مفاهيم خاصة بين الزوجين... شراسة المرأة وهم أم حقيقة؟!
مفاهيم خاصة بين الزوجين... شراسة المرأة وهم أم حقيقة؟!
يحيي زكريا
تتوارد في
كثير من الكتابات الغربية والعربية فكرة مؤداها أن صفة الشراسة والغضب ورد
الفعل القاسي هي صفة من صفات المرأة، فقد كشف دراسات غربية أن عنف
الزوجات ضد الأزواج مرتفع على المستوى العالمي، فقد بلغ في بريطانيا
(17%)، وفي الهند (11%)، وأمريكا (21%)، بل إن هناك دراسات في دول عربية
أثبتت تلك الحقائق التي لا يصلح معها دفن الرؤوس في الرمال، فهل تلك
الشراسة من طبيعة المرأة؟، وإن لم تكن طبيعة فيها فما الذي يؤدي إلى
تنمرها وشراستها الشديدة التي ظهرت في تلك الدراسات؟.
إن منطلقنا في الحكم على
المرأة ههنا هو منطلق شرعي إسلامي، يوصف الحقائق ويبين الصفات كأوضح ما
يكون..، والحقيقة أن المرأة مخلوق وديع هادئ يؤثر السكون والوداعة وهي
بطبعها لا تستطيع أن تتنمر وتستأسد إلا في حالات معينة قاهرة لها رغماً
عنها، وقد نلحظ كثيراً في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه
يوصينا بالمرأة خيراً ويقول: ((استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم))،
يعني أسيرات وغير ذلك من وصاياه - صلى الله عليه وسلم - المباركة التي
تبين مدى الحرص على المرأة لمعرفته بضعفها وقلة قدرتها في مناح كثيرة.
فالمرأة الشرسة هي نتاج
لتصرفات حمقى من رجل قد يكون والدها أو مربيها أو زوجها أو قد تتعرض إلى
مواقف قاسية من ظالم لها أو معتد عليها، ولكنها غالباً ردة فعل لأفعال
الآخرين معها.. ولنبدأ من البداية الحقيقية للرجل والمرأة كي نفهم
طبيعتهما ونعلم يقيناً أن أي خروج عن هذه الطبيعة يؤذن بتغير القيم
والمفاهيم والتصرفات وإذا اختلت الطبائع فلا تسل عن النتائج.
فحواء خلقت من ضلع في صدر
آدم، والمرأة أسكن ما تكون إذا عادت إلى صدر الرجل يحتويها ويحنو عليها
ويشعر بها، ولذا فدائماً ما تبحث المرأة عن الرجل الذي يحتويها بحنان
ويضمها إلى صدره ضمة معنوية قبل أن تكون مادية، وأن تشعر أنه رجلها
وحاميها وسندها وموئلها، خصوصاً إذا كان ذلك كله في جو إيماني عذب.
فتريد أن تشعر بأنه هو
لها كل شيء فإذا احتاجت لبى حاجتها، وإذا تعبت ألقت بهمومها على كتفيه
يحمل عنها عناء كل شيء خارجي، فلا قلق من شيء وهو بجوارها يحميها ويشعرها
بقدرته على حمايتها من كل خطر يحدق بها، وليس المطلوب أن يكون الرجل رجلاً
خارقاً للعادة ولكن المطلوب أن تشعر المرأة بأن الرجل يقدم كل ما يملك من
إمكانات لدفع كل ضرر عنها، فالمرأة مهما بلغت من المراتب ومهما علا شأنها
هي امرأة في النهاية لابد أن تستريح في كنف رجل يفوقها قدرة وقوة،
فراحتها في ضعفها بين يدي رجلها، وراحتها في شعورها بأنها لا تواجه الحياة
بمفردها، راحتها وسعادتها في رجل يتألم لألمها ويشعر بها، ويسمع لها
شكواها ويتبنى مواقفها ويهتم بها.
قد لا يعنيها المال
الوفير وقد لا يعنيها المنصب المرموق ولكن أهم ما يعنيها أن يكون رجلها
رجلاً يعتمد عليه في المواقف، ولهذا لا نتعجب من تلك المواقف المتكاثرة
مثل:
- زوجة لرجل غني بالغ
الثراء يغدق عليها من ماله، تعيش في ثراء فاحش لا يؤخر لها طلباً، وقد
يذهب بها للسفر والتنزه في كل مكان في الأرض؛ ولكن تلك المرأة تشعر
بالتعاسة.
- زوجة أخرى ترى زوجها
رجلاً هاماً، تنظر إليه العيون بإعجاب، ويهابه الناس، فهو في خدمة
الآخرين، يحل لهم مشاكلهم ويقف بجانبهم في أزماتهم، إلا أنه ينسى بيته
وأهله فلا يستمع لهم، ولا يهتم بهم فتشعر المرأة بالتعاسة.
- زوجة أخرى ضحت بكل شيء،
ووقفت بجوار زوجها، وبنت معه مستقبلهما ولما حان وقت الحصاد إذا به يحصد
وحده بعد أن تقدم بها العمر فتشعر بالحسرة والندامة والتعاسة.
- زوجة أخرى لرجل ناجح بكل المقاييس، وبه مواصفات لا تجتمع في رجل إلا نادراً؛ ولكنه يهتم بعمله ولا يرى سواه وكأنها غير موجودة.
- زوجة لرجل تراه مهيناً
متملقاً للرجال لا يقوى على نيل حقه ولا المطالبة به ويقبل بالدون، لا
يشغله أمر كرامته مطلقا،ً فالمهم عنده كيف يجمع المال فتشعر المرأة بجواره
بالتعاسة، والأمثلة كثيرة جداً أكثر من أن تحصى.
أولئك النسوة في منتهى الضعف البشري، ولا توجد لديهن نقاط للمقاومة إطلاقاً، ولا يعصمهن من الوقوع في الخطأ إلا أحد ثلاثة عواصم:
أولهما: خشية من الله - سبحانه - وتقوى له ومراقبة، وطمع في الثواب الأخروي.
ثانيهما: احترام لذاتها
فهي لا تقبل أن تخون زوجها؛ لأنها كما قالت هند بنت عتبة –رضي الله عنها-
عندما جاءت تبايع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أخذ عليها البيعة ألا
تزني، فقالت له: "أو تزني الحرة"؛ لأن الحرة تحترم ذاتها فلا تدني نفسها
لهذا العمل الخبيث الذي يفقدها احترامها لنفسها.
وهناك سبب ثالث لا دخل لها فيه يمنعها من السقوط والزلل، ألا وهو أنها قد تكون غير مطمع لأحد فليس لديها ما يطمع الناس به.
فهل هذه المرأة التي شعرت بالتعاسة غير قنوعة أو قد ملأ حياتها البطر على النعم؟
لا أراها كذلك، ولكن هناك أسئلة أخرى يجب أن يجاب عليها.
هل هذا الرجل استطاع أن يحتويها كامرأة؟
هل هذا الرجل يملأ ذلك الفراغ بداخلها في كيانها الأنثوي المحتاج إلى رجل ليملأه؟
هل هذه المرأة ترى في زوجها ذلك الرجل الذي يعتمد عليه في المواقف أم تراه فارغا؟
يخطئ من يظن أن الجماع
والقدرة عليه من مقومات الذكورة التي تقتنع بها المرأة، إن من يظن ذلك
سيقضي عمره كله وهو لا يفهم المرأة ولن يستطيع أن يتوافق معها، فالمرأة
تحتاج إلى الاحتواء النفسي قبل كل شيء، فالاحتواء فقط هو ما يعيدها إلى
أفضل حالاتها النفسية والعملية، فالمرأة مخلوق ضعيف خلقها الله بتلك
الإمكانات وقدر ضعفها عليه ويزيدها الحمل والرضاع ضعفاً فوق ضعفهاً، فقال -
سبحانه -: (وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
وَهْناً عَلَى وَهْنٍ)، وهناك أدلة أخرى على ضعف المرأة نورد بعضها:
- لجوءها إلى الحيلة عند الخصومة:
ففي المواجهات العامة
والواقعية لا يلجأ للحيلة غالباً إلا الضعيف أمام من هو أقوى منه ولا يلجأ
الأقوى غالباً لها..، وإذا فقدت القوة عظمت الحيلة، فالقوي لا يحتال. وقد
ورد في القرآن الكريم قدرة المرأة على الحيلة وسميت بالمكر والكيد، فقال
-تعالى-: (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ).
- الشراسة عند الانتقام:
عندما يتحمل الضعيف فوق
قدرته وعندما يصبح لا مناص له سوى الانتقام يكون انتقامه في غاية الشراسة،
وليس أدل عليه من جرائم ذوي العاهات فهؤلاء كما يلاحظ المتابعون أن
جرائمهم تكون في منتهى القسوة والشدة والفتك. ولا يوجد سبب لذلك إلا ضعفهم
وكثرة تحملهم، ولهذا فشراسة بعض النساء عند الانتقام قد تدل في غالبها
على ضعفها المتمكن منها.
- كثير من النساء لا
يستطعن مواجهة الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان، ولكنها قد تسوق أقوالاً لا
ينسجم بعضها مع البعض، ولهذا ما بعث الله أنبياء إلا رجالاً، فقال -
سبحانه -: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي
إِلَيْهِمْ)، وذلك لضعفها الذي خلقت به وليس بعيب فيها بل هو أصل خلقتها،
وإذا أرادت أن تناظر الحجة بالحجة لم تثبت ولا يبين قولها، كما قال الله
عنها أنها نشأت في الزينة وعند الخصام لا تستطيع أن تبين ولا تقنع:
(أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ
مُبِينٍ).
ولهذا يخطئ بعض الرجال
حين يتصورون أنهم يناقشون رجالاً مثلهم وهم يتحدثون مع المرأة فلا يستطيع
أن يصل إلى عقلها ولا تقتنع هي بمنطقه فيصلا إلى طريق مسدود