قصة مفتراة على الامام البخارى للطعن فى صحيحه
قصة مفتراة على الامام البخارى للطعن فى صحيحه
نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اتخذها منكرو السنة دليلاً للطعن في صحيح الإمام البخاري، رحمه الله، وهي قصة «النهي عن قتل البراغيث وسبِّها»
ولقد أورد هذه القصة الدكتور الفنجري ليطعن بها في صحيح البخاري في كتابه الذي سماه «أحاديث موضوعة في كتب التراث تسيء إلى الإسلام وتؤخر المسلمين»، والذي طبعته ونشرته مؤسسة «أخبار اليوم»
ولقد بينا في تحذيرنا السابق أن مقصود الدكتور الفنجري من كتب التراث التي تسيء إلى الإسلام وتؤخر المسلمين، هو صحيح الإمام البخاري، وصحيح تلميذه الإمام مسلم، وأخذ يطعن في علم الإسناد الذي هو خصيصة فاضلة لهذه الأمة ليست لغيرها من الأمم، وبنى قاعدة طعنه على قصة واهية نسفناها في تحذيرنا السابق نسفًا، وبينا عدم دراية الدكتور بالتخريج والتحقيق
ومن المصائب أنه في مساء يوم السبت رجب هـ على قناة «الفراعين» عَلاَ مستشار قانوني في الأرض، وطعن في صحيح البخاري، واستشهد بكتاب الدكتور الفنجري وهذه القصة
وهذا هو الدكتور الفنجري مرة أخرى يمسك بخنجره المسموم بسموم المستشرقين ومنكري السنة ليطعن في الصحيحين، ويركز طعنه على صحيح أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري، ففي كتابه هذا ص تحت عنوان «قتل البراغيث حرام؛ لأنها توقظ المؤمنين لصلاة الفجر» قال الدكتور «كانت هذه مجرد إشارة إلى مجموعة كبيرة من الأحاديث الموضوعة والتي يلفقها الكذابون والوضاعون وينسبونها زورًا وبهتانًا إلى نبينا الكريم، وللأسف إن كُتب الحديث التسعة قد روتها بأسلوب العنعنة ، ومنها الكتب الصحاح البخاري ومسلم » اهـ
قلت فلينظر القارئ الكريم كيف سولت للدكتور نفسه أن يطعن في «الصحيحين» البخاري ومسلم، ويدعي أن الإمام البخاري روى أحاديث لفّقها الكذابون والوضاعون ونسبوها زورًا وبهتانًا إلى النبي ، وأن البخاري رواها بأسلوب العنعنة، ثم حاول الدكتور الفنجري أن يدلّل على طعنه في الإمام البخاري وصحيحه فجاء بقصة أوردها في كتابه ص قال «النهي عن قتل البراغيث» نص الحديث
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سُئل رسول الله «هل قتل البراغيث حرام أم حلال؟ فقال إن قتلها حرام؛ لأنها توقظ المؤمنين لصلاة الفجر» البخاري وعنه أيضًا «نزلنا منزلاً فآذتنا البراغيث، فسببناها، فقال الرسول لا تسبوها، فنعم الدابة هي؛ فإنها أيقظتكم لصلاة الفجر» اهـ
قلت هذا ما سود به الدكتور الفنجري كتابه، ونسبه إلى صحيح الإمام البخاري «قصة تحريم قتل البراغيث»
ونسأل الدكتور مَنْ الكذاب الوضاع، الذي يلفق الأحاديث وينسبها زورًا وبهتانًا إلى الأئمة؟
يا دكتور فنجري بأدب أهل الصنعة الحديثية نسألك قصة «تحريم قتل البراغيث التي نسبتها إلى صحيح البخاري» أين هي في صحيح البخاري؟
يا دكتور فنجري، نحن لا نتناول شخصك ولا رسمك، ولكن ندافع عن الحديث وأهله، فكيف سولت لك نفسك أن تطعن في صحيح الإمام البخاري وتتهمه بأنه يروي أحاديث لفقها الكذابون والوضاعون ونسبوها زورًا وبهتانًا إلى النبي ؟
