شبابنا في رمضان صيفي
شبابنا في رمضان صيفي
كتبه/ مصطفى دياب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
أقبل الخير
طرق
أيامنا طارق عظيم ينادي كل قريب وبعيد، ينادي كل شاب وشيخ قعيد، ينادي كل
فتاة وامرأة عجوز: "يا باغيَ الخير أقبل... ويا باغي الشر أقصر"؛ ليقبل
الراغبين في الصلح مع الله، الراغبين في إصلاح ما أفسده الشيطان، وقد خاب
وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له، لمَ لا وهي فرصة العام وقد تكون فرصة
العمر أن يُغفر لك على أعتاب هذا الشهر الكريم أو في أوسطه أو في أيام
الوداع الأليم للشهر الكريم؟!
كيف الشباب في الحر والصيام؟!
يأتي الشهر الحبيب في أيام اشتد حرها، وطال نهارها، ويشق على بعض الناس الصيام، ولكن أجرك على قدر نصبك.
فيجب ألا يضيع الشباب فيها فرصة الصيام. فأين الرجال إذن؟!
عيب كبير
عيب كبير أن نرى الشباب في نهار رمضان وقد أفطر؛ إذ لا يتحمل العطش، أو لا يصبر على ترك الدخان!
عيب كبير أن نرى مجموعات الشباب تلهو وتلعب على شواطئ البحار هربًا من الحر والصيام!
أو
يقضي الشاب يومه نائمًا، وفي الليل لاهيًا في الدورات الرمضانية، أو
ساهرًا في الخيمات أو "الخيبات الرمضانية" التي يُعصى الله فيها، وقد كان
الأولى به أن يكون صافـًا قدميه وسط المصلين القائمين المتهجدين!!
ولله
الحمد نرى الكثير من الشباب قد تركوا اللهو والاختلاط والبنات، واتجهوا
إلى بيوت الله؛ إعلانـًا للصلح مع الله، وافترشوا جباههم بالأرض يبكون
خوفـًا من الله، ورجاء أن يغفر لهم الذنوب، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه)، وقال: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه).
وقال الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ
فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ
اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلاَّ أَعْطَاهُ
إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ) (رواه مسلم).
وفي الخلوات
أخي الحبيب: أين أنت في ليالي رمضان والخلوات؟؟ هل أنت ممن: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا) (السجدة:16)؟!
هل أنت ممن قال الله فيهم: (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ . وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الذاريات:17-18)؟!
أم أنت ممن يفتحون على أنفسهم أبواب المعاصي ويقطعون خلواتهم على شاشات
النت والمواقع الإباحية يبارزون الله بالمعاصي، ولا حياء من الله؟!
أخي: حطم قيدك.. واعبد ربك.. فرصة عمرك.
ولا خير في عين لا تبكي
و(لاَ يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ) (رواه الترمذي والنسائي، وصححه الألباني).
أخي الحبيب: بدِّل نظراتك وغدراتك عبرات، وابكِ لربك في الخلوات، واقرأ آيات القرآن وتدبر، وابكِ؛ فلا خير في عين لا تبكي.
جدد العهد
واقتفي
أثر السلف؛ فقد كان قتادة -رحمه الله- يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان
ختم في كل ثلاث؛ فإذا جاء العشر ختم كل ليلة! فكم مرة في عمرك ختمت
القرآن؟!
وكم مرة في رمضان ختمت القرآن؟!
الحائط الحديدي
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "ليس الصيام من الطعام والشراب وحده، ولكنه عن الكذب والباطل واللغو".
وقال بشر الحافي: "لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات حائطـًا من حديد".
يا شباب... احذروا
احذروا
في الشهر الكريم... خاصة من إطلاق البصر إلى ما حرم الله، وعلى النساء أو
العورات، واحذروا الفطر في رمضان؛ فإنه أشد من الزنا، ومن أفطر يومًا في
رمضان لا يقضيه صيام الدهر وإن صامه، وإياك والغيبة، والنميمة، والكذب،
والخيانة، والغدر، وسيء الأخلاق.
وإياك والاستمناء في رمضان فهو حرام في رمضان وغير رمضان، وتجنب مجالسة أصدقاء السوء الذين يزينون لك الشر والحرام.
يا شباب المحاريب... هلموا
إلى المساجد...
إلى صلوات القيام والتهجد...
إلى حلقات القرآن الكريم...
إلى زيارة المرضى، واتباع الجنائز، والصدقة، وإطعام المساكين.
هلموا إلى بر الوالدين: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) (متفق عليه).
هلموا إلى الصدقة: (إِنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِيءُ غَضَبَ الرَّبِّ) (رواه الطبراني، وصححه الألباني)، و(اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) (متفق عليه).
هلموا إلى مرضاة الله والتوبة: (إِنَّ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءْ
النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيء اللَّيْلِ
حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا) (رواه مسلم).
هلموا يا شباب إلى رمضان...
فإن لم تعش رمضان وأنت شاب فمتى تعيش رمضان؟!