ان للنفس اقبال و إدبار ..
أحمدك ربي حمدا كثيرا مباركا يليق بوافر أنعمك علينا وأشهد ألا أله إلا الله شهادة تنجي صاحبها من النار وأشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وتركنا على محاجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزغ عنها إلا هالك فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبة
وبعد
أحباء رسول الله صلى الله عليه وسلم
أردت اليوم أحدثكم بأمر عظيم من الأمور التى قد ترد على النفس والناجي منها - بحول الله وقوته – هو من سلك طريق السلامة
فهناك من يشتكي بأنه أصبح متكاسلا عن العبادة وعن حفظ القرآن وعن حضور مجالس العلم و يشعر بالضيق والهم أو إنه يؤدي العبادات وفقد الروح التي كانت موجودة أولا ،،، أو من سمع من يشتكي ويخشى على نفسه ... فتعالوا معي حفظكم رب الأرباب ندرس الأمر ...
قال المصطفي صلى الله عليه وسلم " إن لكل عملٍ شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك " أي لكل عمل يعمله المرء نشاط وإقبال عليه ثم كل نشطة لها فتور واسترخاء أذن الأمر طبيعي لأن يحدث للمرء فتور ...
أي أن المرء يكون مجتهدا فى بعض أيامه لحد كبير فتأخذه الهمة ويقرأ عدد من الأجزاء فى القرآن يوميا ويحفظ كذا فى يومه ويراجع كذا ويتنفل بكذا ويواظب على صيام
و إني لأعلم أناس يعاملون أنفسهم فى صيام غير الفريضة على أنها فريضة
بل ولا يأخذ بالرخص
ومنهم من تراه يعالج بعض الآلام ولا يُنحيه عن الفطر هذا ... وقد يكون له عدد من الأجزاء قراءة و يشد على نفسه شدا ويكلفها ما لا تطيق
ومنهم من ينكب انكبابا على تحصيل العلم ولا يُجالس أقرب الأقربين
..
ولأن النفس تفتر وهو يدفعها دفع إلى ما لا تطيق فتفقد العبادة أهم جزء منها وهو روحها ... وتتحول العبادة إلى عادة ... فتُصبح الصلاة حركات من قيام وركوع وجلوس والصيام عادة الجوع والأذكار و ...
وهذا ليس فى شرعنا الحنيف فديننا دين الوسطية لم يتعامل مع الجسد و متطلباته على حساب الروح و لا الروح على حساب الجسد فقط ولكن جمع الاثنين
أذن حتى لا تتحول العبادات إلى عادات
أعطى سيدنا علي رضي الله تعالى عنه روشته جميلة فقال : إن للنفس إقبال وإدبار، فإن هي أقبلت فاستكثروا من النوافل، وإن هي أدبرت فألزموها الفرائض.
فإذن وجدت الفتور عليك بالفرئض ...
جميل ولكن لا يوسوس لك الشيطان ويُبقيك فى الفتور زمنا وتقول والله أنا عندي فتور والعلاج إني على الفرائض فقط وتدع الأمر دون علاج
وإلا والعياذ بالله تهاون بك الحال إلى التعدي على الفرائض
إذن تقول أنت جعلتنني فى حيرة ماذا أفعل ؟؟
سأقسم الأمر لحالتين
1- زمن الفترة قليل
2- زمن الفترة طويل
** فى حالة زمن الفترة القليل كيف أتعامل مع نفسي حتى أدفع إلى ما لا تطيق
قال المعصوم صلى الله عليه وسلم { خذوا من الأعمال ما تطيقوا إن الله لا يمل حتى تملوا } فعند إقبال نفسك فلا تغلق عليها وتقول كفى حتى لا تمل .. لا ولكن اجتهد تلك ضرورة الإسلام وشرته فهنيئا لك بهذا
وإذا وجدت مقدار حفظك هذا اليوم كبير وهناك شهية للمزيد ولا يوسوس لك الشيطان والعياذ بالله كفى حتى تتمكن من الإتقان .. لانك يا عبد الله سوف يأتي عليك إدبار أو تمرض حفظك الله أو شواغل الحياة من مشكلات و ... فقد لا تستطيع حفظ الآيتين فأخذت بذلك من نشاط لكسلك ومن صحتك لمرضك ومن فراغك لشغلك ولم يضيع عليك شئ
وهكذا فى كل أعمالك ..
وهذا وارد به أمثله كثيرة من السنة النبوية ومنها
عن أنس رضى الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا حبل ممدود بين ساريتين، فقال: "ما هذا الحبل؟" قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت به، فقال صلى الله عليه وسلم "حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد
** أما فى حالة زمن الفترة طويل علي المرء الأتي
1- يعلم انه في ابتلاء شديد ومن كان فى ابتلي وقف بباب مولاه { أم من يجب المضطر إذا دعاه } فألح على المولى جلا فى علاه فإنه قريب سميع مجيب
2- يعلم أن هناك شئ أصاب قلبه : فإن القلوب لتصدأ وجلاؤها الذكر والاستغفار فعليك بهما حتى يجلى قلبك
3- ذكر الموت فطول الأمل يجعل القلوب قاسية { ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون }
4- الإكثار من دعاء " اللهم جدد الايمان فى قلبي " ، وكذا " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك "
5- لزوم رفقة صالحة
6- المداومة على مجالس العلم ،، والالتحاق بحلق القرآن
7- تحري الحلال فى المكسب والمطعم
8- التدرج فى أخذ النوافل شيئا فشيئا إلى أن تعود إلى ما كنت عليه من استحضار قلب وخشوع وإقبال
9- الصبر ومقاومة هوى النفس والشيطان فاعلم أن جهاد النفس عليه مثوبة كبيرة واعلم أن كلنا ذو ابتلاء واعلم إنك بعد الاجتهاد ستهتدي { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين }
وهناك طرق للوقاية هى
أولا : ضع عينيك دائما على محط نظر الله ان الله لاينظر الى أجسامكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم وأعمالكم ..عليك بتجديد النية وتجريدها ولا يصيبك العجب بما تعمل وإذا رأيت في نفسك الأقبال وحب العبادة والخشوع والحضور وعدم الغفلة فاعلم يا عبد الله أنك في نعمه ووالله إن هذا من فضل الله ومن نعمه عليك
ونحن نعلم إن النعم لا تدوم إلا بم ؟؟؟
بالشكر { ولئن شكرتم لأزيدنكم } فاحمد لله عليها كثيرا
ثم عليك بدعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو من هو
ماذا قال حبيبك صلى الله عليه وسلم ؟؟
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ... قل اللهم آمين فلا حرج على فضل الله
وكذا قال صلى الله عليه وسلم { إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم }فليكن دعائك دائما
اللهم جدد الإيمان فى قلبي ... اللهم آمين
وتجنب أمور عدة منها
1- المعاصي و الذنوب فإنها سبب لران القلب
2- كثرة الأكل .
3- كثرة مخالطة الناس وفضول الكلام معهم وقيل وقال فإن الصالحين كان تُعد كلماتهم على الأصابع
ورحم الله أمام أهل السنة الأمام احمد بن حنبل فى مرض موته قال : آه يشتكي ما به
فقال له أحد تلاميذه : حتى الآه تُكتب يا إمام فما قالها إلى أن مات
وما لنا لا تكف ألسنتنا عن الكلام فى غير حاجة له ...
4- عدم غض البصر فإنه يورث وحشه فى القلب
5- وأمور أخرى وأجملها في عدم مراعاة النواهي التي نهاك عنها رب العالمين
بالسير على ما قلنا وبالله التوفيق تظل على ما انت عليه بل وتزداد بحول الله وقوته إلى أن تصير الشرة تلك هي دأبك...
هذا والله تعالى أعلى وأعلم وما كان فيه من خطاء فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه
وآخر دعوانا أن الحمد لله وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقووووووول