الحديث السابعع عشر إن الله كتب الإحسان على كل شيء
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاما على عبده المصطفى وبعد:
عن أبي يعلى شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته) رواه مسلم.
بسم
الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على
نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا العلم
النافع والعمل الصالح، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه
سميع قريب مجيب.
معنا اليوم حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته) هذا الحديث رواه الإمام مسلم، فالحديث إذن صحيح.
هذا الحديث غاية في الأهمية، إذ هو يمثل قاعدة كلية من قواعد الدين، ومبدأ عظيما من مبادئه: ذلك هو مبدأ الإحسان.
نفصل في هذا الإحسان بعد أن نمر على الكلمات، فقد قال النبي -صلى اله عليه وسلم-: (إن الله كتب الإحسان)
كتب بمعنى: فرض وأوجب، كتب الإحسان، الإحسان في اللغة: هو الإتقان، أما في
الشرع فالمراد بما حسنه الشرع وجعله حسنا وضده القبح، والمراد بالحسن
والقبح ما حسنه الشرع وما قبحه الشرع، سواء كان في نظر بعض الناس حسنا، وفي
نظر بعضهم الآخر غير حسن، فالمراد تحسين الشرع، وبناء على هذا خرج معنا
تحسين العقل المجرد دون الشرع، فإذا كان تحسين العقل دون أن يكون مبنيا على
تحسين الشرع فلا يعتبر، بمعنى: إذا كان تحسين العقل مضادا لتحسين الشرع،
إذًا الأصل هو تحسين الشرع، فالإحسان في نظر الشرع (كتب الإحسان على كل شيء) مما هو فيه نفس منفوسة حية أو مع الأشياء الأخرى.
(فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة) هذا مثال على القاعدة، القاعدة الإحسان في كل شيء، ثم مثل النبي -صلى الله عليه وسلم- (فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة) القتل في موضعه كالحرب مثلا، أو القتل حال الحد أو حال القصاص (فأحسنوا القِتلة) القِتلة بكسر القاف مصدر قتل قِتلة وصف للقتلة (إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) والذبحة مثل القِتلة مصدر، ثم بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ما المراد بالإحسان في الذبح، وذكر مثالا على ذلك وهو(وليحد أحدكم شفرته) الشفرة: هي السكين يعني الحديدة المحددة التي يذبح بها الحيوان،
(وليرح ذبيحته)عندما تكون الشفرة محدودة حينئذ أراح هذه الذبيحة.
هذه الحديث كما ذكرت يمثل قاعدة كلية من قواعد الدين ومبدأ عظيما من مبادئه، نراه حسب التفصيل الآتي:
الإحسان هو مبدأ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن الله كتب الإحسان على كل شيء) والله -جل وعلا- يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾[نحل: 90]، إذًا الإحسان فوق مستوى العدل، فالإحسان أعلى مرتبة من العدل وكلاهما مأمور به ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾.
إذًا الإحسان مبدأ من مبادئ الدين يجب أن يتعامل به المسلم في جميع المواضع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كتب الإحسان في كل شيء)
وعندما نلاحظ كثيرا من الآيات والأحاديث النبوية نجد تعميق هذا المبدأ
نفصل بما يقتضيه المقام، يعني مثلا أعلى أنواع الإحسان: الإحسان في التعامل
مع الله -عز وجل- وسماه جبريل الإحسان في حديث جبريل المشهور، فجعل
الإحسان المرتبة العليا من مراتب الدين، فلما سئل عن الإسلام وهو يمثل
الأعمال الظاهرة، سئل بعد ذلك عن الإيمان -كما سبق معنا- وهو يمثل الأعمال
الباطنة والاعتقاد، سئل بعد ذلك عن الدرجة العليا وهي الإحسان، والإحسان مع
الله (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك)
عندما يستشعر المسلم أثناء عبوديته لله -عز وجل- أنه يرى الله -عز وجل- أو
أن الله يراه فوصل إلى درجة عليا من عبوديته لله -عز وجل-، فأعلى مقام
العبودية أن يصل إلى هذا المستوى بحيث ينسى ما أمامه، وما خلفه، وما عن
يمينه، وما عن شماله، فلا يتجه إلا لما يقوم به من العبادة: كالصلاة،
والصيام، والحج حال صلاته، حال صيامه، حال حجه، حال إنفاقه، كل هذا يكون
باستشعاره بأن الله يراه، هذا الإحسان مع الله –تعالى-.
