الايمان باليوم الآخر
السلام عليكم
اليوم جايبلكم قضية لا زم اناقشها الموضوع عن الايمان بليوم الاخر
الإيمان باليوم الآخر هو أحدُ أرْكان الإيمان السِّتة،
التي لا بدَّ منها، وإذا نظرْنا إلى القرآن الكريم وجدْناه مِن أوَّله إلى
آخِره يعطي اهتمامًا كبيرًا للتذكير بهذا اليوم، حتى إنَّه ليقرن ذلك
بالأحكام التشريعية، فيلمح إلى ضرورة انتباه المكلَّف في تعاطيه للمعاملات
الدُّنيويَّة أنَّه موقوفٌ غدًا بين يدي ربِّه مجازًى بعمله، إنْ خيرًا،
وإنْ شرًّا.
فمِن ذلك: قوله - تعالى - في سورة الطلاق: ﴿ فَإِذَا
بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ
لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ ﴾ [الطلاق: 2].
وقليلة
هي السُّور التي لم يأتِ فيها ذِكْر لقضية البعْث والنشور، ممَّا يدلُّ
على أهمية الإيمان باليوم الآخِر في حياة المسلِم خاصَّة، وفي حياة الأمَّة
عامَّة.
وقد يوجد كثيرٌ من الناس، مَن يؤمِن بالله - تعالى - ولكنَّه لا يؤمن باليوم الآخر، وقد
وقع ذلك في قديم الدهْر وحديثه، فقد كان مشرِكو العرب يؤمنون بالله -
تعالى - ولكنَّهم لا يؤمنون بالبعْث، واليومَ يوجد في العالَم أعدادٌ غفيرة
تؤمِن بوجود الخالق، ولكنَّها لا تؤمن بقضية البعْث: إمَّا إنكارًا لها
واستبعادًا لوقوعها، يحضرني مِن ذلك مقولةُ العالِم الألماني الشهير (ألبرت إينشتين):
"... فأنا لا أستطيع أنْ أتخيَّل الربَّ الذي يكافئ ويعاقب مخلوقاتِه،
حسبي أن أتأملَ في سِرِّ خلود الحياة، أتأمل في البنيان البديع لهذا الكون،
الذي لا نستطيعُ إدراكَه إلا إدراكًا مبهمًا..."، مع أنَّ هذا الرجل ممَّن
يقول بنفي الصُّدفة في إحْداث الكون، وأنَّ وراءه محدثًا له.
وإمَّا
أن يكون عدمُ الإيمان باليوم الآخِر عن غفلة وذهول عن قضية البعْث
والاستعداد لها، وتجد مثاله الصارخ في أفراخ الليبراليِّين والعلمانيِّين،
الذين جعلوا الحياةَ الدنيا أكبرَ همهم، ومبلغَ عِلمهم.
ولعلَّ السبب في تبايُن موقف الناس مِن القضيتَيْن: أنَّ
قضية وجود الخالق، وأنَّ هذا الكون صادرٌ عن مسبِّب له ومريد لإيجاده، مِن
الظهور بحيْث لا يَقْدِر العقلُ السليم على إنكارها إلاَّ على جهة
المكابرة، فمِن ثَمَّ يُسلِّم الكثيرون لها، ثم إنهم لا يريدون أن يُكلفوا
أنفسهم أيَّ تَبِعات على التسليم بهذه القضية، فلا يخضعون لتكاليفَ
شرعيَّة، ولا يؤمنون بقضايا غيبيَّة مِن بعْث وجزاء، وثواب وعقاب؛ لأنَّ كل
ذلك يُكدِّر خاطرهم، ويشوش على تمتُّعهم بشهواتهم ونزواتهم.
تأملتُ
في كثيرٍ من القضايا المثيرة للجدل بيننا وبيْن الليبراليين والعلمانيين
العَرَب، الذين يزعمون أنهم ما زالوا يلتزمون بالإسلام، ويرضونه دِينًا،
فإذا كثيرٌ من هذه القضايا كان يمكن رفْع الخلاف فيها، لو قوي عندَهم باعثُ
الإيمان باليوم الآخر والجَنَّة والنار.
كم مِن قضية على الساحة نحتاج فيها لإثبات صحَّتها العقليَّة، وأنَّها
موافِقة للمصالح البشرية، ويكثر الضجيج والأخْذ والرد، بينما لو وَضَع
المسلِم إيمانَه باليوم الآخر نُصبَ عينيه، فبادر للامتثال، لأراح نفسَه
وغيره مِن الكثير من العناء، والخِصام والجدال.
مشكورين على الاستماع والمرور