يا دكتور فنجري كيف سولت لك نفسك أن تلفق هذه القصة الواهية قصة «قتل البراغيث» وتنسبها زورًا وبهتانًا للإمام البخاري أستاذ الأستاذين وطبيب الحديث وعلله
وإلى الدكتور البرهان على هذا البهتان
أولاً يا دكتور فنجري لماذا تفتري؟
فهذا هو «صحيح البخاري» بكتبه السبعة والتسعين الذي بدأه أمير المؤمنين في الحديث بكتاب «بدء الوحي» وختمه بكتاب «التوحيد»
وهذا هو عدد أحاديث صحيح البخاري بدأها البخاري رحمه الله بحديث «إنما الأعمال بالنيات»، وختمها بحديث «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن»، فأين يا دكتور حديث قصة «قتل البراغيث» من بين هذه الأحاديث ؟ اجمع من استطعت من منكري السنة واقرأ البخاري حديثًا حديثًا، وارجع البصر هل ترى في «صحيح البخاري» قصة تحريم قتل البراغيث ثم ارجع البصر أنت ومن استطعت من منكري السنة الطاعنين في البخاري لن تجد حديث قصة «تحريم قتل البراغيث»
وتجد نفسك يا دكتور لعدم درايتك بعلوم التخريج والتحقيق نسبت لصحيح البخاري زورًا وبهتانًا ما لم يكن في صحيحه
بل بالبحث في «تحفة الأشراف» للتخريج بالراوي الأعلى وهو هنا أبو هريرة لم نجد في الكتب الستة وهي صحيح الإمام البخاري، وصحيح الإمام مسلم، وسنن الإمام أبي داود، وسنن الإمام الترمذي، وسنن الإمام النسائي، وسنن الإمام ابن ماجه حديث قصة «تحريم قتل البراغيث»
بل وبالبحث في «المعجم المفهرس لألفاظ الحديث» وهو التخريج بألفاظ الحديث في لفظ القتل لم نجد في الكتب التسعة، وهي الكتب الستة وسنن الإمام الدارمي، وموطأ الإمام مالك، ومسند الإمام أحمد، لم نجد حديث قصة «تحريم قتل البراغيث»
وإن تعجب فعجب كيف سولت للدكتور الفنجري نفسه أن ينسب لصحيح البخاري زورًا وبهتانًا هذه القصة الواهية التي لا أصل لها؟ ثانيًا قصة مدح النبي للبراغيث
بعد أن عزى الدكتور الفنجري قصة «تحريم قتل البراغيث» للبخاري قال وعنه أيضًا «نزلنا منزلاً فآذتنا البراغيث فسببناها؛ فقال الرسول «لا تسبوها فنعم الدابة هي، فإنها أيقظتكم لصلاة الفجر»
قلت يا دكتور فنجري لماذا تفتري؛ فتنسب هذه القصة الأخرى إلى صحيح البخاري من حديث أبي هريرة، وتدّعي أن الإمام البخاري رواها بأسلوب العنعنة مِن تلفيق الكذابين والوضاعين ونسبوها زورًا وبهتانًا إلى النبي
يا دكتور مَن الكذاب الوضاع الذي يلفق الأحاديث المكذوبة ثم ينسبها زورًا وبهتانًا إلى صحيح الإمام البخاري ؟
لماذا نسبت الحديث الذي جاءت به قصة «مدح البراغيث» زورًا وبهتانًا إلى صحيح البخاري؟
إن كنت يا دكتور لا تدري فهذه مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم، لماذا تطعن في البخاري بغير علم، بل جاوزت الحد عندما رميت صحيحه بتلفيق الكذابين والوضاعين والزور والبهتان، وأن البخاري رواها بأسلوب العنعنة
يا دكتور إذا كنت لا تعرف متون الأحاديث التي في البخاري فكيف تعرف أسانيد صحيح البخاري بما فيها من تحديث وسماع وإخبار وعنعنة؟ والعنعنة المحمولة على السماع، والعنعنة التي بها العلة، وكيف يعالجها أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري أستاذ الأستاذين وطبيب الحديث وعلله ؟
