حرمة السفر إلى بلاد الكفار
حرمة السفر إلى بلاد الكفار
الشـيخ عبد الله القرعـاوي
الحمد لله معز من أطاعه واتقاه ومذل من خالف أمره وعصاه، الناصر لمن ينصره
من أهل طاعته وأولياءه، الذي يغضبون لغضبه ويرضون لرضاه، فيحبون لحبه
ويبغضون لبغضه ويوالون أولياءه، ويعادون أعداءه، ويجاهدون أهل معاصيه
بأنفسهم وأموالهم وألسنتهم طاعةً لله، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله
وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما
بعد:
عباد الله:
اتقوا الله تعالى واعلموا أن العاقل من تفكر في أمره، ورأى أن تصرم أيامه
مؤذن بقرب رحيله طال عمره أو قصر، فاحتاط لأمره واجتهد في يومه واستعد
لغده، قال علي رضي الله تعالى عنه: "ارتحلت الدنيا مدبرة وجاءت الآخرة
مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء
الدنيا، فإن اليوم عمل بلا حساب وغداً حساب بلا عمل".
عباد الله:
إن كثيراً من الناس تمر عليهم الأيام والشهور لا يدركون ثمرتها ولا
يقدرونها قدرها فهم مغبونون فيها كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه
وسلم بقوله: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ» رواه
البخاري.
قوله كثير من الناس أي إن الذي يوفق لذلك قليل ولقد ظهر مصداق قول النبي
صلى الله عليه وسلم في حال كثير من الناس اليوم، ولعل خير شاهد لذلك تضييع
الوقت في مجالس كثير من الناس، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لاَ
يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ
وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً» يوم القيامة. رواه أبو داود والحاكم.
فقوله: عن مثل جيفة حمار أي عن مثلها في النتن والقذارة والبشاعة لما صدر
منهم من رديء الكلام ومذمومه شرعا، إذ المجلس الخالي عن ذكر الله إنما يعمر
بما ذكر ونحوه، فماذا بعد الحق إلا الضلال.
عباد الله:
كثير من المجالس يطول المكث فيها وتخلوا من ذكر الله تعالى.
ومن المجالس من يستمر أهلها أمام القنوات الهابطة الماجنة التي تبث ما فيه محاربة لله ولرسوله.
ومن المجالس ما يوجد فيها مجلات فاجرة ساقطة يقلِّب أصحاب تلك المجالس أوراقها ويتصفحون صورها.
ومن المجالس من يعمرها أصحابها بالغيبة والنميمة ألا فليتقي الله تعالى من كان هذا شأنه وليعلم أنه مسؤول عن تفريطه ومحاسب عليه.
عباد الله:
إذا كان العبد مسؤولاً عن مجلس جلس فيه ساعة من نهار، فإن كان مجلسه خالياً
من ذكر الله، كان في الدنيا كمن قام عن جيفة حمار، وكان في الآخرة حسرة
عليه، فكيف بمن يقضي ساعات بل أياماً كثيرة في بلاد الكفر والضلال من غير
ضرورة؟ وإنما سافر لأجل التنزه والترويح، وقد يسافر الرجل بأهل بيته
وأولاده فيمكثون الأيام الكثيرة حتى أصبح ذلك مدعاة للتنافس والتباهي عند
بعض من الناس.
عباد الله:
إن خطورة السفر إلى بلاد الكفار يتضح أثرها في أمور كثيرة فمنها تعريض دين
المرء إلى الانحلال والضلال والزيغ فأعداء الإسلام لا يرقبون في أهله إلاًّ
ولا ذمة بل يسعون جاهدين إلى إخراج المسلم من دينه بكل وسيلة تمكنهم من
ذلك قال عز وجل: -(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ
يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ
أَنْفُسِهِمْ)- [البقرة/109] وقال: -(مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ
خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ)- [البقرة/105] وقال سبحانه: -(وَدُّوا لَوْ
تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً)- [النساء/89] وقال
تعالى: -(وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ
دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)- [البقرة/217].
ومنها: ضعف الوازع الشرعي وقلة الغيرة، كثرة ما يشاهد ويسمع من منكرات
الأخلاق والأهواء والأعمال، بل قد يصل الحال ببعض المسافرين إليهم إلى
الرضا بل والمشاركة في بعض منكراتهم حتى يكاد يتشرب قلبه محبتهم والإعجاب
بهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ
مِنْهُمْ» رواه أبو دود وأحمد.
وغالب الذين أوقع هؤلاء في هذه الأمور الخطيرة المخالفة للسنة هو ما تبثه
تلك القنوات من الدعايات مزعومة باسم السياحة، وكذا ما تبثه من الأفلام
البالغة في الخسة والدناءة مما يهيج في نفوس بعض الناس الإقدام على الشهوات
المحرمة، يضاف إلى أولئك بعض المسلمين الذين يحرصون على جمع المال من
الحرام من خلال نشر الدعايات للسفر إلى بلاد الكفار والترويج لذلك، ألا
فليتقوا الله تعالى وليعلموا أنهم ممن دعا الناس إلى ضلالة ويشملهم قوله
صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ
الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ
شَيْئًا» أخرجه مسلم.
