شرح الحديث الثالث والثلاثين لو يعطى الناس بدعواهم
هذا الحديث الذي ذكره المصنف حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال أقوام ودماءهم لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر)
هذا الحديث رواه البيهقي وغيره وأصل الحديث عند الشيخين وأصل الحديث في
البخاري ومسلم ولما نقول أصل الحديث كذا وهو أن المعنى الحديث موجود عند
البخاري وعند مسلم لكن ليس بهذا اللفظ الذي ذكره المصنف وهذا اللفظ هو
رواية البيهقي رحمه الله.
قال
لو يعطى الناس بدعواهم يعني ما يدعونه وما يطلبونه لو كل ما طلب إنسان
بدعواه أعطي هذه الدعوة لادعى رجال أموال قوم ودماءهم فيدعون ما ليس لهم
لكن البينة على المدعي. المدعي هو الذي يطلب دعوة من فلان والبينة هي
الإثبات إثبات صحة الدعوة وأصل البينة اعتراف المدعي عليه أو أن يأتي بشهود
أن يأتي المدعي بشهود واليمين على من أنكر الذي أنكر هذا هو المدعى عليه
فإذا أنكر هذا المدعى عليه إما أن يعترف بصحة دعوى المدعي وحينئذ تنتهي
الدعوة وإما أن ينكر فإذا أنكر قال اليمين على من أنكر واليمين المراد بها
القسم.
هذا
الحديث أصلا في التقاضي أصلا في التقاضي بمعنى ينزل عملية التقاضي بين
الناس أو ينظم مجرى تنظيم الدعوة عند القاضي عندما يطلب إنسان دعوى على آخر
كيف ينزل قاضي هذه الدعوى بهذا التنظيم الذي ذكر في هذا الحديث. إذا هذا
الحديث له أهمية كبرى لأن الناس متفاوتون في قدراتهم وفي طلباتهم متفاوتون
في الصيام وما يذكرونه متفاوتون في الشح وعدم الشح والحرث على ما لديهم
وعلى ما ليس لديهم فتراهم متفاوتون طولا وقصرا وعرضا وما إلى ذلك كما أنهم
متفاوتون في ألوانهم فكذلك متفاوتون في ما عند الآخرين لهم أو ليس لهم
فلذلك نتيجة لهذا التفاوت لابد من تنظيم عملية التقاضي ليصل الحق إلى أهله
لماذا؟ لأن هذا الدين دين عدل والله سبحانه وتعالى عدل أمر بالعدل لكي نصل
إلى هذه العدالة لابد من أن تجري أن يجري القضاء بين الناس بما يحقق هذه
العدالة والله سبحانه وتعالى ذكر هذا المبدأ في مواضع كثيرة أن هذا الدين
مبني على العدل ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ ﴾ بإيش﴿ بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ﴾ [ص: 26 ] إذا فاحكم بين الناس بالحق والله سبحانه وتعالى أمر بالعدل ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ﴾. [النحل: 90 ].
ولا يستقيم الكون كله إلا بالعدل وإذا اختل نظام الكون عن ما خلقه الله
سبحانه وتعالى اختل نظام الكون القدري واختل نظام الكون الشرعي اختل هذا
الكون اختل هذا الكون ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (لو يعطى الناس بدعواهم)
لأن الإنسان قد ينسى فيدعي ما ليس له أحيانا الإنسان يصيبه الشح فيدعي
المال الذي عند فلان الإنسان قد يتصور خطأ فيدعي بأن هذا الذي عند فلان إنه
قد يدافع الغيرة الحقد الحسد يعتدي على فلان فيكون أو يطلب من الدعوى أكثر
مما هي عليه لذلك لابد من التنبيه الدقيق هذا التنبيه بني على هذا الأساس
وهي أن البينة على المدعي المدعي يدعي زيد على عمر ولا مثلا ألف ريال ماذا
يقول القاضي يقول القاضي يا زيد أنت المدعي هات البينة ما هي البينة البينة
هي الاعتراف ينظر المدعي عليه هل يعترف أو لا إن اعترف انتهت الدعوة وأصبح
هناك بينة من المدعي وحين إذا يحكم القاضي بأن هذا العيش لزيد وليس لعمرو
لكن إذا أنكر قال ليس عندي ألف ريال أبدا ولا يطلب مني ألف ريال طيب عندك
شهود هذه البينة أعطنا شهود فإذا شهد الشهود ويختلف حالات الشهود لابد أيضا
من كون الشهود عدولا لكن لا ندخل فيه الآن فنرجع لأصل القاعدة إذا لابد من
الشهود من البينة هذه البينة أن يكون شهود يشهدون معا نعرف أن فلان أعطى
فلان أن زيد أعطى عمرو أو أن زيد يريد من عمرو ألف ريال .
