كن إيجابياً..
كن إيجابياً..
أمير بن محمد المدري
في جلسة إيمانية كنت فيها، طُرح سؤال ما هي الايجابية؟
من هو المسلم الايجابي؟
من هو الداعية الايجابي؟
تفاوتت الإجابات.. منهم من قال: الايجابية فعل الخير دائماً.
ومنهم من قال: الايجابي هو من حياته مليئةٌ بالايجابيات كثيراً وقليلةٌ عنده السلبيات.
وهي إجابات طيبة.. لكن في الحقيقة أن:
الإيجابي هو ذلك المسلم
الذي يحمل دافعٌ نفسي واقتناع عقلي وجهد بدني لا يكتفي بتنفيذ التكليف بل
يتجاوز إلى المبادرة في طلبه أو البحث عنه، ويزيد على مجرد الأداء الإتقان
فيه، بل يضيف إلى العمل المتقن روحاً وحيوية تعطي للعمل تأثيره وفعاليته،
دون أن يخالطه جفاف أو جفاء أو تبرم أو استثقال.
الايجابية هي: عمل يمنع
الكسل، وحيوية تقصي السلبية، وانتشار لا يقبل الانحسار، إنها عطاء ليس له
حدود، وارتقاء فوق كل السدود، ومبادرة لا تكبلها القيود.
الايجابي هو: من ينطلق إلى الخير والدعوة والإصلاح بدافعٍ ذاتي من نفسه وعلو همته التي لا يقف أمامها صعب.
وعجباً لأقوام!! ينامون
ملء جفونهم، ويأكلون ملء بطونهم، ويخلدون إلى الراحة، ويحبون السكون
والدعة، ويبحثون عن المتعة والرفة، ثم يقولون: إنهم دعاة! فهل يرتقب من
مثل هؤلاء تعويض ما فات، وتحقيق المنجزات؟ وهل يظن بأن مثلهم تعقد عليهم
الآمال وتناط بهم المهمات؟.
دخلت يوماً أحد المساجد
فنظرت عن يميني وعن شمالي وإذا بجدار المسجد يمتلئ بملصقات رمضان ونحن في
موسم الحج!! وفي مرة أخرى في مسجد آخر ملصقات الحج ونحن في شعبان!! فتعجبت
هل يخلو هذا المسجد من شخصية إيجابية تضع كل شيء في مقامه وزمانه؟!
والأعجب أني سألت أحد أئمة هذين المسجدين فقال: بدلاً من إزالتها تركها
حتى العام القادم، وهذا غيضٌ من فيض، -الله المستعان- لقد ماتت الهمم
وضاعت الإيجابية.
فالإيجابي: يقاوم ليغير
نحو الأفضل يستثمر القليل فينميه، ويحول المسار فيقود المسيرة، ومن هنا
فهو صاحب دعوة ترفض الاستسلام للواقع وتبرير القعود، وانتظار الأقدار، ومن
هنا نهتف بكل سلبي قائلين: (قم فأنذر).
الايجابي: هو من يلمح
دائماً فجر الأجر فيهون عليه ظلام التكليف، دون أن يكون تبعاً، وهو وحده
من يملك زمام المبادرة إلى الطاعات دون الالتفات إلى عمل فلان أو قول
فلان، ولا يجب أن تقعده نشوة الطاعة، ولا تثبطه أثقال المعصية، ولا ينتظر
الإذن بالعمل من شخص ما.
الايجابية جليَّةٌ وواضحة في نملة سليمان –عليه السلام- يوم توجهت بالنصيحة إلى مجتمع جنسها بالنصيحة والأمر بالمعروف.
الايجابية جليَّةٌ وواضحة
في هدهد سليمان –عليه السلام- يوم سار الهدهد بمفرده دون تكليف مسبق، أو
تنفيذ لأمر صادر، و جلب خبراً للقيادة المؤمنة أدى إلى دخول أمة كاملة في
الإسلام.
الايجابية جليَّةٌ وواضحة
في أُمنية ربيعة بن كعب الأسلمي –رضي الله عنه- عندما سأله الرسول- صلى
الله عليه وسلم – عن أمنيته فقال: "أسألك مرافقتك في الجنة"، والإمام علي-
رضي الله عنه- يحدد غاية ما يشتاق إلى فعله: "الضرب بالسيف، والصوم
بالصيف، وإكرام الضيف"، وسيف الله المسلول الذي لا يريد أن تقر عيون
الجبناء- رضي الله عنه- يقول:
"ما من ليلة يهدى إليّ فيها عروس، أنا لها محب، أحب إليّ من ليلة شديدة البرد، كثيرة الجليد، في سرية، أصبّح فيها العدو".
الايجابية جليَّة واضحة
في إبداعات الصحابة الكرام، فكل واحد منهم له إبداعاته ومميزاته، فهذا
سلمان –رضي الله عنه- يقترح حفر الخندق، والحباب بن المنذر –رضي الله عنه-
يقترح الوقوف في بدر على الماء، وآخر ينصب المجانيق في غزوة الطائف،
وأبو بصير –رضي الله عنه- يخطط لحرب عصابات بعيداً عن بنود صلح الحديبية،
ويستلم خالد بن الوليد –رضي الله عنه- الراية يوم مؤتة بلا تأمير، - رضي
الله عنهم - أجمعين.
الإيجابية عطاءٌ وتميُّز..
الإيجابية إبداعٌ وتألق..
الإيجابية ثقةٌ بالنفس، توجه إلى المعالي، علمٌ غزير، عزةٌ وتواضع.
فكن أخي إيجابياً، همتك عالية، نيتك صادقة، أقوالك سديدة، أعمالك مباركة، غايتك الجنة، أُمنيتك رضا الله عنك.
جمعنا الله وإياك في الجنة، إنه ولي ذلك والقادر عليه