انحلال الدم الجنين الناجم عن الضد Anti Rho D
انحلال الدم الجنين الناجم عن الضد Anti Rho D
باستثناء مناطق
شرق آسيا كالصين واليابان حيث يكون العامل Rho (D) في دمائهم بنسبة 99%
فإنّ بقية سكـّان المعمورة تحمل كرياتهم الحمر هذا العامل بنسبة تقدّر
وسطياً بـ 85%، فهم موجبون بالنسبة له أي هم Rho (D) Positive، وأما النسبة
الباقية والبالغة 15% تقريباً من سكـّان الأرض، فلا تحتوي كرياتهم الحمر
على هذا العامل فهم سلبيون بالنسبة له، ويقال عنهم إنهم Rho (D) Negative
فإذا كان الزوج Rho (D) Pos وكانت زوجته Rho (D) Neg فالجنين يمكن أن يرث
العاملRho (D) من والده. فإذا كانت المرأة خروساً (الخروس هي المرأة الحامل
لأول مرة) ولم يسبق أن نـُـقل لها دم لغاية ما، ولم يكن عندها مرض نسائي
يمنع وصول الحمل إلى تمامه، فالعادة أن تضع جنيناً حياً سليماً من هذا
المرض. أمّا في الحمول القادمة فقد لا تلد هذه المرأة جنيناً سليماً إذا
كانت تحمل الاستعداد للتحسّس.
قلنا إنّ 15% من النساء هن Rho (D)
Negative ولأسباب سنذكرها بعد قليل فإنّ 5% فقط من النساء السلبيات هن
القابلات للتتحسّس، والباقيات لسن بقابلات للتحسّس إطلاقاً. وبكلمة أخرى
إنّ 0.15 × 5 ÷ 100 = 0.0075 هي نسبة النساء القابلات للتحسّس، وهذا يعني
أنّ 75 امرأة سوف تتحسّس من أصل كل عشرة آلاف ولادة طبيعية، وبصورة تقريبية
ولسهولة الحساب يمكن القول إنّ امرأة واحدة سوف تتحسّس من أصل كل مائة
ولادة. ولأسباب أخرى اطمئن النساء السلبيات بالنسبة إلى هذا العامل، وأهدئ
روع أزواجهن بأنّ تغيير دم الطفل المصاب بهذا الداء لا يكون ضرورياً إلاّ
بنسبة ولادة واحدة من أصل كل ثلاثمائة ولادة طبيعية. وتتلخص أهم الأسباب
لتي تساعد على انخفاض نسبة الإصابة بهذا المرض أو التي تجعله خفيف الشدّة
بما يلي:
1- عدم تجاوب جسم المرأة السلبية لهذا العامل Rho (D).
2-
كون الزوج متغاير الزيجو بالنسبة للعامل (D) (أي هو Heterozygous D/d)
وبحسب قانون الوراثة، فإنّ نصف ذريته يمكن أن تكون سلبية عامل الـ Rh أي
ستكون (d/d) وبالتالي فهي لن تتحسّس.
3- كون النمط الجيني (الوراثي)
Genotype للزوج من نوع R1 r (أي DCe/dce) وليس من النوع R2 r أكثر إثارة
للتحسّس من الـ R1 r، لأنّ الكريات الحمر في R2 r تحتوي من المواضع
المستضدية Antigen Sites أكثر مما تحتوي عليه الكريات في الـ R1 r.
4-
ميل بعض الأسر إلى تحديد النسل سواء أكان عن طريق تناول مانعات الحمل أم عن
طريق تبعيد الزمن بين الحمل والحمل، وهذا الإجراءان قد يتيحان الفرصة لبدن
الأم المتحسّسة للتخلـّص نسبياً من الأضداد، فينقص عيارها (مقدارها)
Titer، ولو أنّ معظمها يبقى عالياً مدة طويلة. لهذا ينصح العالم Kelsall
بالتريث بين الحمل والآخر حتى يهبط عيار الأضداد في مصل المرأة إلى مستوى
منخفض، وعند ذلك يكون الأمل كبيراً في إنجاب طفل سليم.
وقد روى على ذلك
حادثة كانت فيها الأضداد عالية جداً 1 ÷ 1024 وانتهت الولادة بجنين متعطن
ميت، إلاّ أنّ هذه المرأة بعد سنتين لم تتعرض خلالهما إلى أي نوع من
التحسّس (كنقل الدم أو الحمل) فقط هبط عيار الأضداد في مصلها إلى 1 ÷ 16،
ثم حملت فارتفع عيار الأضداد إلى 1 ÷ 128 فقط، ثم أُجريت لها ولادة مبكرة
وأنجبت طفلاً حياً.
