كيف نتعامل مع الخوف عند الاطفال
كيف نتعامل مع الخوف عند الاطفال
يرى المختصون
بعلم نفس الأطفال أن الطفل في السنة الأولى قد يبدي علامات الخوف عند حدوث
ضجة مفاجئة ، أو سقوط شيء بشكل مفاجئ ، أو ما شابه ذلك ، ويخاف الطفل من
الأشخاص الغرباء اعتباراً من الشهر السادس تقريباً ، وأما الطفل في سنته
الثالثة فإنه يخاف أشياء كثيرة مثل الحيوانات ، والسيارات ، والمنحدرات ،
والمياه ، وما شابه هذا .
وبوجه عام فإن الإناث إظهاراً للخوف من الذكور ، كما تختلف شدته تبعاً لشدة تخيل الطفل ، فكلما كان أكثر تخيلاً كان أكثر تخوفاً .
ولازدياد الخوف لدى الطفل عوامل وأسباب ، منها :
- تخويف الأم للطفل بالأشباح ، أو الغول ، أو العسكري ، أو الظلام ، أو العفريت ، أو المخلوقات الغريبة ... الخ .
- دلال الوالدين المفرط ، وقلقهما الزائد ، وتحسسهما الشديد .
- تربية الطفل على العزلة ، والإنطوائية ، والاحتماء بجدران المنزل .
- سرد القصص الخيالية التي تتصل بالجن ، والعفاريت .. إلى غير ذلك من الأسباب .
- وقد يبدي الطفل
استعداداً قوياً لالتقاط مخاوف والديه عن طريق العلم بالمشاهدة ، وهذه
المخاوف التي تكتسب عن هذا الطريق تمتاز بطول بقائها ، لذا كان للقدوة
الحسنة دور كبير في تربية الطفل على عدم الخوف ، والقدوة المطلوبة هنا هي
القدوة الشجاعة في كل المواقف على اختلافها ، وعدم الخوف من الحيوانات
التي لا تضر ، ومن الأفراد – وإن علت مكانتهم – في الحق بالطبع ، وعدم
الخوف عموماً بدون داع .
ولعلاج ظاهرة الخوف عند الطفل كان على الوالدين مراعاة عدة أمور منها :
- تنشئته منذ نعومة أظفاره على الإيمان بالله ، وعبادته ، واللجوء إليه في كل ما ينوب ويروع .
- إعطاؤه حرية التصرف ، وتحمل المسؤولية ، وممارسة الأمور على قدر نموها .
- عدم تخويفه ولا سيما عند البكاء بالغول والضبع والحرامي والجني والعفريت .. إلى غير ذلك ، وذلك يدخل في عموم الخيرية : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) أخرجه مسلم رقم 2664
- تمكينه منذ
أن يعقل من اللاختلاط العملي مع الآخرين ، وإتاحة المجال له للالتقاء بهم
والتعرف عليهم ليشعر من قرارة نفسه ووجدانه أنه محل عطف ومحبة واحترام مع
كل من يجتمع به ، ويتعرف عليه .
ومما ينصح به علماء النفس والتربية : أن تتاح الفرصة للطفل للتعرف على الشيء الذي يخيفه ، فإذا كان يخاف الظلام فلا بأس بأن يُداعب بإطفاء النور ثم إشعاله ، وإن كان يخاف الماء فلا بأس بأن يسمح له بأن يلعب بقليل من الماء في إناء صغير ... وهكذا .
- تلقينه مواقف السلف البطولية ، وتأديبه على التخلق بأخلاق االصحابة، ليتطبع على الشجاعة ، والبطولة .
أما إذا كان
الخوف عند الطفلة قلقاً ، فسببه يرجع إلى مجموعة من عوامل متداخلة ،
عالجتها السنة النبوية بشيء من الروية ، ومن هذه العوامل :
- تكليف الطفل ما لا يستطيع أداءه ، في حين يقول صلى الله عليه وسلم : ( من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا ) أخرجه أبو داود رقم 4943 ، والترمذي رقم 1921 وفي صحيح الجامع للألباني 5444
- عدم إشباع حاجته للنجاح ، في حين ورد عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( ما سمعت رسول الله يفدي أحداً غير سعد ، سمعته يقول : ( ارم فداك أبي وأمي )
أظنه يوم أحد ) أخرجه البخاري رقم 6184 ، ومسلم رقم 2411 . وفي ذلك توجيه
للآباء إلى تشجيع أولادهم على أي مستوى أداء يحققونه تحفيزاً لهم على مزيد
من الاهتمام .
- الإسراف في العقاب البدني ، والقسوة في المعاملة ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( من يُحرم الرفق يُحرم الخير كله ) أخرجه مسلم ، رقم 2292 .
- الظروف
المعيشية الصعبة التي تدفع الوالدين لصبِّ غضبهم على أولادهم . كعدم
التوافق بين الزوجين ، أو عمل الأم ، أو عدم الرضا عن العمل في حين يقول
الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ليس الشديد بالصُّرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) أخرجه البخاري برقم 6116 .
ونشير ختاماً أنه
ليس معنى هذا ألا يخاف الطفل مطلقاً ، فالخوف لا بد منه في بعض الأمور ،
لأنه يحفظ بقاء الطفل ، فعليه أن يخاف من الله ، وإيذاء الناس ، وارتكاب
الجرائم ... الخ ، وليكن خوفاً طبيعياً سوياً لا مبالغة فيه ولا تهاون
هذا والله اعلى اعلم.