ثم الدرجة
الأخرى الإحسان مع الخلق سواء كان هؤلاء الخلق مما فيه حياة من الحيوان، أو
مما ليس فيه حياة وأعلاهم الإنسان، تعامل المسلم مع الإنسان يجب أن يكون
بالإحسان بهذه القاعدة العظيمة سواء كان هؤلاء الخلق من أقرب الأقربين أو
من أبعد الأبعدين، وأقرب الأقربين هم الوالدان وإن علو، يعني: الأجداد
والجدات وهكذا، فهؤلاء أقرب الأقربين يجب أن يكون التعامل معهم بالإحسان،
والإحسان كما قال الله –تعالى-: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾[الإسراء: 23]،
إذًا التعامل مع الوالدين يكون بالإحسان، الإحسان هنا في التعامل مع
الوالدين الإحسان القولي بالكلام، الإحسان الفعلي بالخدمة والقيام بالخدمة
والقيام بالحاجات، والقيام المالي: بأن يعطيهم ما يحتاجان إليه وفوق ما
يحتاجان إليه، هذا مع أقرب الأقربين. ومع أبعد الأبعدين -مع غير المسلمين-
يجب أن يكون التعامل معهم بالإحسان لماذا؟ لأن الله –تعالى- يقول: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾[البقرة:83]، والناس هل هم المسلمون فقط؟ لا، أعم. المسلمون وغير المسلمين، فهم يجب أن يعاملوا بالإحسان ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ وفي الحديث الذي سيأتينا بعد قليل (وخالق الناس بخلق حسن)
إذًا حتى مع أبعد الأبعدين مع ممن لا ينتمي إليك بقرابة ولا صداقة وزمالة
ولا بجيرة ولا بشيء، وإنما بعيد عنك لأي سبب من الأسباب تتعامل معه
بالإحسان، كما قال الله –تعالى- وقال نبيه -صلى الله عليه وسلم- وما بين
هؤلاء وهؤلاء أتعامل معهم بأي شيء؟ ما بين الوالدين أقرب الأقربين، وبين
هؤلاء عامة الناس أتعامل معهم بالإحسان، سواء كانوا جيران، أقارب، أصدقاء،
زملاء معي في العمل، معي في البيع في الشراء، معي في أي مجال من المجالات
أيا كان هؤلاء الناس أتعامل معهم بالإحسان.
ما كيفية التعامل بالإحسان
مع خلق الله بالقول أو الفعل أو بالمال، بالقول لا أتكلم إلا بالكلام
الطيب؟ وأعلى الكلام الطيب ما هو ؟ الدعوة إلى الله من أعلى الكلام الطيب
مع الناس؛ لذلك قال الله –تعالى-: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾ [فصلت: 33]،
فأعلى القول فيما بينك وبين الآخرين هو الدعوة إلى الله -عز وجل- كما أن
الدعوة هي أحسن القول، فكذلك يجب أن تكون هذه الدعوة بالحسنى، كما قال الله
- سبحانه وتعالى -: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾[النحل:125] وفي المناظرة والمجادلة ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾[النحل:125]
المجادَل هنا أيا كان مسلمًا كافرًا صغيرًا كبيرًا يجب أن يكون بالحسنى،
إذًا الإحسان بالقول: أولا: يجب أن يكون بالألفاظ الطيبة، بالكلام الطيب
الجيد الواضح، بعدم السفسطة وعدم الوضوح، بعدم انتقاء الكلمات الغير
معروفة، أن يكون بالكلام اللين بالكلام اللطيف، كما قال الله - سبحانه
وتعالى -:﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ ﴾ [آل عمران: 195]، وقال الله - سبحانه وتعالى – لموسى وهارون في مخاطبتهم فرعون ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾[طه: 44]،
إذًا المخاطبة تكون بالقول اللين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حذر من
السباب والشتائم والكلام البذيء، وأخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان
على خلق عظيم في قوله في أعماله. إذًا الإحسان بالقول وهذا بابه كبير.
الإحسان
أيضا بالفعل بالخدمة تعطف على الفقير على المحتاج على المسكين على اليتيم،
تقوم بخدماتك للآخرين: تشفع لهذا، تقوم بخدمة هذا، ترشد هذا، تنبه هذا، كل
ما تدور حوله الأفعال بما يستطيع يحسن الإنسان بفعله.
