الاختلاط وما قيل حوله
الاختلاط وما قيل حوله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وآله وصحبه ومنوالاه.
وبعد: فإن الله كرم المرأة وشرع لها من الأحكام ما يناسبها ويحفظ لهاكرامتها ومن ذلك أنه لها شرع الحجاب الساتر ليمنع عنها أذى المنافقين والذين فيقلوبهم مرض. قال تعالى: (يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّمِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ)، أي يعرفن بالشرف والعفة فلا يطمع فيهن الذي في قلبه مرض شهوة،وأباح لها العمل لتحصيل الكسب الطيب مع التزامها بالحجاب للبعد عن الاختلاط بالرجلالذي يثير الفتنة منها وبها. وما زالت نساء المسلمين ملتزمة بهذا المنهج الربانيالذي يبعدها عن تضررها والتضرر بها. لكن في وقتنا الحاضر ثارت مجادلات حول هذهالمواضيع تريد أن تتخلى المرأة عما رسمه الله لها لتنهج منهج المرأة الغربية التيأصبحت متعبة مبتذلة لأنها تخلت عما يصونها ويحفظ لها كرامتها. يريد أصحاب هذهالمجادلات والمراوغات أن تتخلى عن الحجاب وأن تختلط بالرجال في مقاعد الدراسة وفيالأعمال الوظيفية المختلطة وفي اللقاءات والمقابلات مع المسئولين واقفات في صفوفالرجال للاستقبال وغيره سافرات عن وجوههن يجلسن وقفن مع الرجال جنبًا إلى جنبويصافحنا الرجال ويختلطن مع الرجال في المشاهد الإعلامية كأنهن يجلسن مع محارمهنأمام الشاشات وفوق المنصات الإعلامية لبث البرامج. وحينما تصدى أهل العلم لإنكار ذلك والمطالبة بمنعه سلقهم بعض الصحفيينبألسنة حداد غير مبالين بما يورده أهل العلم من أدلة الكتاب والسنة على ما يقولون.بل صاروا لا ينشرون مقالات أهل العلم ليحجبوها عن الناس ويكتموا الحق وهم يعلمون.وصاروا يبثون الشبهات التي يظنون أنها تؤيد فكرتهم حول السفور والاختلاط مثل قولهملا دليل على منع الاختلاط ولم يسبق للعلماء أن تكلموا فيه وقولهم الاختلاط موجودفي المسجد الحرام وفي الطواف والسعي وقولهم: ما زالت النساء تعمل في أسواق البيعوالشراء وفي المزارع وفي الرعي مع الرجال. إلى غير ذلك من الشبهات ولم يسمحوا بنشرالتوضيحات أمام هذه الشبهات لتخلو الساحة لهم هروبًا من بيان الحق الذي ليس عندهمما يقاومه.
والجواب عن هذه الشبهات باختصار وإجمال:
أولًا: قولهم لا دليلبمنع الاختلاط بين الرجال والنساء يجاب عنه بأن الأدلة على ذلك موجودة بكثرةومتوفرة في الكتاب والسنة وقد قام العلماء جزاهم الله خيرا بنشرها في كتب خاصةومواقع الانترنت. فرب ضارة نافعة لأن هذه الأدلة كانت متفرقة في الكتب وكلام أهل العلمغير مجموع في مكان واحد فيسر الله جمعها وترتيبها وإبرازها (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَة).
ثانيًا: أما احتجاجهمبحصول الاختلاط في المسجد الحرام والطواف والسعي فالجواب عنه أن هذا غير صحيحفالنساء يصلين في المسجد الحرام في أمكنة خاصة بهن كما هو مشاهد وما يحصل فيالطواف والسعي فهو اختلاط لا يمكن تلافيه بسبب الزحام ولا يقع عن تعمد ومع هذا يجبعلى الرجال أن يتجنبوا الزحام مع النساء مهما أمكنهم ذلك.
ثالثُا: أما أن النساءما زالت تعمل بالبيع والشراء في الأسواق وتعمل في المزارع وفي المراعي مع الرجالفالجواب عنه أن النساء تعمل في هذه المجالات منعزلات عن الرجال ففي الأسواق يهيألهن أمكنة خاصة يزاولن فيها البيع والشراء منعزلة عن الرجال. وفي المزارع والمراعيتعمل النساء لوحدهن منفردات عن الرجال وبينهم مسافات تبعد أحد الجنسين عن الآخر.
وختامًا: أسأل اللهتعالى أن يبصر المسلمين بدينهم ويرد مخطئهم إلى الصواب ويثبت المصيب على صوابهويزيده علمًا وفهما.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه:
صالح بن فوزانالفوزان
عضو هيئة كبار العلماء24/12/1431هـ