ابنة التاسعة والصبي المميز
إبنة التاسعة والصبيّ المميّز
مَن هو الصبيّ المميّز؟
هو الذي تفتّح وعيه، ونضجت
مداركهُ نُضجاً أوّلياً بحيث بدأ يعرف بعض مفاهيم وعقائد الإسلام وأحكامه
معرفة إجمالية، ولأنّه كذلك لا يجوز له النظر إلى عورات النساء.. إنّه من
(الذين لم يبلغوا الحُلم) حسب التعبير القرآني، ولابدّ لهم أن يستأذنوا
لدخول غرفة نوم والديهما.
الصبيّ المميّز لم يبلغ النضج الجسدي بعد،
لكنّه يشاطرُك في أنّه هو الآخر مهيّأ للعمل، فعباداته مقبولة إذا كانت
صحيحة، وكان يتقرّب بها إلى الله، رغم أنّها ليست واجبة عليه.
لا
تستوحشي إذاً.. الصبيان المُميِّزون الذين يدرجون في طريق المسؤولية..
وصديقاتكِ من بنات جنسك يتذوّقون مثلك حلاوة العهد الجديد.. وكلّما اشتركنا
في عمل حسنا بلذّته.
إنّ تقبّلُك لدوركِ كامرأة وسرورك بذلك، سوف يعطي
لحياتك نكهة أخرى.
أتذكرين يومَ كنتِ تلاعبين دميتك الصغيرة على أنّها
ابنتكِ.. وكيف كنتِ تحاولين الإعتناء بها، كإرضاعها وتنويمها، وتمشيط
شعرها، وتحميمها.. تلك لم تكن مجرد لعبة للتسلية.. هي شعور داخلي أنّ
الصغيرة التي هي أنتِ، ستصبح بعد وقت أمّاً، وهذه المشاعر الناعمة البريئة
الرقيقة والصغيرة ستنمو وتكبر معك لحين تصبحين أُمّاً حقيقية..
وأن
تُصبحي أُمّاً يعني أنّك ستساهمين في بناء بيت سعيد أنتِ أحد أهم طرفين
فيه.. إنّه مملكتكِ المنتَظرة.. وبقدر ما تكونين مستعدةً لهذا البناء
العظيم: ثقافةً، ووعياً، وعاطفةً، وسلوكاً، أمكنَ أن تتصوّري جنّتك
المستقبليّة.
فما ترسمهُ أحلامُك كمراهقة ليس كلّه "أحلام يقظة".. بعضهُ
أمنيات يمكن أن تتحقّق.
لكنّ الإستغراق في الأحلام وحده لا يبني
بيتاً.. ولا يُنشئ أسرة.. نعم، إنّه يبني بيتاً في الخيال فقط، وبيوت
الخيال كبيوت الرمال تذوب وتضمحل عند اندفاع أوّل موجة ماء!
بناء جنّتك
الصغيرة.. يتطلّب إمرأة عاملة نشيطة مؤهلة تأخذ منذُ الآن دروساً في
(الإدارة المنزلية) و(الرعاية الأسريّة) وعلى (فنّ الحياة الزوجية).. لا
تذهبي بعيداً.. المثالُ الأقربُ لكِ ومنك هو أُمّك.. انظري إلى هذه التي
تقدّم غاية مجهودنا وبكامل الحبّ والسخاء لعائلتها وبيتها.. إنّها مدرسة
يمكن أن تتعلّمي فيها الدروس الأولى للزوجة الصالحة، والأُم الصالحة،
والصديقة الصالحة.. دروس مجانيّة لكنّها قيِّمة.. إطرحي عليها أسئلتكِ..
لتكن مُستشارتك الخاصة.. أمنية أسرارك.. وصديقتك المخلصة.. لا تستصغري ما
لديها من تجارب.. ولا يخدعنّك القول بأنكِ من جيل وهي من جيل.. الكثير من
الأمور هي نفسها، حتى إذا تغيّر العصر واختلفت متطلباته، فالحياة لا تتغير
كلياً.. هناك ثوابت.. بإمكانك أن تأخذي عن أُمّك الكثير ممّا هو غير قابل
للتغيير.. كإخلاصها، ووفائها، وتفانيها، ورعايتها لك ولإخوانك وأخواتك..
وسهرها على راحة الأسرة وسعادتها،