ما المقصود بالفتن التي القاعد فيها خير من القائم ؟
ما المقصود بالفتن التي القاعد فيها خير من القائم ؟
دعونا
نعرف ما المقصود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عندما أخذ من النبي صلي
الله عليه وسلم حديثا يتعلق بفتن كثيرة سوف نراها ، وأن الجالس خير من
الواقف ، والواقف خير من الماشي ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الحديث المقصود هو ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
(
سَتَكُونُ فِتَنٌ ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ
، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي ،
وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي ، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ
، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ) رواه البخاري
(3601) ومسلم (2886)
وقد
روي نحو هذا الحديث عن جماعة كثيرة من الصحابة رضوان الله عليهم .
قال
الإمام الترمذي رحمه الله – بعد أن روى نحو هذا الحديث من رواية سعد بن أبي وقاص
رضي الله عنه - :
"
وفي الباب عن أبي هريرة ، وخباب بن الأرت ، وأبي بكرة ،
وابن مسعود ، وأبي واقد ، وأبي موسى ، وخرشة " انتهى.
ومن
أحب أن يطلع على نصوص هذه الأحاديث فليرجع إلى كتاب " إتحاف الجماعة بما جاء في
الفتن والملاحم وأشراط الساعة " للشيخ حمود التويجري رحمه الله ، في باب " ذكر
الفتن والتحذير منها والأمر باعتزالها وكف اللسان واليد فيها " (1/26-51)
ثانيا :
قال
الحافظ ابن حجر رحمه الله ، في شرح معاني الحديث :
"
قوله : ( من تَشَرَّفَ لها ) أي : تطلَّع لها ، بأن يتصدى ويتعرض لها ولا يعرض عنها
...
قوله : ( تستشرفه ) أي : تهلكه ، بأن يشرف منها على الهلاك ، يقال استشرفت الشيء
علوته وأشرفت عليه ، يريد من انتصب لها انتصبت له ، ومن أعرض عنها أعرضت عنه .
وحاصله : أن من طلع فيها بشخصه قابلته بشرها .
ويحتمل أن يكون المراد : من خاطر فيها بنفسه أهلكته ، ونحوه قول القائل : من غالبها
غلبته.
قوله : ( فمن وجد فيها ملجأ ) أي يلتجئ إليه من شرها .
قوله : ( أو مَعاذا ) هو بمعنى الملجأ .
قوله : ( فليعذ به ) أي : ليعتزل فيه ليسلم من شر الفتنة .
ووقع تفسيره عند مسلم في حديث أبي بكرة ، ولفظه : ( فإذا نَزَلَت فمن كان له إبل
فليلحق بإبله - وذكر الغنم والأرض - قال رجل : يا رسول الله ! أرأيت من لم يكن له ؟
قال : يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع ) " انتهى.
"
فتح الباري " (13/30) ، وينظر " شرح مسلم " للنووي (18/9) .
ثالثا :
المراد بهذه الفتن ما يكون بين المسلمين من القتال بالبغي والعدوان ، أو التنازع
على أمور الدنيا ، دون أن يتبين أي الفريقين هو المحق ، أو أيهما هو المبطل .
قال
الإمام النووي رحمه الله :
"وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( القاعد فيها خير من القائم ) إلى آخره ، فمعناه
بيان عظيم خطرها ، والحث على تجنبها ، والهرب منها ، وأن شرها وفتنتها يكون على حسب
التعلق بها" . انتهى.
"
شرح مسلم " (18/9-10) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"
قوله : ( والقاعد فيها خير من القائم ) حكى ابن التين عن الداودي أن الظاهر أن
المراد من يكون مباشرا لها في الأحوال كلها ، يعني أن بعضهم في ذلك أشد من بعض ،
فأعلاهم في ذلك الساعي فيها بحيث يكون سببا لإثارتها ، ثم من يكون قائما بأسبابها
وهو الماشي ، ثم من يكون مباشرا لها وهو القائم ، ثم من يكون مع النظَّارة
[
يعني : المتفرجين ]
ولا يقاتل وهو القاعد ، ثم من يكون مجتنبا لها ولا يباشر ولا ينظر وهو المضطجع
اليقظان ، ثم من لا يقع منه شيء من ذلك ولكنه راض وهو النائم .
والمراد بالأفضلية في هذه الخيرية من يكون أقل شرا ممن فوقه على التفصيل المذكور .
وفيه التحذير من الفتنة ، والحث على اجتناب الدخول فيها ، وأن شرها يكون بحسب
التعلق بها . " . انتهى باختصار.
"
فتح الباري " (13/30-31) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب