بيوتنا في رمضان محمود القلعاوي
بيوتنا في رمضان
محمود القلعاوي
جاء رمضان
بما يحمل من نفحات التغيير.. التغيير الذي أراده الله - عز وجل - منا من
الصوم لعلكم تتقون.. ولا شك أن بيوتنا يتغير وجها في رمضان عن غيره.. وهنا
أحببت أن أضع صورة لبيوت الصائمين وما تمتاز به عن غيرها.. من قراءة
قرآن وصدقة وإطعام مسكين وأعمال بر وخير.. وهاك بعض ما جمعت:
• القرآن الكريم:
فهي بيوت يُكثر فيها
تلاوة القرآن الكريم.. والاستماع إليه.. فالبيت الذي يُقرأ فيه القرآن
يزداد خيره وبركته.. والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره وبركته..
قال - صلى الله عليه وسلم -: (البيت الذي يقرأ فيه القرآن يتراءى لأهل
السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض) [رواه البيهقي].. وكان أبو هريرة
يقول: " البيت إذا تلي فيه كتاب الله اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته
الملائكة، وخرجت منه الشياطين، والبيت الذي لم يتلى فيه كتاب الله ضاق
بأهله، وقل خيره وتنكبت عنه الملائكة وحضره الشياطين " [إحياء علوم الدين
الإمام الغزالي].. فبيوت الصائمين عامرة بقراءة القرآن وتلاوته
والاستماع إليه والتنافس على ختمه عدة مرات في هذا الشهر الكريم.
• إطعام الطعام:
وهي بيوت يُطعم فيها
الطعام.. وتوصل فيها الأرحام خاصة في شهر المواساة الذي يزداد فيه في رزق
المؤمن كما ورد في الحديث الشريف: (من فطر صائماً كان له مثل أجره غير
أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً) [رواه الترمذي].. وقد كان عبد الله بن
عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين.. وكان عبد الله بن المبارك يطعم
إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس في خدمتهم.. وكان حماد بن أبى سليمان يفطر
كل ليلة في شهر رمضان خمسين إنساناً فإذا كان ليلة العيد كساهم ثوباً
ثوباً.. [صنائع المعروف الأستاذ: محمد ياقوت].. هذا إطعام بيوت سلفنا
الصالح في رمضان فكيف إطعام بيوتنا نحن!!
• التسبيح والدعاء:
وهي بيوت تعمر بالذكر
والتسبيح والدعاء في شهر الصيام.. ألا تذكر آية الدعاء التي ذكرت وسط
آيات الصوم إشارة إلى علاقة الدعاء بالصيام.. وأعظم أوقاته عند الإفطار
ووقت السحر ثم ليلة القدر وما أعظمها؟!.. فيستقبل الشهر بالدعاء: (اللهم
أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضى
ربي وربك الله).. وعند الإفطار: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن
شاء الله).. وعند ليلة القدر: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى).. فما
أجمل أن يجمع الرجل أهل بيته وقت الفطر ليدعو ويؤمنوا خلفه فهي دعوة لا
ترد.
• الصدقات:
وهي بيوت تخرج منها
الصدقات فتعطي للمحتاجين.. فأفضل الصدقة صدقة في رمضان.. والجمع بين
الصيام والصدقة من أبلغ الأبواب في تكفير الخطايا واتقاء جهنم والمباعدة
بينهم.. وهي من موجبات الجنة التي أعد الله فيها غرفا لمن طيب الكلام
وأطعم الطعام وأدام الصيام.. وإطعام الطعام منزلة عظيمة للمسلم الصائم
فهذه مطهرة لماله وبركة في منزله ومعاونة على صومه.. ولأن الصيام لا يسلم
غالبا من اقتران خلل أو نقص به جاءت صدقة الفطر.. قال - صلى الله عليه
وسلم -: (زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين) جزء
من حديث رواه البيهقي.
• جلسة إيمانية:
قد تكون يومية.. وقد
تكون أسبوعية.. وقد تكون نصف أسبوعية.. يجلس فيها كل أفراد الأسرة في جو
إيماني.. يتدارسون تفسير آية.. أو حكم من أحكام الصوم.. أو شرح حديث.. أو
قصة صحابي.. أو غزوة من غزواته - صلى الله عليه وسلم -.. ويا حبذا لو
شارك الجميع في إعداد الفقرات من مسابقة خفيفة.. أو نشيد جميل.. أو خاطرة
لطيفة.. المهم أن يشارك الجميع في هذه الجلسة الإيمانية.. وأن يغلب على
الجلسة جو الحنان والرفق لا جو التشدد والتضييق.. و لتكن الجلسة الأولى
عن فضل الشهر الكريم وعن أن أبواب الجنة المفتوحة وأبواب النار مغلقة
وكونه فرصة لكل لمن أراد أن تزيد حسناته وتغفر سيئاته.
• البسمة:
لها أثر السحر في
النفوس؛ فهي تحدث تفاعلات بدنية تساعد على تجديد النشاط الحيوي.. وتُولد
الإحساس بالصحة.. وتُزيل الانقباض النفسي.. و تُحدث الراحة العقلية.. حتى
قالوا: إن ما يفعله الضحك في الضاحك كفعل الدواء في المرض.. أما العبوس
في وجه الناس فخُلقٌ لا يرتضيه الإسلام مطلقاً.. وقد كان - صلى الله عليه
وسلم - بساماً عظيماً يحب السرور ويكره الحزن وما يدفع إليه من متاعب..
بل كان يستعيذ من شره: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن).. ومما يروى
عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان بساماً وأحياناً يضحك حتى تبدو
نواجذه وهو ضحك العقلاء البصراء بداء النفس ودواءها..وهكذا بيوتنا في
رمضان وفى غير رمضان مليئة بالبسمات لا عبس فيها..وكما قالوا رب بسمة حلت
مشكلة