دع غضبك يتفجر بشكل إيجابي
دع غضبك يتفجر بشكل إيجابيليس فينا عزيزي القارئ من لا تعتمل في نفسه عوامل الغضب لهذا الأمر أو ذاك ، وهذا أمر طبيعي للغاية ، بل هو غريزي في النفس البشرية .حيننكتم مشاعر الغضب أو الإستياء والسخط فإنها تعتمل في الداخل لتتحول إلىمرارة وأسى وحزن وبالتالي إلى مرض فسيولوجي يختزن تلك الشحنات التي تعذرعلينا إطلاقها لهذا السبب أو ذاك .المرضالفسيولوجي كما المرض النفسي هما عاملين من عوامل اللاتوازن في الشخصية ،( إضطراب الشخصية ) ، وإضطراب الشخصية يتأتى غالبا من حرمان المرء فرصةتأكيد ذاته وهويته الشخصية وكينونته المستقلة المتميزة .مشاعرالغضب والنقد وتأنيب الضمير والشعور بالذنب والخوف وغيرها ، جميع هذه يجبأن تُفهم ويُعبر عنها بشكل طبيعي ولا ينبغي أن تُخنق في الداخل ، إنما حيثتُخنق يجب التنبه لها ثم إطلاقها بشكل إيجابي رصين غير مؤذي لك أو للآخرين.وحيثأننا نعالج الآن في هذا الفصل عامل الغضب والسخط ، فإذن سنتحدث عن الوسائلالسليمة لتصريف هذه الشحنات السلبية الضارة ، بشكل إيجابي .كيف ؟حسنا … هناك أساليب عديدة جدا لتصريف تلك الطاقات ، إنما سأورد بعضها وأفضلها :اولا :____تحدث مع الشخصالمعني بالغضب أو الذي سبب لك شعور الغضب ، هذا الأسلوب هو الأفضل والأجدىوالأنفع ، تحدث بثقة للمقابل وفجر ما في داخلك من غضب قبل أن يعتمل أكثرليتحول إلى قوة مدمرة ، قل له : ” أنا غاضب منك لأنك ………………….. ”شددّ على كلمةأنا غاضب منك ، فإن لم تقلها فكأنك لم تفعل شيء ، لا قلها بصراحة فأنت فيأول المشوار أما لو وجدت أنك تود أن تصرخ بقوة في وجهه ، فهذا يدل على أنالغضب قد أُختُزنَ طويلا في داخلك ، وهنا إن وجدت أنك قد تتورط في شجار معالمعني فليتك توجهت صوب سبيل آخر يمكن أن يحفظ بعض الود مع المقابل دون أنيحرمك فرصة تفجير غضبك وهذا هو السبيل الثاني الذي نذكره أدناه .ثانيا :___تحدث معالمقابل عبر مرآة في بيتك أو في مكان منعزل ، إبحث لك عن مكان آمن لا يكونهناك فيه من ينظرك أو يتابعك ، ركز بصرك على عينيك في المرآة ، إن وجدتأنك لا تجرؤ على أن تنظر لعينيك ، إنظر إلى أنفك أو فمك ، إستحضر في خيالكصورة الشخص الذي سبب لك الغضب ، إستحضر اللحظة التي سببها لك ثم إشرعبإبلاغ الشخص ( في الخيال طبعا ) أنك غاضب منه لأنه فعل كذا أو قال كذاضدك أو سبب لك كذا خسارة أو حرمان أو إساءة ، كن دقيقا في توضيح هذا الذيأغضبك منه ، قل وجهة نظرك بصراحة فهو على الأقل بعيد عنك الآن ، دع غضبكيتفجر ويتسرب إلى الخارج بشكل تلقائي عبر الكلمات ، إظهر له ولنفسك أنكغاضب حقا ، ولو وجدت أنك بحاجة إلى التعبير عن غضبك بشكل فعلي ، توجه صوبسريرك وألتقط الوسادة أو أكثر من وسادة وأبدأ بضربها بقوة ، لا تخف منتفجير غضبك ، بل دعه يتحرر بالكامل بهذه الطريقة الآمنة .لاتمضي إلا بضع دقائق أو ربع ساعة مثلا إلا وتجدك متحرر بالكامل من شحناتالغضب التي كانت كامنة في داخلك وستشعر بالصفاء والأرتياح وإذ يفرغ قلبكوعقلك من الغضب ، سيتحرر مكان كبيرٌ فيهما يمكن أن يشغله الحب والثقةوالأمان والفكر الهادي .حينتتحرر من غضبك ، يستحسن عزيزي القارئ أن تغفر لمن أخطأ في حقك . العفويمنح المرء شعور بالحرية الكبيرة ، لأن الغضب والكراهية قيد وعبودية لحالةزمنية أو لفعل حصل في زمن مضى وبالتالي إن لم يطرد فإنه يظل مفسدا للحاضروالمستقبل ، تحرر من غضبك بالطريقة التي تحب ، ثم إنتقل إلى العفو عن منأساء إليك ، لتكتمل حزمة تفريغ المكبوتات بحيث لا تنسحب على المستقبل .طبعاحين نقول أنك ستعفو لا يعني هذا أنك ملزم بأن تعود لمن خذلك أو أساء إليكفتتحبب إليه ، لا هذا أمر آخر لا علاقة له بعملية تفريغ الغضب ، فقد يعودهذا الرجل أو تلك المرآة إلى تكرار ذات الفعل ثانية وثالثة ، إنما نقولتعفو عنه وتحرره من كراهيتك وغضبك له وذلك في داخل نفسك أولا ثم تقول له ،” إذهب بسلام وحررني من كراهيتك ومن حضورك في حياتي “.أو قُل :” حسنا ، لقدأغلقت ملف هذا الموقف وأنا أتفهم الآن إنه ماضي لا ينبغي أن أفكر فيهوأتفهم أنك كنت في وضع سيء أو إن هذا هو أقصى ما تملك من فهم وإدراكوأخلاقيات في التعامل ، إذهب أنت حر الآن ودعني أعيش حياتي بسلام ”بهذا تحرر نفسك وتحرر المقابل من غضبك وتفكيرك الدائم غير المجدي في الإنتقام منه .طبعامن الممكن عزيزي القارئ أن لا تتحرر بالكامل من شعورك بالغضب في المرةالأولى ، عندها يمكن أن تكررها مرات عديدة حتى تشعر أنك تحررت بالكامل وأننفسك عادت للصفاء والتألق والسكينة .طبعا يمكن أن تسمح لنفسك أن تصرخ في المرآة أو بينما أنت ترفس الوسادة أو تلكمها ، لا بأس ، إفعل هذا وخذ الوقت الذي يناسبك .أذكرأن أحد المشاركين في فصل دراسي عندي ، إعتمد ساعة منبه الفرن ( طبعا هذاإختيار ذكي لأن الفرن يذكر بفرن القلب حين يغلي من الغضب ) ووضع المؤقتعلى نصف ساعة ، وظل يضرب الوسادة ويصرخ وحين شعر بالتعب والإرتياح بنفسالوقت نظر إلى الساعة فإذا بها لا زالت عند الدقيقة العاشرة ، فعاد إلىالرفس والصراخ لدقائق أخرى حتى أفرغ كل ما في قلبه قبل أن تدق ساعة الفرنمعلنة إنتهاء الشواء المفترض .لقدأخبرني الكثيرون أنهم بعد هذا التمرين يشعرون براحة غريبة جدا إذ يتحررونمن الغضب والكراهية والحنق ، وأجيبهم : ” هذا أمر طبيعي لأنكم تحملون عبئاأنتم غير راغبين فيه ولكنه فرض عليكم ، وبالتأكيد حين تتحررون منه تشعرونبالراحة والصفاء ” .