حديث السبعة (4).. رجل قلبه معلق بالمساجد (خطبة مقترحة)
حديث السبعة (4).. رجل قلبه معلق بالمساجد (خطبة مقترحة)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
مقدمة:
- الحديث فيها عن سبب كونه في ظل عرش الرحمن، وذلك لسببين عظيمين يتم بناء الخطبة عليهما بعد ذلك.
السبب الأول: لأنه تعلق بأشرف بقاع الأرض.
السبب الثاني: لأن "قلبه" وليس جسده هو المعلق بالمساجد.
1- حول السبب الأول "فضل المساجد وفضل بنائها":
- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خير البقاع المساجد وشر البقاع الأسواق) (رواه الحاكم والطبراني، وحسنه الألباني).
- التنويه من خلال الحديث على أن هناك من تعلقت قلوبهم بما هو أدنى من الأماكن أو ما هو محرم "البيوت - الملاعب والملاهي".
- ومن فضائل المساجد: "تكرار النداء العظيم "الأذان" - تحفها الملائكة - تتجرد فيها النفوس من مناصب الدنيا - ملتقى الأحبة في الدنيا".
قال -تعالى-: (اللَّهُ
نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا
مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ
دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ
وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ
نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ
اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ
يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ . رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ
تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ
وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ
وَالأَبْصَارُ . لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا
وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ
حِسَابٍ) (النور:35-38).
قال ابن كثير -رحمه الله-:
"لما ضرب الله -تعالى- مثل قلب المؤمن وما فيه من الهدى والعلم بالمصباح
في الزجاجة الصافية المتوقدة من زيت طيب وذلك كالقنديل مثلا، ذكر محلها
وهي المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله -تعالى- في الأرض وهي بيوته التي
يعبد فيها".اهـ.
- ومما يدل على عظيم مكانة المساجد؛ ما أحيط بها من معانٍ شرعية مثل:
الدعاء عند التوجه إليها: (اللَّهُمَّ
اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفي سَمْعِي نُورًا
وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يَسَارِي نُورًا وَفَوْقِي نُورًا
وَتَحْتِي نُورًا وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَعَظِّمْ لِي
نُورًا) (متفق عليه).
- الدعاء عند دخولها: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
- فضل السعي إليها: (مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ) (متفق عليه).
- فضل بنائها؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سبع
يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علمًا أو كرى نهرًا أو حفر
بئرًا أو غرس نخلاً أو بنى مسجدًا أو ورث مصحفًا أو ترك ولدًا يستغفر له
بعد موته) (رواه البزار وأبو نعيم في الحلية، وحسنه الألباني).
2- حول السبب الثاني "سيد البشر خير من تعلق قلبه بالمسجد":
- جعل بيوته إلى جوار المسجد؛ وهذا شأن المحب مع المحبوب.
- (كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا) (رواه مسلم).
- كان إذا رجع من سفر أو غزو بدأ بالمسجد، فصلى فيه ركعتين ثم ينقلب إلى بيته.
-
وفي مرض موته وبين السكرات والإفاقة يسأل عن أحوال المسجد والمسلمين
فيقال: هم ينتظرونك. ولما وجد في نفسه خفة خرج يهادى به بين الرجلين حتى
أقيم إلى جنب أبي بكر في الصلاة.
من قلبه معلق بالمساجد؟
1- أحرص الناس على صلاة الجماعة:
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).
- يقول سعيد بن المسيب -رحمه الله-: "ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة".
2- يحملون إلى المساجد وهم مرضى:
-
قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا
يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ
كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى
يُقَامَ فِي الصَّفِّ" (رواه مسلم).
3- الحرص على الموت في المسجد في حال انتظار الصلاة:
-
قيل لعبد الرحمن السلمي لما حضرته الوفاة وهو في المسجد: "لو تحولت إلى
الفراش فإنه أوثر وأوطأ. قال: حدثني فلان أن النبي -صلى الله عليه وسلم-
قال: (لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَ فِي مُصَلاَّهُ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ) (رواه مسلم)، وإني أريد أن أموت في مسجدي".
4- الحرص على تكبيرة الإحرام:
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ
صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ، يُدْرِكُ
التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنْ
النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
5- التبكير في يوم الجمعة إلى المساجد:
- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنِ
اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ
فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ
فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ
فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ
الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي
السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ
الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ) (متفق عليه).
6- يجدون فيها مخرجا من هموم الدنيا:
- علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يقصد المسجد، ويأوي إليه لما تشاحن مع زوجته فاطمة -رضي الله عنها-.
- أبو أمامة يقصد المسجد بالدعاء والصلاة لما تراكمت عليه الديون، وكثرت عليه الهموم.
- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المسجد بيت كل مؤمن) (رواه أبو نعيم في الحلية، وحسنه الألباني).
فاللهم اجعلنا ممن تعلقت قلوبهم بالمساجد، وأحسن خاتمتنا في الأمور كلها، والحمد لله رب العالمين.