دروس من قصة نبي الله موسى -عليه السلام- (2) (خطبة مقترحة)
دروس من قصة نبي الله موسى -عليه السلام- (2) (خطبة مقترحة)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة الخطبة:
ـ تذكير موجز بما سبق من رعي موسى -عليه السلام- غنم الرجل الصالح عشر سنين: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ... ) (القصص:29).
ـ الإشارة إلى فضل رعي الغنم في حياة الأنبياء: قال النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلا رَعَى الْغَنَمَ). فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ) (رواه البخاري)، وقال -تعالى-: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) (طه:39).
عناصر الخطبة:
1- بدء الوحي والتكليم:
- موسى -عليه السلام- يحن إلى أمه ورحمه، فيسير بأهله جهة مصر متخفيًا ومعه غنم وولدان: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ) (القصص:29).
- موسى -عليه السلام- وأهله يتيهون عن الطريق في ليلة مظلمة باردة: (وَهَلْ
أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى . إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا
إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ
عَلَى النَّارِ هُدًى) (طه:9-10).
- النداء من جهة الشجرة المباركة والتكليم: (فَلَمَّا
أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ
الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ
رَبُّ الْعَالَمِينَ) (القصص:30)، (فَلَمَّا
أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى . إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ
إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى . وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ
لِمَا يُوحَى . إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (طه:11-14).
فائدة: "تكليم الله بعض عباده":
(وَمَا
كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء
حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ
عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الشورى:51).
- آدم -عليه السلام-:
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَجُلا أتَىَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمْ-، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَبِيًّا كَانَ آدَمُ؟
قَالَ: (نَعَمْ. مُكَلَم) (رواه الحاكم، وصححه الألباني).
- محمد -صلى الله عليه وسلم-: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (النجم:10)، وحديث المعراج وفرض الصلاة.
ـ عبد الله بن حرام:
عن جابر -رضي الله عنه-: لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ
حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (يَا جَابِرُ أَلا أُخْبِرُكَ مَا قَالَ اللَّهُ لأَبِيكَ)؟ وَقَالَ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ فَقَالَ: (يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا)؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ عِيَالا وَدَيْنًا. قَالَ: (أَفَلا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ)؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: (مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا) (رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني).
2- المعجزات والإمدادات الخارقة للحجة على المكذبين:
أ- معجزة العصا: (وَمَا
تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى . قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ
عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى .
قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى . فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى) (طه:17-20)، (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) (النمل:10)، قال المفسرون: "انقلبت حية عظيمة لها ضخامة هائلة وأنياب تصك". (قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى) (طه:21).
ب – نور اليد وبياضها: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) (النمل:12).
قيل: السوء الذي كان أصابه لما تناول الجمرتين وترك اللؤلؤتين لما اختبره الفرعون، كما جاء في حديث الفتون.
فائدة: رجل من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- يُعطى نورًا في وجهه، وهو الطفيل بن عمرو -رضي الله عنه-.
3- الأمر بالذهاب إلي الفرعون:
- الدعوة وإقامة الحجة: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى . فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى . وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى) (النازعات:17-19).
- موسى -عليه السلام- يخشى بطش فرعون: (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ) (القصص:33).
- موسى -عليه السلام- يشفع لهارون -عليه السلام- في الرسالة: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي) (القصص:34).
- منة الله على أخيه: (قَالَ
سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا
يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا
الْغَالِبُونَ) (القصص:35).
4- المواجهة والدعوة:
- موسى -عليه السلام- يطلب لقاء فرعون، ويعرض عليه الدعوة بالحسنى: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً) (طه:43-44)، قال قتادة: "يا رب إن كان هذا حلمك برجل قال: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) (النازعات:24)، فكيف يكون حلمك بعبد سجد لك وقال: سبحان ربي الأعلى!".
- طلب إطلاق بني إسرائيل: (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ) (طه:47).
- الفرعون يتنقص موسى وهارون -عليهما السلام-: (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) (الشعراء:18).
- ثم ينتقل إلي التشويه: (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (الشعراء:19).
- موسى -عليه السلام- يرد شبهته بأن ذلك لا يساوي شيئًا مما فعلت أنت: (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ) (الشعراء:22).
- الفرعون يشغب: (قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى) (طه:49)، (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً) (النمل:14).
- موسى -عليه السلام- يرد بالحجة: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) (طه:50).
- الفرعون يشغب بأن هناك في السابقين من عبد غير ربك: (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى) (طه:51).
- موسى -عليه السلام- يرد بالحجة بأنهم وإن أشركوا مثلك فليس ذلك حجة لهم، فكل شيء مكتوب عليهم: (قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى) (طه:52).
- الفرعون يطعن في عقل موسى -عليه السلام-: (قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ) (الشعراء:25)، (قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) (الشعراء:27).
5- موسى -عليه السلام- يعرض الآيات والبيانات:
- موسى -عليه السلام-: (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ) (الشعراء:30).
- فرعون: (قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (الشعراء:31).
- الآيات: (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ) (الشعراء:32)، (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ) (الشعراء:33).
- والفرعون في خوف وذعر: (قَالَ
أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى .
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ
مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنتَ مَكَاناً سُوًى . قَالَ
مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) (طه:57-59).
-
وهكذا تم الاتفاق على أن يكون لقاء التحدي على أعين الناس في يوم الزينة،
الفرعون أمر بجمع السحرة وحشد الجماهير يظن الغلبة على موسى -عليه
السلام-، وموسى -عليه السلام- يستعين بربه وسلطانه، وليشهد الناس على ذلك
فيؤمنوا كما فعل "غلام أصحاب الأخدود".www.salafvoice.com
موقع صوت السلف