الإحسان أيضا
بالمال يشمل: الصدقة على الفقراء والمساكين، التبرعات لأهل الخير للمجالات
الخيرية، الشفاعة لأحد الأوقاف الوصايا، كل ما كان فيه خدمة للآخرين يكون
هذا من باب الإحسان المالي، إذًا الإحسان للناس أيا كانوا وكلما قربت درجة
الإنسان بالنسبة لك، يجب أن يعلوا إحسانك إليه من الوالدين: وآبائهم
وأمهاتهم، والأجداد والجدات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، والإخوة
والأخوات، والأبناء والبنات، والزوجة أو الزوجات، والجيران، والأصدقاء،
والزملاء وغير ذلك.
أيضا الإحسان إلى الحيوان، وهذا مثل به النبي -صلى
الله عليه وسلم-، الإحسان إلى الحيوان مجالاته كثيرة، وليت جمعيات الرفق
بالحيوان تسمع ما جعله الإسلام في التعامل مع الحيوان وهو مبدأ الإحسان،
الإحسان إلى الحيوان بعدم إيذائه، بعدم تركه يجوع ويعطش، يسد جوعه يروى
ظمأه؛ ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في تكريس هذا المبدأ (وفي كل كبد رطبة أجر)، وفي الحديث الآخر (دخلت امرأة النار في هرة) الهرة ما هي؟ القطة (حبستها، لا هي أطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض ) فدخلت بسببها النار، والحديث في الصحيحين.
أعلى
درجات الإحسان بعدم إيذاء هذا الحيوان، في الحديث الآخر أن امرأة بغي دخلت
الجنة بسبب كلب يلهث فسقته من الماء، في رواية أنه رجل، وفي رواية أنها
امرأة دخلت الجنة، يعني، غفر الله –تعالى- لها بسبب إحسانها إلى هذا
الحيوان مع أنه حيوان لا يأكل ولا يستفاد منه الفائدة الكبيرة.
فإذًا الإحسان –أيضا- إلى الحيوان ألا يؤذى هذا الحيوان: يطعم، ويسقى، ولا يضرب، لا يتعدى عليه التعدي الذي يؤذيه.
إذًا
غير الإحسان إلى الحيوان –أيضا- الإحسان في الأشياء الأخرى، الإحسان إلى
البيئة بعدم إفساد هذه البيئة، نظافة هذه البيئة، المحافظة على هذه البيئة،
المحافظة على المنشآت كالمطارات مثلا الأسواق العامة الحدائق العامة أماكن
جلوس الناس؛ ولذلك جاء في الأحاديث الحديث الكبير المشهور (الإيمان بضع وستون شعبة، أو بضع وسبعون شعبة: أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) والرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر (اتقوا اللاعنين) في حديث آخر (اتقوا الملاعن الثلاثة) ذكر منها: البول، والغائط تحت الشجرة في الظل، أو البول في طريق الناس، كل ذلك من الإحسان إلى الأشياء، ومنها الإحسان إلى البيئة.
أيضا
من الإحسان إلى الأشياء إتقان العمل، الإنسان موظف أو أجير عند مؤسسة من
المؤسسات، أو يقوم بعمل من الأعمال فعليه أن يتقن عمله، فالإحسان في العمل
إتقانه قال النبي –صلى الله عليه وسلم- (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، والإتقان كما أشرنا قبل قليل هو الإحسان.
هذا
هو الكلام عن الإحسان إجمالا، النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل هنا بمثالين
-هذان المثالان قد يشذ الذهن بعدم تصورهما-: وهو في حال القتل، وفي حال
الذبح، والمجرم إذا قتل شخصا في الغالب أنه يطلب التشفي منه، فالإسلام
يقول: انتبه لا القصاص ولا الحدود جعلت للتشفي، وإنما هي لإقامة حكم الله -
سبحانه وتعالى – في هذا الجانب؛ فلذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (إذا قتلتم فأحسنوا القِتلة)
يعني: لا يعذب؛ ولذلك نهى النبي - صلى الله عليه وسلم – عن المُثلة حتى في
الحرب، فإذا كان هناك مقتول في الحرب لا يأخذ وتقطع آذانه ويقطع أنفه
وتقطع يديه ورجليه، هذا نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ولذلك استنبط
أهل العلم من هذا الحديث النهي عن المُثلة في الحرب، حتى في حال الحرب فضلا
عن المقتول من المسلمين حدا أو قصاصا أو تعذيرا، كذلك في التعامل مع
الحيوان، بالذات في التعامل مع ما يؤكل سواء من بهيمة الأنعام أو من الطيور
أو غيرها فيحسن إليه بمواضع الإحسان، من مواضع الإحسان: حد الشفرة بأن
تكون السكين محدودة، تريح المذبوح ذكر بعض أهل العلم: أنه يشرب ماء قبل
الذبح بدقائق لكي يسهل خروج الدم أثناء الذبح فتخرج روحه بسرعة ولا يؤذى
هذا الحيوان.
كذلك من الإحسان إلى الحيوان في هذا الباب ألا تذبح الذبيحة والذبيحة الأخرى؛ فيكون إيذاءً لها.
يعنى
هنا نتساءل: أين الذين يتهمون هذا الدين بأنه دين إرهابي مثلا، أو دين
يتعدى على الآخرين، هنا تكريس مبدأ الإحسان سواء مع الإنسان -فهذا هو مبدأ
الإسلام في تكريسه مبدأ الإحسان- وكذلك مع الحيوان، فإذا كان هذا التعامل
مع الحيوان، فكيف يكون التعامل مع الإنسان؟!
كذلك هذا الإحسان إذا تعامل به المسلم مع الناس، ومع الحيوان، ومع البيئة، ومع عمله وغير ذلك، ماذا تكون النتيجة؟ ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)﴾[الرحمن: 60]،
ونلاحظ الإحسان أولا ممن؟ من المحسن من الإنسان، والإحسان الثاني ممن؟ من
الله، وهل يقارن كرم الله بكرم خلقه؟ هل يقارن جود الله بجود خلقه؟ لا بلا
شك فالله - سبحانه وتعالى - أجود الأجودين، وأكرم الأكرمين، وأرحم
الراحمين؛ ولذلك قال الله –تعالى-: ﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) ﴾ [يونس: 56]، والله - سبحانه وتعالى – أخبر أنه يحب المحسنين فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ (195)﴾[ البقرة:195]
فليست المسألة عطية مقابل عطية، إنما المسألة رحمة الله، ومحبة الله -عز
وجل- وأيضا سينال ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
إذًا مبدأ الإحسان ليس مبدأ مثالي فقط، وإنما سيجازى عليه المحسن في دنياه؛ لأن الله –تعالى-قال: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)﴾[الرحمن:60]
في الدنيا وفي الآخرة، فسيحسن الله إليه في دنياه، وفي أخرته؛ لذلك هذا
المبدأ يجب على المربين على المعلمين على المسئولين أيا كان نوع مسئوليتهم
يجب على أهل التعليم عموما أن يكرسوا هذا المبدأ في نفوس الصغار، في نفوس
الكبار، في نفوس الأهل، والجيران، في التعامل أيضا التعامل العملي ليس مجرد
التعامل القولي فقط، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدوة حسنة؛
فلذلك سماه الله –تعالى- قدوة حسنة، فمن هنا النبي -صلى الله عليه وسلم-
كرس هذا المبدأ، كما كرسه نظريا كرسه عمليا،أحسن إلى أهله أحسن إلى الناس،
أحسن إلى الأقربين، وخير الإحسان هدايتهم لدين الله - سبحانه وتعالى - .
باقي
معنا في هذا الحديث أن هذا الحديث يمثل أسلوب تعليمي كبير، هذا الأسلوب
التعليمي –دائما- يهديه لنا النبي - صلى الله عليه وسلم – للمعلمين
والمعلمات، والمربين والمربيات ينتبهوا لهذا الأسلوب، هذا الأسلوب أن تعطي
القاعدة، هذه القاعدة تعطيها نظريا، تمثل عليها عمليا لكي ترسخ في الذهن،
فالنبي - صلى الله عليه وسلم – لما قال: (إن الله كتب الإحسان في كل شيء) لم يسكت إنما قال: (فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة) وهذا مثال، وأتى بمثال آخر مغاير في نوعه (وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) فلا يبقى تعليمنا نظريا، لا بد من الأمثلة، لا بد من المقارنة، لا بد من تقريب القواعد والنظريات إلى الأذهان في حال التعليم.
هنا ننتهي من هذا الحديث، وإلا الكلام على الإحسان لا ينتهي.
.