المذاكرة في رمضان
المذاكرة في رمضان
هلَّ موسم الزرع للخير والقوة والروحانيات..
العمل والجد.. التسابق والتنافس.. الانتصارات.. تحقيق الآمال.. الفرحة، ولكن
الأمهات يُحيط بهنَّ قلق كبير عميق بسبب الدراسة والمذاكرة والتوفيق بينها وبين
موسم تزيد فيه الطاعات. يأتي الكسل والميل للراحة والإفطارات- الصلاة في
المسجد رديف لموسم الطاعة والجد ومع مواسم الخير والجد والعمل تبدأ مواسم صيحات
الأمهات في كثيرٍ من البيوت؛ لكي تقوى الهمة ويزيد العمل ولكن دون فائدة؟!! وأقول لكِ حبيبتي لا يمكن أن نُحاسب أولادنا قبل
الاتفاقِ المسبقِ والمؤكدِ والمقنعِ وعمل جدولٍ أو خطةٍ عمليةٍ على ما تمَّ الاتفاق
عليه حتى يسهل تنفيذ هذا الاتفاق، وتذكري أيضًا أنه أثناء تنفيذ أي اتفاق يحدث كثير
من الإخلال بكثيرٍ من البنودِ وعلينا التذكير والإرشادِ والتوجيه حتى لا يملوا أو
لا يسأموا، فقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يتخول صحابته بالموعظة حتى لا
يملوا، فهيا نتفق على أن يمر موسم الزرع والدراسة بشكلٍ يُرضي الله عز وجل. أولاً: تذكري النية من مذاكرة ودراسة الأولاد
وهي إعلاء شأن المسلمين وليس التباهي أو التفوق دون هدف، ولكن لسمو الأمة الإسلامية
في كافةِ المجالاتِ وتذكري عصور النهضة الإسلامية السابقة. وعلينا بث هذه النية وجعلها هدفًا لدى الأبناء
لتحقيقه؛ ولذلك يجب قبل أي مناسبة عظيمة أن نجمع الأولاد للحوار والنماقشة ما الذي
يجب فعله والاتفاق عليه ووضع صور تنفيذية لما اتفقنا عليه. فمثلاً لتقوية معنى التفوق وحثهم على المذاكرة
وهذه هي مشكلتنا وخاصةً في رمضان؛ حيث يميل الأولاد للراحةِ والتحجج بأنهم صائمون؛
لذلك يجب تذكيرهم بسيرِ العلماء والصالحين قديمًا وحديثًا مثل ابن سينا- ابن
الهيثم- أحمد زويل- الشعراوي- القرضاوي- محمد الغزالي- زغلول النجار وغيرهم، وأن
يضعوا أهدافهم أمام أعينهم ويكتبوا هدفًا ويسيروا في تحقيقه، ويجزئ هذا الهدف، وكل
فترةٍ يرجع إلى هدفِهِ، ويرى هل حقق منه جزءًا وما الباقي، وما الوسائل التي تُعينه
على تحقيق هذا الهدف. وأن نتعلم ونُعلِّم ونقتنع جميعًا أنَّ المخترع
ليس محض الصدفة؛ لأنَّ الكثيرَ من الناسِ يمرُّ عليهم فقط الضوء يوميًا ولم يضع
منهم أحد نظريات للضوء مثل ابن الهيثم الذي أوجد كل نظريات الضوء. وكذلك تقع كل يوم آلاف الثمرات علينا دون أن
نُفكِّر لماذا سقطت؟ فالمخترع نتاج دراسة وعلم وفكر وإمعان وعمل دؤوب ومستمر، وهو
لا يعرف حاجة اسمها الفشل، بل هناك مفهوم اسمه تجارب، ولها نتائج سلبية وإيجابية؛
لذلك كل خطوة هي في طريقِ تحقيق أهدافه، وكذلك الاتفاق أهم وسائل النجاح. كذلك ركزي على معنى لا نكسل ولا نمل ولا نميل
للراحة من طلب العلا سهر الليالي، قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلَمَ دَرَجَاتٍ﴾
(المجادلة: من الآية 11)، كذلك تُقسم الأوقات للأكلِ والراحةِ والنوم
والزيارات والعمل، وليس هناك وقت للفراغ لدى الإنسان الذي له هدف يسعى لتحقيقه ويجب
أن نحترم المواعيد. ورمضان فُرصة عظيمة لذلك فمواعيد السحور
والإفطار ومواعيد الصلاة تقسيم جيدًا للوقت، وهو فرصة عظيمة؛ حيث تخلو المعدة وتعظم
الهمة والفكرة وهو دافعٌ كبيرٌ على المذاكرةِ والتركيز بعكس ما يظن البعض أنَّ بعض
الإفطار سوف ينجز أكثر. وهيا نتعود معًا أن لكل مقام مقالاً فالقراءة لا
تكون وقتِ الأكل، والفكاهة لا تكون أثناء المذاكرة، واللعب لا يكون وقت الصلاة. فهيا معًا نضع خطةً رمضانيةً ونخرج منها ثمرةَ
التفوق على النفسِ وضعفها والتفوق الدراسي، ويكون رمضان هذا العام مفتاحَ النجاح
لهذا العامِ الدراسي إن شاء الله. أختي الحبيبة الدعاء خير وسيلة وهو سلاح المؤمن؛
فادعي لهم كثيرًا حتى يُوفقهم الله لما يحب ويرضى. واعلمي أنَّ لكلِّ إنسانٍ طاقات ومهارات وتفوقًا
في ناحية وقد يكون غير متفوقٍ في مجالٍ آخر، فلا تتعجلي النتائج ولا تُقارني بين
أبنائك وغيرهم، فهذا مفتاح عدم الثقة بالنفس. وفقنا الله جميعًا للتفوق والتنافس في الخيرات
ورفع بنا شأنَ الأمةِ الإسلامية.