اشتر نفسك من الله عزوجل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشتر نفسك من الله
لقول النبي (صل الله عليه وسلم) :
" اتقوا النار ولو بشق تمرة" 1
وفي رواية الطبراني :
" اجعلوا بينكم وبين النار حجابا ولو بشق تمرة" 2
وقد وعت الدرس أم المؤمنين عائشة فأنفقت ولو كان الإنفاق : عنبة واحدة ، وتصدَّق عبد الرحمن بن عوف بعنبة حين لم يجد غيرها ، وسعد بن أبي وقاص تصدَّق بتمرة ، ولم لا وقد حفظوا من كتاب ربهم :(فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرً۬ا يَرَهُ) [ الزلزلة : 7 ] ، وتعلموا من نبيهم : " لا تحقرن من المعروف شيئا ".
وحتى لو كانت هذه التمرة مبذولة لمن تجب له النفقة عليك ، كما حدث مع عائشة رضي الله عنها التي روت :
جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات ، فأعطت كل واحدة منهما تمرة ، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها ، فاستطعمتها ابنتاها ، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما ، فأعجبني شأنها ، فذكرت الذي صنعت لرسول الله (صل الله عليه وسلم) ، فقال : " إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار" 3
ومن أعلى الهمم التي طلبت العتق من النار بالسير في هذا الطريق: الصحابي الجليل معاذ بن عفراء -صاحب العقبتين وبدر- الذي كان لا يدع شيئا إلا تصدق به ، فلما وُلِد له ولد استشفعت إليه امرأته بأخواله فكلموه وقالوا له: إنك قد أعلت ، فلو جمعت لولدك ، فقال:
" أبت نفسي إلا أن أستتر بكل شيء أجده من النار" 4
وليست الوقاية من عذاب النار فحسب ، بل وما قبل عذاب النار ، وذلك من أهوال يوم القيامة في ساحة الحشر .. تأتي الصدقة لتظلل صاحبه وتحميه من الشمس الدانية المحرقة. قال (صل الله عليه وسلم) : " كل امرئ في ظل صدقته حتى يُقضى بين الناس" 5
فالناس في حر يوم القيامة يتألمون ويُقاسون ويُرهقون وصاحبنا المنفق في الظل مستريح يتبرَّد!!
قال المناوي :
" كأن صدقته تجسد كالطود العظيم فيكون في ظله أو هو مجاز ، وقال العامري : ليس المراد بها ظله من حر الشمس فقط بل تمنعه من جميع المكاره وتستره من النار إذا واجهته ، وتوصله إلى جميع المحاب ، من قولهم : فلان في ظل فلان ، وتمسك به من فضل الغني الشاكر على الفقير الصابر ، ولو لم يكن في فضل الصدقة إلا أنها لما تفاخرت الأعمال كان لها الفضل عليهن لكفى" 6
وللنساء أوجب
والصدقة في حق النساء أوجب ، والسبب نجده بين ثنايا حديث جابر بن عبد الله قال :
شهدت مع رسول الله (صل الله عليه وسلم) الصلاة يوم العيد ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ، ثم قام متوكئا على بلال ، فأمر بتقوى الله ، وحثَّ على طاعته ، ووعظ الناس وذكرهم ، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال : " تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم " ، فقامت امرأة من وسط النساء سفعاء الخدين ، فقالت : لم يا رسول الله؟ قال : " لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير ". قال : فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن 7
انظر كيف الربط بين الخوف والعمل في الحديث ثم قلِّد.
[1]صحيح : رواه الشيخان وأحمد عن عدي كما في صحيح الجامع رقم : 115
[2]حسن : رواه الطبراني عن فضالة بن عبيد كما في صحيح الجامع رقم : 153
[3]صحيح : كما في صحيح مسلم رقم : 2630
[4]صفة الصفوة 1/472، ومن أخبار جوده التي كان يرجو به عتق رقبته من النار ما رواه أفلح مولى أبي أيوب قال: كان عمر يأمر بحلل تنسج لأهل بدر، فبعث إلى معاذ بن عفراء حلة فقال لي معاذ: يا أفلح.. بِعْ هذه الحلة فبعتها له بألف وخمسمائة درهم، ثم قال: اذهب فابتع لي بها رقابا، فاشتريت له خمس رقاب، ثم قال: والله إن امرأ اختار قشرين يلبسهما على خمس رقاب يعتقها لغبين الرأي .. اذهبوا فأنتم أحرار. صفة الصفوة 1/473
2/362
[5]صحيح : رواه أحمد والحاكم عن عقبة بن عامر كما في ص ج ص رقم : 4510
[6]فيض القدير2/362
[7]صحيح : رواه مسلم والنسائي عن جابر بن عبد الله كما في إرواء الغليل 3/119
كتبه خالد او شادى