لا بصوم ولا بصلّي
لا بصوم ولا بصلّي
أنصار توفيق وتد
"لا بِصوم... ولا
بِصلّي! " أحسستُ بحاجة إلى الكتابة... إلى الهروب من حروف عاجزة تودّ أن
ترتمي بين أحضان العجز... إلى حروف ثائرة نابضة بالحب والخوف على الكثيرين
من شباب وفتيات المسلمين... أولئك من تحسبُ أنهم عماد الأمة وبريق أملها
وارتقائها... ولا تلبث أن تخذلك تصرفات، أفكار ومواقف تشهدها! كنتُ جالسة
برفقة إحدى قريباتي... لاحظتُ لحظات من السعادة تتلألأ في عينيها وهي تقصّ
نبأ شاب تقدّم لخطبتها... وسيرتبطان قريباً... فرحتُ لفرحها... وبقلب
محبّ تمنيتُ لها كل الخير! أخذت تنساب بالحديث عنه... عن معايير"متحضّرة"
أخذتها بعين الاعتبار... فهذا زواج العمر"مش لعبة"! "الشاب كذا وكذا...
يملك كذا... وأهم شيء إنه صريح كثير... تخيلي أول جملة قالها لا بصوم ولا
بصلي!! " حاولتُ إعادة صياغة كلمات سمعتها... العودة إلى لحظات من السعادة
شهدتها... فغرتُ فاهي... لم أستطع التعبير عن رأيي... أحسستُ بأنني ضعيفة
ولا أجد من الكلمات ما يُسعفني للنصيحة.. مع أنها كانت سلاحي! أختي
الكريمة... أخي الكريم أبات التصريح بترك الصلاة والصوم صراحة وتحضراً؟
كيف لك أختي المسلمة أن تقبلي بشاب لا يخاف الله؟ ألا تخافين على نفسك
معه؟ أبات الزواج غاية وهدفاً بحد ذاته؟ لم لا نفكر ما هو الزواج؟ ولم
نتزوج؟ أين تلك التطلعات والأحلام والخطوات التي تنتظرنا كشريكين لبداية
حياة مفعمة بالسعادة، الحب والإيمان؟ أنحن أحرص على أمورنا من بارئنا
وخالقنا ومدبّر شؤوننا... أليس هو أعلم بما سيفرحنا او يتعسنا؟ ما هو
الطالح أو الصالح لنا؟ أنحن أحكم من الرسول الكريم - عليه أفضل الصلاة
والسلام - حين قال: (( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه))؟
أخي الشاب... أختي
الفتاة! نخطط بدقة شديدة لكل خطوة لنا في الدنيا... وخصوصاً في الزواج
والاحتفالات... حدّث ولا حرج.. ولكننا لا نفكّر في آخرة خالدة... في حياة
سعادة أبدية فالإسلام لا يقف أبداً أمام رغبات كل منا في اختيار شريك
حياته وتحديد مواصفاته... ولكن الإسلام يحترم رغباتنا ويحاول توجيهها لما
ينفعنا في الدارين لم أجد أسمى من النظام الاجتماعي في الإسلام... الذي
يعطي كل ذي حق حقّه في العلاقات الإنسانية والاجتماعية... والإنسان مدني
بطبعه... يعيش من أجل تلك العلاقات التي تعزّز إنسانيته وإن تحدثنا عن
الزواج بشكل خاص... فإنه ليس بمؤسسة بسيطة تقوم على الجمال والأحلام
الوردية والمال... إنها علاقة قدسية خاصة وعميقة... تمثّل أسلوباً من
أساليب حركة الحياة الإنسانية... فيما يتصرف به كل طرف نحو الآخر...
باحترام حقوقه... تأدية واجباته... احترام مشاعره وإدارة الجانب الإنساني
به لهذا ولأن الإسلام يرقى بالمسلم في جميع جوانب حياته... قام بتوجيهنا
على الارتفاع برغباتنا والتركيز على الأمور التي تمس عمق إنسانية العلاقة
وصلبها... وعدم الاهتمام بتلك الأمور البسيطة وكأنها الأساس لإقامة علاقات
ناجحة، سعيدة ومحفوفة بالإيمان وطاعة الله فالخُلق هو محور جميع العلاقات
الإنسانية والاجتماعية أياً كانت... هو الذي يحكم نظرة وتصرف كل طرف نحو
الآخر... والالتزام الديني هو ما نملكه من ضوابط لتضبط تصرفاتنا وشعورنا
نحو الآخر بما يرضي الله - عز وجل - إذن...جاء الوقت لنقف وقفة صدق مع
أنفسنا... نفكر بعمق العلاقة التي تنتظرنا... والتي نطمح أن تكون أسعد
وأرقى ما يكون فالإسلام لم يأت كمناقض للمسلم ومنقص من حقه ورغباته... بل
بالعكس... جاء معزّزاً مكرماً له في جميع جوانب الحياة