لنفترض
أنه عمرو ما عنده بينة ما عنده شهود قال أنا أعطيته من باب الثقة أنا ما
عرفت أنه سينكر ماذا يقول القاضي يقول يرجع للمدعى عليه ويقول هل تحلف يمين
على أن فلان لا يريد منك شيء فإن حلف انتهت الدعوى وحكم القاضي بأنه ليس
شيء لزيد وإن لم يحلف يرجع أيضا يحكم القاضي بزيد أن له على عمرو ألف ريال.
بعض
أهل العلم يقول ترجع اليمين على المدعي وفيها تفصيلات موجودة في كتب الفقه
إنما أصل القاعدة البينة على المدعي لابد من الإثبات واليمين على المدعى
عليه طيب لماذا البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه؟ قالوا أن جانب
المدعي ضعيف كون الإنسان يقول إنما أطلب من فلان أريد من فلان أنا أعطيت
فلان هذا سهل جانبه ضعيف لابد أن يقويه ببينة لكن المدعى عليه جانبه قوي
لأن الأصل البراءة الأصل البراءة فإذا كان الأصل البراءة فجانبه قوي فيكفي
اليمين أن ليس عليه شيء هذا المدعي لذلك قالوا البينة على المدعي واليمين
على من أنكر البينة لأنها قوية وجانب المدعي جانب ضعيف فتقويه، أما المدعى
عليه فجانبه قوي ولا يحتاج إلى شيء يقويه ويكفي فيه اليمين لبراءة ذمته إذا
هذه القاعدة في التداعي هذه القاعدة في التداعي هذه القاعدة لها استثناءات
هذه هي الأصل في الدعاوى لكن لها استثناءات هل سنترك الاستثناءات للأخوة
ليتابعونا أنا سأذكر استثناء واحد لكن نطلب من الأخوة في الموقع يشاركون
معنا في ما هي هذه الاستثناءات من ضمن الاستثناءات القسامة ما هي القسامة؟
القسامة عندما يدعي أناس أن هذه القبية مثلا أو أن هذه البلدة قتلوا فلانا
قتلوا فلانا منهم يعني أناس مثلا هنا يدعون أن البلدة الفلانية قتلوا فلان
الذي هو من البلدة الأولى لكن لم يحدد المقتول القاتل ولم يستعمل حسب علمه
أو أي يحدد فحين إذا يحلفون إذا ادعوا جملة حلفوا على أن فلان قتلوه
القبيلة الفلانية أو البلدة الفلانية ماذا يطلب منهم يطلب منهم خمسين يمين
على صحة الدعوى هذه هي القسامة فإذا حلفوا خمسون يمين حينئذ تحمل أولئك دية
القتيل تحملوا دية القتيل أو إذا ادعوا على شخص أو أشخاص بأعيانهم حينئذ
وليس هناك بينة واضحة لا عند هؤلاء ولا عند هؤلاء وإنما دعوى حينئذ يتحمل
أولئك الحكم عليهم هذا استثنى هناك استثناءات أيضا يعني إذا هنا ما مشينا
على قاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر إنما ابتداء خمسون يمينا
من المدعين طيب هناك استثناءات أخرى أيضا نطلب من الأخوة والأخوات أن
يشاركوا معنا فيها إذا ملخص هذا الحديث أن هذا الحديث هو تنظيم لقضية
الدعوى عند القاضي عندما يدعي فلان على فلان أو على مجموعة من الناس قضية
معينة كيف تصير هذه الدعوة؟ البينة على المدعي واليمين على من أنكر هذا
أيضا استفدنا أن هذا الدين مبني على العدل لأن جانب المدعي ضعيف فيقويه
بالبينة وجانب المدعى عليه قوي فلا يحتاج إلى تقوية فيكفي فيه اليمين هذا
ما يتعلق بهذا الحديث