انظر يا دكتور إلى البخاري وهو يعالج علة العنعنة في سند عالٍ بالتحديث في سند نازل وقدم السندين مقترنين بالعنعنة والتحديث في متن «لله أفرح بتوبة عبده » ح في صحيح البخاري الذي لا تعرف فيه متنًا ولا سندًا، ولم تكتف بعدم درايتك فنسبت لصحيح البخاري زورًا وبهتانًا هذه القصة الأخرى «قصة مدح النبي للبراغيث»
يا دكتور، تعال أنت ومن وراءك من منكري السنة والطاعنين في صحيح البخاري لتعلم أين هذه القصة تخريجًا، ولتعلم درجتها تحقيقًا حديث القصة أخرجه
أ الإمام الطبراني في «المعجم الأوسط» ح قال حدثنا هشام بن مرثد، قال حدثنا آدم، قال حدثنا يوسف القاضي، عن سعد بن طريف، عن الأصْبغ بن نُباتة عن علي بن أبي طالب قال «نزلنا منزلاً فآذتنا البراغيث فسببناها فقال رسول الله لا تسبوها، فنعمت الدابة فإنها أيقظتكم لذكر الله» قال الإمام الطبراني «لا يُروى هذا الحديث عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به آدم»
ب وأخرجه الإمام العقيلي في «الضعفاء الكبير» قال حدثنا محمد بن زكريا قال حدثنا يحيى بن موسى قال حدثنا أبو الحارث الورَّاق قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي قال «بينما نحن مع رسول الله فآذتنا البراغيث فسببناها، فقال رسول الله لا تسبوا البراغيث، فنعم الدابة توقظكم لذكر الله، فبتنا تلك الليلة متهجدين» اهـ
قال الإمام العقيلي قلت ومن طريق أبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي المكي أخرجه الإمام ابن الجوزي في «العلل المتناهية» ح قال أنبأنا عبد الوهاب قال أخبرنا محمد بن المظفر قال أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال أخبرنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال حدثنا محمد بن زكريا به التحقيق
قلت هذا هو تخريج حديث قصة «مدح النبي للبراغيث»، وتبين أن القصة أخرجها الطبراني في «الأوسط»، والعقيلي في «الضعفاء»، وابن الجوزي في «العلل المتناهية في الأحاديث الواهية»، فأين صحيح الإمام البخاري يا دكتور الذي نسبت إليه هذه القصة الواهية زورًا وبهتانًا؟
ولا تظن يا دكتور أن هذه القصة بإخراج الإمام الطبراني لها في الأوسط أنها صحيحة عنده فتطعن في الإمام الطبراني لعدم درايتك بالصناعة الحديثية أنت ومن وراءك من منكري السنة
لأن التخريج وسيلة لا غاية، فهو وسيلة لمعرفة حال الإسناد صحة أو ضعفًا؛ فالانشغال بالوسيلة عن الغاية لا يجوز بداهة، وإن كان الدكتور كما بينا لا يعرف وسيلة ولا غاية
والدكتور لا يدري لماذا أخرج الإمام الطبراني هذا الحديث في «المعجم الأوسط»، وأنى له هذا وهو لا يدري من أخرجه أصلاً ؟
لقد أخرجه ليبين أنه من الغرائب، فالكتاب في الحقيقة كتاب غرائب
لذلك قال الإمام الذهبي في «تذكرة الحفاظ» «والمعجم الأوسط على معجم شيوخه يأتي فيه عن كل شيخ بما له من الغرائب والعجائب؛ فهو نظير كتاب الأفراد للدارقطني بيَّن فيه فضيلته وسعة روايته، وكان يقول هذا الكتاب روحي» اهـ
قلت وحديث القصة أخرجه الإمام الطبراني في «المعجم الأوسط» وقال «لا يروى عن عليّ إلا بهذا الإسناد» فالحديث تفرد به الأصْبَغ بن نُبَاتَةَ عن علي، وتفرد به سعد بن طريف عن الأصبغ، فلم يروه عن علي إلا الأصبغ ولم يروه عن الأصبغ إلا سعد
وأردت أن أبين للدكتور الفنجري بهذا «مناهج المحدثين» التي لا دراية له بها، وإلا ما نسب إلى «صحيح الإمام البخاري» هذا الحديث زورًا وبهتانًا
