محفزات لحفظ القرآن في الحلقات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإنّ القرآن الكريم مصدر عزتنا، ومنبع قوتنا، وسر
نهضتنا.
وكلما تمسكنا بأحكامه: عزت الأمة وسادت، وكلما
ابتعدت الأمة عنه: ذُلّت وهانت.
ولذا فحريٌّ بأهل الإسلام أن يربّوا أنفسهم أولاً،
ثم فلذات الأكباد ثانياً على ملازمة كتاب الله - تعالى -، فيحفظوا آياته،
ويعملوا بحدوده، ويتأدبوا بآدابه.
وإن من المشاهد في حلقات تحفيظ القرآن الكريم ضعف
همم كثيرٍ من أبنائنا عن حفظ كتاب الله - تعالى -، وفتور عزائمهم،
وانصرافهم للعبث واللعب.
وهذا أمرٌ يثير في قلوب أهل الغيرة الحمية: إذ كيف
تضيع تلك الجهود العظيمة، والطاقات الكبيرة دون أن تستثمر الاستثمار
النافع، الذي ينفع الأمة في مستقبلها، ويعود عليها بالخير العميم، والنفع
العظيم؟!.
ولذا كتبت هذه الورقات؛ ذاكراً فيها بعض المحفّزات
التي تشجع طلاب التحفيظ على حفظ كتاب الله - تعالى -، وبذل الجهد والاجتهاد
في تعلمه، وإتقان تلاوته.
وهذا أمر مهم للغاية، وينبغي للقائمين على مدارس
تحفيظ القرآن الكريم أن يعتنوا بهذا الجانب، لأنه - ومن خلال التجربة -
يحقق مكاسب عظيمة، ونتائج باهرة في نشاط الطلاب، وجدهم واجتهادهم.
وها قد حان الأوان لذكر بعض تلك المحفزات، فأقول
وبالله التوفيق:
• أولاً: وضع
بطاقات:
هذه البطاقات توضع إمّا على ثلاث مراحل، أو مرحلتين
وتسمى كل بطاقة باسم معين: (مثال: البطاقة الماسية، البطاقة الذهبية،
البطاقة الفضية). أو نحوها من الأسماء.
يتم تغليف هذه البطاقات، ويكتب في خلفها بعض
الأذكار، أو الآداب التربوية، فإذا استطاع الطالب أن يحصل على تقدير امتياز
طوال أيام الدراسة فإنه تعطى له البطاقة الفضية مثلاً، ويتم تخييره؛ فإن
أراد المواصلة للأسبوع الثاني، وإلا صُرِفت له جائزة متواضعة، فإن واصل
للأسبوع الثاني يتم أيضاً يُعطى البطاقة الذهبية، فإن أراد المواصلة وإلا
صُرفت له جائزة أفضل من الأولى، فإن واصل يُعطي الجائزة الماسية، وتُصرف له
جائزة قيمة جداً، حتى تحفز الطلاب للمواصلة والحفظ.
• ثانياً: تقسيم
الحلقة:
ومن المحفزات: تقسيم الحلقة إلى مجموعتين، ومحاولة
العدل في القسمة من جهة قوة الطلاب في الحفظ وضعفهم، بحيث يدفع القوي
الضعيف للحفظ، ويحفزه.
وتجرى مسابقة: أيّ المجموعتين تنتهي من حفظها قبل
المجموعة الأخرى؟!.
وهذه المسابقة تثير الحماس بين الطلاب، وتجعل الضعيف
يتشجّع للحفظ.
ويمكن أيضاً أن تُجعل مسابقةٌ في نهاية الأسبوع بين
المجموعتين، بحيث يكون المعلم هو الحكم، وكل مجموعة تختبر المجموعة الأخرى،
ويكون الاختبار في حدود ما جرى حفظه خلال الأسبوع.
• ثالثاً: لوحة
النسب المئوية:
ومن المحفّزات أيضاً: وضع لوحة شهرية على هيئة النسب
المئوية.
فيوضع اسم كل حلقة، ويكون التقييم على حفظ الطلاب، و
حضورهم للحلقة، والأنشطة المبتكرة.
وهذه المسابقة - مع حسن تفعيل الإدارة لهذا المحفّز-
تحدث تغييراً عجيباً في نفسيات الطلاب، بل حتى على معلمي الحِلَق، فإن
الطلاب أحياناً يثيرون المعلم الخامل للحماس حتى لا تكون حلقتهم دائما في
المؤخرة.
والحلقة الفائزة تُكرّم: إما برحلة خلوية، أو ببعض
الجوائز، أو نحو ذلك.
وأقول: إن كتابة اسم الحلقة في الصدارة يُعدُّ من
الجوائز القيمة التي تؤثر إيجاباً في نفسية الطلاب.
• رابعاً: بطاقات
وعبارات:
ومن المحفّزات: كتابة بعض العبارات على بطاقات، بحيث
تكون جميلة وجذابة، وذات ألوان براقة، وتعلّق على الطالب، ويُكتب فيها
مثلاً: (طالب متفوق في القرآن، أو شبل القرآن، ادعوا له) أو نحو ذلك من
العبارات التي تدل على التمييز بين الطلاب.
وتبقى هذه البطاقة مع الطالب لمدة ثلاثة أيام، تزيد
أو تقل، وذلك على حسب جد الطالب واستمراره في التميّز والإبداع.
• خامساً: القراءة
الأسبوعية:
ومن المحفزات أيضاً: اختيار طالبين، ويكون الاختيار
من خلال المجموعتين، بحيث يكون الأول من المجموعة (أ) والثاني من المجموعة
(ب).
ويقرأ هذان الطالبان بعد صلاة العصر أمام جماعة
المسجد، وتسلم الجائزة لهما، ولكن يُقيم الطالب في الحلقة: أيهما أفضل؟!
بحيث يثير الحماس بين المجموعتين، ويجعل حق الاختيار للمتقدم للقراءة راجع
إلى كل مجموعة من أجل أن يشجع بعضهم بعضاً.
• سادساً: الكأس
لمن؟!:
ومن المحفزات والتي لا تكلّف إدارة الحلقة سوى
اليسير من المال، وهي مسابقة: لمن الكأس؟!.
حيث يُشترى عدد من الكؤوس، وتُعطى كجائزة، وتسترجع
بعد تسليهما للطالب، وهي مثيرة للحماس والتنافس بين الطلاب.
وطريقتها: الطالب المثالي في الحلقة يُعطى كأساً
جائزةً على انضباطه في الحفظ، وحسن سلوكه في الحلقة.
تُسلّم الجائزة يوم الأربعاء أو الثلاثاء، على أن
يعيد الفائز الكأس يوم السبت، بحيث يراه الطلاب في الحلقة، وكذلك يراه
إخوته ووالداه في المنزل.
• سابعاً: من يبدأ
أولاً؟!:
يعاني كثيرٌ من معلمي الحِلَقِ من تقدّم الطلاب
لتسميع الواجب اليومي عليهم، حتى إذا بقي دقائق من الانصراف تكالب الطلاب
عليه.
وعلاجاً لهذه القضية يقال للطلاب: الذي يبدأ أولاً
هو الذي يكون على يمين الحلقة، فيسارع الطلاب ليأخذ كلٌّ مكانه، فالأول
الذي يكون بقرب المعلم، وهكذا الذي بعده، والذي بعده.
حريٌّ بأهل الإسلام أن يربّوا أنفسهم أولاً، ثم
فلذات الأكباد ثانياً على ملازمة كتاب الله - تعالى -، فيحفظوا آياته،
ويعملوا بحدوده، ويتأدبوا بآدابه.