتصور أنها بإلحاحها تستطيع أن تغير من طباع زوجها، فلا تكف عن البوح بعيوبه ونقاط ضعفه ناسية أو متناسية أن لكل طبيعته الخاصة التي خلق عليها، كما أن لكل منهم شخصيته المستقلة بما تحمله من عيوب ومميزات، واشتراكهم في بعض الصفات والتي كانت من أهم الأسباب التي جمعتهم تحت سقف واحد لا يمنع من وجود اختلافات أخرى.
ولكن الزوجة لا تكف عن ترديد عيوب زوجها خاصة في أوقات الضيق والخلافات الأسرية –وهذا ما أكده الرجال– فبعد أن كان الرجل يسير على درب "سي السيد" جاعلا من زوجته أمينة، نجد المعايير قد تبدلت في ظل الانفتاح الحالي الذي نعيشه، وأصبحت المرأة تعامل زوجها معاملة الند للند، مقتنعة تمام الاقتناع بالمثل الشعبي "جوزك على ما تعوديه" والذي ثبت فشله على صعيد العلاقات الزوجية؛ فالزوج لا يتعود ولا يناسبه التغيير بل يحتفظ بكيانه كشخص مستقل لا يقبل التنازل، على الأقل عند الإصرار من قبل الزوجة على تغييره وفي جو مليء بالمشاحنات والمشاكل.
"هي".. أذكى من "هو"
وعلى الرغم من تأكيد الخبراء أن المرأة تستطيع فهم الرجل بصورة أكبر، حيث أشارت دراسة حديثة للأطباء النفسيين إلى أن الرجل يحتاج لدراسة 50 ألف امرأة من أجل فهم امرأته، في الوقت الذي تحتاج فيه المرأة لدراسة رجل واحد من أجل معرفة رجال العالم أجمع، فإن الخبراء يؤكدون أن الرجل لديه القدرة على التعايش مع المرأة بصورة أكبر منها، وأن المرأة لم تستغل هذا الذكاء الاستغلال الأمثل في محاولة تغيير عيوب زوجها بشكل ودي وفيما بينهما، ولكن طغيان الروتين اليومي وضغوط الحياة منعها من استخدام ذكاءها، فذهبت تؤدي دورها المألوف والمعتاد في التنكيد على زوجها مقتنعة تمام الاقتناع أنها ترتقي به للأفضل!
ولكن هل تفكر الزوجة في مدى تقبل زوجها لمثل هذه المحاولات؟ وما هو رد فعله إزاء هذا الهجوم؟
السيطرة حق مكفول
في بداية حديثه عبر "مروان أسعد" عن غضبه من زوجته التي تلاحقه دائما بعيوبه في الإسراف، حتى باتت تشعره أنها الأقدر منه على تحمل المسئولية التي سلبته إياها فصار يفتقدها، وظهرت هي وكأنها التي تنفق على البيت وهو بعيد كل البعد عن هذا الموضوع.
يقول ساخرا: لا يسعني إلا أن أقول لها "ربنا يخليك لنا، مش عارف إحنا من غيرك كنا هنعمل إيه".
"محمد عبد الله" متزوج ولديه أولاد.. يشكو من زوجته التي ارتبط بها بعلاقة حب استمرت سنوات أكدت له فيها أنها لن تشكو أبدا من مرتبه المتوسط الذي يكفيهم لعيشة مستورة كما يصفها، ولكنها بعد الزواج أصبحت دائمة المقارنة بين مرتبه ومرتب أخيه الذي يفوقه بمراحل، وبالتالي صارت تعامله وكأنه مقصر في حقها بالرغم من أنه يعمل لفترتين، وهذا ما جعله يفقد ثقته بنفسه ويشعر أن الحياة لا معنى لها.
وللهروب من هذه الأزمة حاول العديد من الرجال التفنن في أسلوب الشكوى بما يتلاءم وطبيعتهم، فظهرت هذه الشكاوى على المدونات الإلكترونية وبأسماء وهمية للحصول على التعليقات والردود حول معاناتهم من الزوجات أملا في التوصل إلى حل.