فخشيت بعد أن عرَّفته بمكان الحديث أن يدير طعنه على الإمام الطبراني لعدم درايته بمناهج المحدثين ولما أورده الإمام الطبراني
ثم أخرج الحديث الإمام العقيلي في «الضعفاء الكبير» كما بينا آنفًا، والدكتور لعدم درايته بمناهج المحدثين في الجرح والتعديل لا يدري لماذا أخرجه في كتابه، فيجعل هذا الكتاب أيضًا من الكتب التي تسيء إلى الإسلام وتؤخر المسلمين
ولا يدري أن هذا الكتاب العظيم أخرج الحديث فيه لا لبيان ثبوته وصحته ولكن لبيان علته
ثم أخرج الحديث الإمام ابن الجوزي في كتابه «العلل المتناهية في الأحاديث الواهية»، والدكتور لعدم درايته بمناهج المحدثين في «العلل» لا يدري لماذا أخرجه في كتابه؛ فيجعل هذا الكتاب أيضًا من الكُتب التي تسيء إلى الإسلام وتؤخر المسلمين
ولا يدري أن هذا الكتاب العظيم أخرج الحديث فيه لا لبيان ثبوته وصحته، ولكن لبيان أنه من الأحاديث الواهية
فحديث قصة «مدح النبي للبراغيث» حديث غريب لا يرويه عن عليّ إلا الأصبغ بن نباتة ولا عن الأصبغ إلا سعد بن طريف، ولذلك قال الطبراني «لا يروى هذا الحديث عن علي إلا بهذا الإسناد»
قلت فالحديث فيه علتان العلة الأولى سعد بن طريف
أ في «سؤالات ابن الجنيد للإمام يحيى بن معين» س «قال لنا يحيى بن معين ابتداءً عيسى بن قرطاس، ونضر أبو عمر الخَزَّار، وسعد بن طريف الإسكاف، وعلي بن حَزَوَّر، ليسوا بشيء، لا يحل لأحدٍ أن يروي عن هؤلاء
وفي «السؤالات» أيضًا س «سمعت يحيى بن معين يقول سعد الإسكاف ليس بشيء»
ب ومن كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال رواية ابن طهمان عنه «سعد بن طريف ليس بشيء»
جـ وقال الإمام النسائي في كتابه «الضعفاء والمتروكين» «سعد بن طريف متروك الحديث»
قلت وهذا المصطلح عند الإمام النسائي له معناه؛ يبين ذلك الحافظ ابن حجر في «شرح النخبة» «كان مذهب النسائي أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه»
د لذلك بيّن الإمام البخاري ضعفه فأورده في كتابه الضعفاء الصغير وقال «سعد بن طريف الإسكاف الكوفي عن أصبغ بن نباتة ليس بالقوي عندهم»
م وأورده الإمام الذهبي في «الميزان» وقال سعد بن طريف الإسكاف الحنظلي الكوفي قال ابن معين لا يحل لأحد أن يروي عنه، وقال النسائي والدارقطني متروك
وقال الفلاس ضعيف يفرط في التشيع، ثم أقر باقي أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه، ثم ذكر في صفحتين أحاديث من مناكيره، أولها بنفس إسناد حديث القصة سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي قال «لا تسلم على أصحاب الرياحين ولا على أصحاب الشطرنج»
ن وأورده الإمام ابن حبان في كتابه «المجروحين» قال «سعد بن طريف الإسكاف من أهل الكوفة يروي عن الأصبغ بن نباتة، روى عنه أهل الكوفة كان يضع الحديث على الفَوْر»
قلت والموضوع هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى النبي
هـ وأورده الإمام الحافظ العقيلي في كتابه «الضعفاء الكبير» قال حدثنا محمد بن سعيد بن يلح الرازي قال سمعت عبد الرحمن بن الحكم بن بشير بن سلمان يسأل عن سعيد بن طريف قال فهو الإسكاف، قال «وكان فيه غلو في التشيع» ثم أخرج قول يحيى بن معين سعد بن طريف لا يحل لأحد أن يروي عنه