عباد الله:
ولقد فرضت الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام حفظاً لدين العبد من الزوال
أو النقصان، وفراراً به من الفتن، ولخشية عدم إظهار شعائر الإسلام، قال
شيخ الإسلام رحمه الله: "لا يسلم أحد من الشرك إلا بالمباينة لأهله، والمرء
يتأثر بمجتمعه في صلاحه وتقواه، وفي بعده عن ربه ومولاه، ولذا كانت الهجرة
فريضةً على هذه الأمة المحمدية من بلد الشرك والكفر إلى بلد الإسلام، وقد
حكي الإجماع على وجوبها، وقد فرضها الله على رسوله وعلى الصحابة قبل فرض
الصوم والحج، وقد جاء الوعيد على من تركها وهو قادر على ذلك، فقال عليه
الصلاة والسلام: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ
أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ؟ قَالَ: «لاَ
تَرَاءَى نَارَاهُمَا» رواه أبو داود والترمذي.
ومخالطة المشركين ضرر على الدين، وإذا كان المسلم في بلد لا يقدر على إظهار
دينه والتصريح به وتبيينه وجب عليه مفارقة ذلك الوطن، لإظهار دينه وليصون
معتقده، فالقرب منهم في المسكن ونحوه يضر بدينه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيماناً من غيرهم ممن جرد الإسلام".
والهجرة فيها منافع دينية ودنيوية للمهاجر، فالهجرة الغالب على أهلها
السلامة والعز والتمكين، كما جرى ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وأتباعه سلفاً وخلفا، ومصالح الهجرة في الدنيا أكثر من أن تحصر كما قال
تعالى: -(وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا
لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً)- [النحل/41].
وفي ترك الهجرة أضرار على تاركها في دينه ودنياه قال الشيخ عبد الرحمن ابن
حسن رحمه الله: المفاسد التي في ترك الجهاد موجودة في ترك الهجرة وأكثر
منها، كما لا يخفى على ذوي البصائر والفهم، وكان الجهاد من ثمرتها
ومصالحها، وتأمل ما وقع فيه التاركون للهجرة من سوء الحال في الدين
والدنيا.
ومن له قدرة على الهجرة من ديار الشرك ولم يهاجر فقد ظلم نفسه ووقع في
الإثم، وهي أي الهجرة باقية وواجبة إلى أن تقوم الساعة فلا تسقط في أي زمن
عن هذه الأمة، بل وجوبها باق إلى قيام الساعة فمن كان مسكنه بديار المشركين
وهو قادر على التحول عنهم، وجب عليه الهجرة من تلك الديار، قال شيخ
الإسلام رحمه الله: أحوال البلاد كأحوال العباد فيكون الرجل تارة مسلما
وتارة كافرا، وتارة مؤمنا وتارة منافقا، وتارة برا تقيا، وتارة فاسقا،
وتارة فاجراً شقيا، وهكذا المساكن بحسب سكانها فهجرة الإنسان من مكان الكفر
والمعاصي إلى مكان الإيمان والطاعة كتوبته، وانتقاله من الكفر والمعصية
إلى الإيمان والطاعة، وهذا أمر باق إلى يوم القيامة. انتهى كلامه رحمه
الله.
والدليل على وجوب الهجرة قوله تعالى: -(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ
الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا
كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ
اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَسَاءَتْ مَصِيرًا*إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ
سَبِيلًا*فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ
اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا)- [النساء/97-99] وقد نزلت هذه الآية في أناس من
أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا، فقال الله عنهم: -(إِنَّ الَّذِينَ
تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ)- [النساء/97]، أراد ملك الموت وأعوانه
الموكلين بنزع الروح وحال من تنزع أرواحهم أنهم من ظالمي أنفسهم بترك
الهجرة من ديار الشرك -(قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ)- [النساء/97] أي لم مكثتم
هاهنا وتركتم الهجرة؟ وهذا استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع يعود معناه إلى: لم
مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة وفي أي فريق كنتم والملائكة تعلم في أي فريق
كان فيه التاركون للهجرة بعد ما وجبت عليهم وإنما تقول الملائكة لهم ذلك
توبيخاً لهم قالوا أي الذين تركوا الهجرة: -( كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي
الْأَرْضِ)- [النساء/97] أي كنا عاجزين عن الهجرة لا نقدر على الخروج من
البلد ولا الذهاب في الأرض وهم غير صادقين في ذلك قالوا أي قالت لهم
الملائكة معاتبة لهم: -(أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً
فَتُهَاجِرُوا فِيهَا)- [النساء/97] وهذا استفهام تقرير أي قد تقرر عند كل
أحد أن أرض الله واسعة فلم لا تهاجرون إلى المدينة وتخرجون من بين أهل
الشرك، فلم يعذروا بترك الهجرة.
