رمضان كيف يعرفه الصغار؟ هناء الحمراني
رمضان كيف يعرفه الصغار؟
هناء الحمراني
لميس والمدرسة:
"عندما تأتي المدرسة.. سوف تصبحين كبيرة.. وسنشتري لك حقيبة.. وتعطيك المعلمة كتباً و..... "
انظروا إلى تلك الصغيرة.. كيف أصبحت نظراتها مشدودة تجاه تلك الكلمات... وفي كل مرة يجلسن ليتحدثن.. تتساءل:
"أمي.. حدثيني عن المدرسة"!!
وتبدأ الأم بسرد أشياء كثيرة ستحصل عليها صغيرتها عندما تذهب إلى المدرسة..
الأخوان نورة وفهد.. والطفل القادم:
- أمي.. كيف شكل الطفل الذي في بطنك؟
- إنه يشبهكم.. بعض الشيء.. هو صغير جداً.. !!
- أولد هو أم بنت؟
- لا أعلم.. ولكن عندما يأتي سنعرف جميعاً.. أبنت هي أم ولد!!
وطوال تسعة الأشهر والأطفال يترقبون الضيف الجديد، وقد رسموا له صورة حميمة ربما.. وربما العكس!
***
لميس.. نورة.. فهد.. ورمضان:
لميس تعرف الآن أشياء
كثيرة عن المدرسة.. وهي لم تزل في الخامسة من عمرها.. ونورة وفهد كوّنا
انطباعاً قوياً يصعب إزالته عن الطفل القادم إلى الحياة..
وماذا عن"رمضان"؟
ما الحصيلة"المعلوماتية"التي يمتلكها أطفالنا عنه؟
إلى أي مدًى يشعرون بأنه ضيف "مهم"، ويجب علينا أن نحسن استقباله وضيافته؟
ماذا يعني لهم"رمضان"عند مجيئه.. وماذا يعني لهم"رمضان" عند رحيله؟
ربما نحن أنفسنا.. نمتلك بعض الانطباعات الخاطئة عن رمضاننا الحبيب.. تلك الانطباعات كثيراً ما تكون هي أيضاً انطباعات أبنائنا..
***
ما الذي نتركه من أثر في الحقيقة؟
لم يبقَ على رمضان سوى أيام قلائل.. أمّ لميس تمسك بالقلم.. وورقة طويلة تُقاس بعشرات السنتميترات بين يديها..
- ماذا تكتبين يا أمي؟
- طلبات رمضان..
- وما طلبات رمضان؟
- الدقيق.. الشوربة.. حلوى الجيلاتين..
- وماذا أيضاً؟
- أشياء كثيرة.. ابتعدي الآن.. لكي لا أنسى شيئاً من الطلبات فينقلب علينا والدك غاضباً..
والد لميس ينوّه:
- لا تنسيْ.. !! في ثاني يوم من رمضان سأدعو زملائي للإفطار.. حاولي أن تكون المائدة "محترمة" ولائقة بهم..
وبالفعل.. يبدأ رمضان وينتهي.. ووالدة لميس رهينة المطبخ..
***
"تشاهدون في رمضان"
كم من الملايين رُصدت من أجل "تشاهدون"!!
كم من الإعلانات البراقة تغري الجماهير بـ"تشاهدون"!!
الصحف تعلن.. التلفاز يعلن.. الجيران يتذاكرون فيما بينهم بأهم ما سيأتي في القنوات من برامج ومسلسلات..
والأخوان نورة وفهد حول والدتهما:
- أمي.. أرجوك.. إن جاء رمضان سنشترك في الفوازير.. وسننام في وقت متأخر كما تفعلين أنت..
ليال العشر قادمة.. استعدادات حارّة لاستقبال العيد..
سألت معلمة طالباتها:
- لماذا يفرح الصائم بقدوم العيد؟
أجابت الطالبة وبكل براءة:
- لأنه استراح أخيراً من الصيام وانتهى رمضان!!
***
أهذا هو رمضان؟
وماذا بعد هذا كله؟ أهذا
هو رمضان الذي نريد أن نعيشه؟ أهذا هو رمضان الذي نسأل الله أن يبلّغنا
إياه؟ أهذا هو الشهر الذي نتحرّق شوقاً للُقياه؟
أين حق رمضان علينا.. وحق أبنائنا كذلك؟
ما الذي يجب أن يعنيه رمضان بالنسبة لهم؟
***
هذا ما نريد بالضبط:
"بعد أيام.. سيأتي
رمضان.. ربما نشتري الآن أكلاً كثيراً.. ولكن علينا أن نتحمّل الجوع طوال
النهار.. وأنت يا لميس.. هل ستصومين معنا؟ "
- وماذا يعني الصيام؟
- لن نعطيك فطوراً كما نفعل دائماً.. ولكن سأوقظك قبل الفجر لتأكلي معنا السحور.. وتصلّي معنا الفجر.. أتريدين ذلك؟
- متى نأكل إذًا؟
- حسناً.. في المغرب..
سنعدّ الكثير من أصناف الطعام التي تحبينها.. وسأصنع لك حلاك المفضل..
وسيحبّك الله، ويدخلك من باب الريان لأنك من الصائمين..
وفي حوارات أخرى.. هناك الكثير من المعلومات التي يمكن عرضها لأبنائنا لكي يدركوا قيمة رمضان..
شيء من الحماس على مائدة الطعام حيث الاجتماع الأسري في العادة..
- ياااه.. رمضان قادم.. اللهم اجعلنا من الفائزين فيه..
بداية طيبة لحوار أطيب..
- أبي.. ما معنى الفائزين في رمضان؟
الصدقة كيف يكون أجرها في رمضان..
صلة الرحم.. زيارة الجد والجدة وبقية الأقارب في رمضان..
كثرة الذكر وقراءة القرآن في شهر رمضان..
***
لماذا نصوم؟
كيف يشعر الفقراء بالجوع؟ كيف نخفّف من آلامهم؟
كيف ندعو الله؟
"ارفعْ يديك يا بني... لن يردّك الله خائباً.. فقط.. اطلبْ من ربك ما تريد.. واسألْه العفو والعافية..
الصلاة.. ما أروع الصلاة في كل حين.. وما أعظم أجرها في رمضان..
"هل تعرفون ليلة القدر؟
إنها ليلة تتحقق فيها كل الأمنيات.. وتُستجاب فيها الدعوات.. وتتنزّل
الرحمات.. سلام هي حتى مطلع الفجر.. ولله فيها عتقاء من النار".
"يا أبنائي رمضان قادم.. فلنحسنْ استقباله كي نفوز بالرحمة والمغفرة
والعتق من النيران..
***
جعلنا الله وإيّاكم من الفائزين.