5- عدم إصابة الوليد بفقر دم شديد، كأن يكون مقدار الهيموكلوبين في الحبل السري أعلى من 15 غ%.
6- تمتّع كبد الوليد بقدرة ابتدائية كافية على استقلاب وإفراز البيليروبين.
7- ولادة الجنين في تمام الحمل.
8-
إنّ وجود ولادة سابقة بجنين حي (ولو احتاج إلى معالجة) عند المرأة
المتحسّسة هو علامة حسنة في قدرة هذه المرأة على أن تنجب في المستقبل
حمولاً يمكن أن تصل إلى تمام حملها، وتشفى بالمعالجة (إذا لم يكن ازدياد
الأضداد ملحوظاً ومستمراً).
9- اختلاف الزمرة الدموية بين الزوجين ABO
incompatibility: في هذه الحال تكون درجة تحسّس المراة السلبية للعامل Rh
أقل حدوثاً، مما لو كانت زمرة الوالدين متوافقة Compatable. وتعليل ذلك هو
انحلال الكريات الحمر التي يمكن أن تتسرب من الجنين إلى دوران الوالدة.
التشخيص
الفحوص المخبرية التي تشخص هذا الداء:
بالإضافة إلى أنّ كل انسان يجب أن يعرف زمرة دمه وعامل الريزوس ففي حالة الحمل تصبح الفحوص الآتية ضرورية:
1- تحديد زمرة وعامل الريزوس لكل امرأة حامل. إذا كانت المرأة الحامل Rho (D) pos، فلا حاجة لإجراء أي اختبار آخر.
2-
إذا كانت المرأة الحامل Rho (D) Neg فيجب فحص زوجها، فإذا كان سلبياً فلا
حاجة لإتمام بقية الاختبارات. أمـّا إذا كان موجباً فيـُفضـّل معرفة ما إذا
كان متغاير الزيجوت أو موافقها.
3- إذا كانت المرأة الحامل Rho (D) Neg وكان زوجها Rho (D) Pos فعند ذلك يجب إجراء فحوص التحسّس على مصلها.
4-
إذا كانت فحوص التحسّس سلبية، فيجب إعادتها في الشهر السابع والنصف (أي في
الأسبوع الثلاثين) وفي الشهر التاسع (أي الأسبوع السادس والثلاثين) فإن
بقيت سلبية فالمرأة غير متحسّسة، ولن يصاب جنينها بهذا الداء.
5- إذا
كانت فحوص التحسّس إيجابية، فيجب إعادتها في أوّل الشهرين السادس والسابع،
ثم تعاد مرّة كل أسبوعين بعد ذلك حتى زمن الولادة، وتعاير الأضداد بالوقت
نفسه.
6- إذا كانت الأضداد تزداد بسرعة وبشكل مضطرد، فالجنين مصاب إصابة
شديدة، وعندها تـُنصح الحامل (وزجها) بتحريض المخاض في الأسبوع السابع
والثلاثين ويُغيـَّر دم الجنين. أمّا إذا كان عيارها ثابتاً فالجنين سيصاب
بهذا المرض غالباً.
7- معايرة الأضداد: إنّ ارتفاع الأضداد في مصل
المرأة الحامل علامة لا تبشر بالخير، إلاّ أنـّه لا يجوز عدّها العلامة
الوحيدة لتقدير شدّة الآفة. إذ يمكن تعليل ذلك بوَلـَع وشدة الأضداد
بمستضداتها Affinity and Avidity، لأنّ تفاعل الأضداد مع مستضداتها يختلف
من حالة إلى أخرى. ولنذكر على ذلك المثال الآتي: قد يكون عيار الأضداد عند
حامل متحسّسة هو 1 ÷ 256، وعند أخرى 1 ÷ 16، فيظن لأوّل وهلة، وهذا صحيح في
معظم الحالات، أن إصابة جنين المرأة الأولى أشد وأقوى من إصابة جنين
المرأة الثانية، إلاّ أنـّنا عملياً وبعد ولادتهما قد نشاهد العكس، فالوليد
الأوّل مصاب إصابة خفيفة ويشفى بعد تغيير دمه بوحدة دم واحدة أو باثنتين،
بينما الوليد الثاني هو المصاب إصابة شديدة، ويحتاج إلى بضع وحدات من الدم
لشفائه. وبصورة عامة يمكن القول إنّ تغيير دم الطفل قد لا يحتاج إليه إذا
لم يرتفع عيار الأضداد في مصل المرأة الحامل أثناء حملها على 1 ÷ 64، بينما
هو ضروري وقد يـُلجأ إلى تحريض المخاض في الأسبوع السابع والثلاثين إذا
زاد عيار الأضداد على 1 ÷ 512.