والطريف أن أحدهم تلقى تعليقا من زوجته أظهرت فيه تعاطفها معه وهي لا تدري أن زوجها هو صاحب الشكوى!..
يقول أحدهم على مدونته وسط كلمات كثيرة مليئة بالحب والعتاب في آن واحد: "حاولت مع زوجتي كثيرا لكي أعدل من أسلوبها وطريقة تفكيرها ونظرتها.. بلا فائدة! حاولت أن أفهمها بأنها هي وأولادي هم أول اهتماماتي وبأنهم عندي الدنيا كلها، لكنها لم تقتنع وأصرت على أن في الأمر شيئا وأن وراء الأكمة ما وراءها، بسبب تأخري عن المنزل أو السهر لبعض الوقت مع الأصدقاء يوم إجازتي".
وعن نفس المعنى عبر آخر في مدونته عما يحتاج إليه من زوجته بعد أن اتهمته بعدم الرومانسية أو الاهتمام وبخله في إبداء مشاعره، فكتب قائلا: "هذا ما أتمنى أن تفهميه وأن يصل إليك؛ أنني أعاني من ضغوط نفسية واجتماعية ومالية لا يستطيع أي بشر أن يتحملها، فاتركيني إن شئت ولكن رجاء أخبريني أنك تعرفين وتقدرين معنى هذه الكلمة ومعنى حبي لك".
ماذا يريد الرجال؟
وهكذا نرى أن الرجال لم يعترضوا على توجيه النقد إليهم من قبل زوجاتهم، وإنما يعترضون فقط على الأسلوب وطبيعة الموقف الذي تردد فيه عبارات التجريح، والبوح بالعيوب ومناطق الضعف لديهم على مرأى ومسمع من الغير وخاصة أطفالهم، وأنهم يطالبون بحاجتهم إلى الاهتمام وتعزيز مواقفهم من قبل زوجاتهم حتى يشعرون برجولتهم..
وهذا ما أشار إليه ديفيد هوبكنز في كتابه "الرجال لا يفهمون ولكنهم يستطيعون".. حيث وضع يده على الأسرار التي إذا وضعتها المرأة في الاعتبار حظيت بحياة هنيئة ومستقرة مع زوجها، فالرجل يحتاج إلى التقدير والثقة والقبول والاحترام وإبداء الاستحسان والتشجيع.
نفس المعنى يؤكده دكتور جون جراي في كتابه "رجال من المريخ وامرأة من الزهرة"؛ حيث يكشف لنا عن أهم الأخطاء التي نقع فيها في علاقتنا بالجنس الآخر، فالنساء لا يتوقفن عن تقديم نصائح وتوجيهات لم تُطلَب منهن، مما يتسبب في جرح شعور الرجل وإحساسه بعدم الثقة، فما يحتاجه الزوج من الزوجة هو التقبل والحب وليس النصح والإرشاد.
ويضيف جراي أن من أصعب التحديات التي تواجه علاقاتنا العاطفية هي كيفية التعامل مع الفروق ووجهات النظر المختلفة؛ وأن الاختلاف في وجهات النظر لا يسبب الألم، وإنما الطريقة التي نعبر بها هي التي تسببه.
ويرى أنه بالحب والصبر مع الحوار الهادئ واستدعاء الذكريات الجميلة مع شريك الحياة تصغر العيوب ونصل إلى حياة زوجية مثالية لا تترسخ فيها صورة ذهنية سيئة عن الزوج.
وفي كلمة أخيرة منه للزوجة يقول: "أقترح عليكِ إذا كنت امرأةً، أن تتدربي خلال الأسبوع القادم على الامتناع عن إعطاء أي نصائح لم تُطلَب منكِ، وأن تتوقفي عن توجيه الانتقادات، وسوف تلاحظين أن زوجك لن يكتفي فقط بتقدير ذلك؛ بل سيكون أكثر انتباهًا وحرصًا على رعايتك