فحيث ما كان العبد في محل لا يتمكن فيه من إظهار دينه فإن له متسعاً وفسحةً في الأرض يتمكن فيها من عبادة الله.
قال الله عن هؤلاء: الذين لا عذر لهم -(فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَسَاءَتْ مَصِيرًا)- [النساء/97]، أي بئس المصير إلى جهنم وهذا فيه أن
تارك الهجرة بعد ما وجبت عليه وهو قادر عليها أنه مرتكب كبيرة من ومن باب
أولى المسافر إلى بلاد الشرك من غير ضرورة إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ أي
الضعفاء والعاجزون عن الهجرة مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ
لا يستطيعون مفارقة المشركين فلا يقدرون على حيلة ولا على نفقة ولا على قوة
للخروج وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا أي لا يعرفون الطريق للخروج من مكة إلى
المدينة فأولئك فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ يتجاوز
عن المستضعفين وأهل الأعذار بترك الهجرة -(وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا
غَفُورًا)- [النساء/99] عفوا متصفاً بالعفو والتجاوز عن السيئات غفوراً
للخطايا والأوزار.
قال ابن كثير رحمه الله: "نزلت هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين
ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكنا من إقامة الدين فهو ظالم
لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع وبنص هذه الآية" انتهى كلامه رحمه الله.
وبلاد الكفر والشرك هي التي يحكم الوالي عليها بالطاغوت ويقر فيها عبادة
غير الله من دعاء الأموات والاستغاثة بهم طوعاً واختيارا، وإذا كانت الهجرة
مأموراً بها من بلاد الكفر دل هذا على تحريم السفر إلى بلادهم إلا لحاجة
تدعو إلى ذلك كعلاج ونحوه، ولا يجوز السفر إليهم عند الحاجة إلا من كان
عنده علم يمنعه مما يرد عليه من الشبهات، وأن يكون عنده دين يمنعه من
الشهوات، وأن يتمكن من إظهار دينه والقيام بعبادة ربه كما أمر الله، وأن
يحذر كل الحذر من موالاة المشركين.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وعلى حسن عبادتك أقول قولي هذا وأستغفر الله لي
ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور
الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه
وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أن السفر إلى بلاد الكفار لا يجوز، ومن
الأدلة على ذلك أيضا دليل آخر على أن الهجرة واجبة على القادر عليها قوله
تعالى: -(يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ
فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ)- [العنكبوت/56] يا عبادي الذين آمنوا بي وبرسولي
إن أرضي واسعة لن تضق عليكم فتقيموا بموضع منها لا يحل لكم المقام فيه،
ولكن إذا عُمل بمكان بها بمعاصي الله ولم تقتدروا على تغييره فاهربوا منه
إلى أرضي الواسعة التي تسع جميع الخلائق، فإذا كان الإنسان في أرض لا يتمكن
من إظهار دينه فيها فإن الله قد وسع له الأرض ليعبده فيها كما أمر، وأن
يوحده في أرضه الواسعة.
وكذلك يجب على كل من كان ببلد تُعمل فيها المعاصي ولا يمكنه تغييرها أن
يهاجر منها فإياي فاعبدون أي أظهروا لي العبادة في أرضي الواسعة التي
خلقتها وما عليها لكم، وخلقتكم عليها لعبادتي.
ومن الأدلة على أن الهجرة مفروضة على هذه الأمة وأنها باقية إلى قيام
الساعة من السنة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود عن
معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ
حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى
تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».
لا تنقطع أي لا يسقط وجوب الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام حتى تنقطع
التوبة حتى لا تقبل التوبة ممن تاب، فدل الحديث على أن التوبة ما دامت
مقبولة فالهجرة واجبة بحالها.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية
فالمراد لا هجرة بعد فتح مكة منها إلى المدينة لأن مكة صارت دار إسلام بعد
فتحها، وقوله صلى الله عليه وسلم: ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من
مغربها فإذا طلعت الشمس من مغربها لم تقبل التوبة قال تعالى: -( يَوْمَ
يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ
تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)-
[الأنعام/158] فدل على أنها تقبل قبل طلوع الشمس من مغربها وإذا كانت
التوبة تقبل فإن الهجرة لا تنقطع.
عباد الله:
-(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)-
[الأحزاب/56].
وأكثروا عليه من الصلاة يعظم لكم ربكم بها أجرا فقد قال صلى الله عليه
وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا
عَشْرًا».
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين.
اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا وأصلح ووفق ولاة أمورنا.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لنا، ولآبائنا ولأمهاتنا، ولأولادنا ولأزواجنا، ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
-(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ*وَسَلَامٌ عَلَى
الْمُرْسَلِينَ*وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)-
[الصافات/180-182]