8- معايرة الأصبغة ببزل السائل الأمينوسي
Amniocentesis: وهو اختبار جيد يفوق بقيمته أية علامة أخرى، ويمكن الركون
إليه في تقدير شدّة المرض، وعلى نتائجه يستطيع الطبيب المولد الانتظار إلى
تمام الحمل أو إجراء الولادة المبكرة. إلاّ أنّ الصعوبة في هذا الاختبار هي
الدقـّة الزائدة، وأخذ احتياطات العقيم الكاملة في بزل جزء من السائل
الأمينوسي دون أن تـُصاب أحشاء الجنين بأذى. هذا من جهة، ومن جهة ثانية
فإنّ تكرار إجراء هذا الاختبار ضروريّ لمعرفة تطور الأصبغة وتكوّنها
وازديادها.
العلاج
تعتمد المعالجة على تبديل دم الوليد بأسرع
وقت ممكن بعد الولادة بغية تخليصه من الكريات المتحسّسة والأضداد الحرّة
الجائلة في البلازما. والدم الواجب إعطاؤه هو دم طازج لم يمض على أخذه من
المتبرع خمسة أيام على الأكثر، وزمرته يجب أن تكون متماثلة مع زمرة دم
الطفل، ويكون عامل الـ Rh فيه سلبياً ومتلائماً مع دم الأم. أما إذا لم
يتوافر هذاه النوع من الدم، فإن الدم الذي زمرته O Rho (D) Neg يأتي من حيث
الجودة في الدرجة الثانية، وإذا لم يتوافر هذا الدم أيضاً فدم الوالدة،
على الرغم من احتوائه على الأضداد، يبقى صالحاً لتبديل الدم وبخاصة إذا
فـُصلت عنه البلازما.
يعتمد تقرير تبديل الدم على أمور عديدة، نذكر فيما يلي أهمها:
1- أن يكون اختبار كومبس المباشر على دم الحبل السري موجباً.
2- أن يكون مقدار البيليروبين في مصل دم الحبل السري أعلى من 68 ميكرو مول / ل (4 ملغ%).
إن
تبديل الدم يجب أن يـُكرر حتى ينقلب اختبار كومبس المباشر إلى سلبي، وأن
يبقى بيليروبين مصل الدم المحيطي أقل من 342 ميكرو مول / ل (20 ملغ / دل).
الوقايه
1-
وتمكن في محاولة الاستغناء ما أمكن عن نقل الدم لكل امرأة في أول حملها،
وبخاصة إذا كانت لا تزال في سن النشاط التناسلي. وإن كان لا مندوحة عنه
فيجب أن يكون متلائماً مع دمها متـّبعين أدق الطرائق في اختبارات التلاؤم.
2-
المحافظة على حياة الجنين أثناء الحمل واتباع وصايا الطبيب الاختصاصي
المتعلقة بهذا الشأن، والامتناع عن محاولة الإجهاض بغية تحديد النسل.
3- مراجعة مصرف الدم قبل بدء المخاض لتحضير الدم اللازم احتياطاً إذ قد يحتاج إليه.
4- حقن المرأة سلبية الريزوس بعد ولادتها بمدة لا تزيد على 72 ساعة بالمصل المضاد Immune Anti – D إذا توافرت الشروط الآتية مجتمعة:
أ - أن تكون المرأة سلبية الريزوس.
ب - أن لا تكون متحسّسة تجاه الجملة Rh – Hr.
جـ - أن يكون جنينها مومجب الريزوس.
د - وأن لا يكون متحسّساً (أي يجب أن يكون اختبار كومبس المباشر على دم الحبل السري سلبياً).
أما إذا كانت المرأة متحسّسة، أو ولدت جنيناً سلبي الريزوس، فلا فائدة تـُرجى من إعطاء هذا المصل المضاد.