ثم أخرج من مناكيره حديث قصة «مدح النبي للبراغيث» كما بينا آنفًا، ثم ختم الإمام الحافظ العقيلي ترجمة سعد بن طريف بقاعدة قال فيها «ولا يثبت عن النبي في البراغيث شيء»
يا دكتور، أنت لعدم درايتك بمناهج المحدثين اتهمت الإمام البخاري زورًا وبهتانًا بأنه روى حديث قصة تحريم قتل البراغيث، واتهمت البخاري زورًا وبهتانًا بأنه روى حديث سعد بن طريف في قصة مدح النبي للبراغيث
العلة الأخرى أصبغ بن نباتة
وقد تبين لك أن سعد بن طريف لا تحل الرواية عنه، وأنه ليس من رجال البخاري، بل والذي روى عنه سعد بن طريف هو الأصبغ بن نباتة وهو العلة الأخرى في هذه القصة الواهية
أورده الإمام الذهبي في «الميزان» قال أصبغ بن نباتة الحنظلي المجاشعي الكوفي عن علي قال أبو بكر بن عياش كذاب، وقال ابن معين ليس بثقة، وقال مرة ليس بشيء، وقال النسائي متروك، وقال ابن عدي بيِّن الضعف اهـ
وأورده الإمام ابن حبان في «المجروحين» قال أصبغ بن نباتة الحنظلي التميمي، كنيته أبو القاسم يروي عن علي بن أبي طالب، روى عنه أهل الكوفة وهو ممن فُتن بحب عليّ، أتى بالطامات في الروايات؛ فاستحق من أجلها الترك اهـ
قُلْتُ انظر يا دكتور فنجري إلى قول الإمام ابن حبان في الأصبغ بن نباتة «أتى بالطامات في الروايات فاستحق من أجلها الترك» لتعلم أن علماء الجرح والتعديل إذا حكموا على راوٍ بأنه «متروك»، وهذا من ألفاظ الجرح لم يأت من فراغ، ولكن أتى من دراسة المتون، وتبين لهم ما فيها من واهيات ومنكرات يتلخص في قوله «أتى بالطامات في الروايات»
وإن تعجب فعجب كيف سولت للدكتور نفسه أن ينسب لصحيح البخاري قصة لا أصل لها، وهي قصة «تحريم قتل البراغيث»، وأخرى باطلة وهي قصة «مدح النبي للبراغيث» بما فيها من كذابين ومتروكين لا تحل الرواية عنهم، ليسوا كما بينا من رجال صحيح البخاري
وبهذا يتبين أن الدكتور الفنجري الذي سوَّد كتابه بالطعن في الإمام البخاري وصحيحه لا دراية له بمناهج المحدثين في التصنيف، ولا دراية له بمناهج المحدثين في الجرح والتعديل، بل ولا دراية له بأنواع علوم الحديث، فبدلاً من أن يجادل في الحديث بغير علم فليدرس نوعًا واحدًا من أنواع علوم الحديث، بدلاً من بطر الحق وغمط الناس، حينئذ يتبين للدكتور أنه لو أنفق عمره في دراسة نوع واحد لما أدرك نهايته، فقد قال الإمام السيوطي في «تدريب الراوي»
«اعلم أن أنواع علوم الحديث كثيرة لا تعد، قال الحازمي في كتاب «العجالة» علم الحديث يشتمل على أنواع كثيرة تبلغ مائة، كل نوع منها علم مستقل لو أنفق الطالب فيه عمره لما أدرك نهايته» اهـ
قلت إي والله، هذا هو الحق، فعلم «العلل» أحد أنواع علوم الحديث لو أنفق الدكتور عمره ما أدرك نهايته، وأنى له هذا وكتاب واحد في «العلل» ككتاب «العلل» للدارقطني خمسة عشر مجلدًا لن يستطيع الدكتور أن يجمع طرق حديث واحد فيه، وينظر في اختلاف رواته، ويوازن بين ضبطهم وإتقانهم ليعرف العلة، وأنى له هذا وهو لا يعرف البخاري ولا صحيحه ولا رجاله، بل وينسب إلى صحيح البخاري زورًا وبهتانًا قصصًا واهية لا يعرف لها تخريجًا ولا تحقيقًا كما بينا آنفًا
وسنواصل الرد بإذن الله والله وحده من وراء القصد منقول