صيام رمضان والغاية منه
صيام رمضان والغاية منه
عناصر الخطبة
1/ نعمة بلوغ شهر رمضان
2/ دروس إيمانية من شعيرة الصيام
3/ رمضان فرصة حقيقية للتغيير
4/ تذكر مصائب المسلمين في العالم
الحمد
لله الذي أكرمنا برمضان، وجعله موسمًا للرحمة والعفو والغفران، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له الرحيمُ الرحمن، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله سيدُ ولد عدنان، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه
أهل التقوى والإيمان.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: أُوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-، فمن اتقاه وقاه وأسعده ولا أشقاه.
إخوة
الإسلام: إن من نعم الله علينا أن بلَّغنا هذا الشهر العظيم والموسمَ
الكريم الذي توافَرَت النصوص على عظيم فضله وكريم خِصاله، فالواجبُ على
المسلم اغتنامُ لحظاته بما يكون سببًا للفوز بدار النعيم والنجاة من
الجحيم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من صامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر
له ما تقدَّم من ذنبه". متفق عليه.
فسارِعوا فيه إلى أنواع
الخيرات، وبادِروا بالأعمال الصالحات، وتسابَقوا فيه إلى سائر القُربات؛ عن
ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجودَ
الناس في الخير، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، فلرسول الله
-صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريح المُرسَلة". متفق عليه.
إخوة
الإسلام: التمِسوا من صوم هذا الشهر تطهيرَ القلوب، وتزكيةَ النفوس،
والوصول إلى حقيقة التقوى في جميع مراحل الدنيا، قال ربنا -جل وعلا-: (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ
عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].
لنستلهِم
من رمضان الدروسَ الإيمانية التي تجعلنا نعيش حياةً إيمانيةً تنأَى بنا عن
مصائب النفوس الأمَّارة بالسوء، وعن شرور الشهوات الجامِحة والغرائز
العارِمة، وفي هذا يقول -صلى الله عليه وسلم-: "من لم يدَع قولَ الزور
والعملَ به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أن يدَع طعامَه وشرابَه". رواه
البخاري.
ويقول -صلى الله عليه وسلم- كما رواه الشيخان: "فإذا كان
يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخَب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتَله فليقل: إني
صائم".
أيها المسلمون: رمضان فرصةٌ عظيمةٌ لتغيير الأحوال إلى ما
ينبغي أن يكون عليه المسلم من الخضوع لله -جل وعلا-، والتذلُّل له سبحانه،
والوقوف عند حدوده، والالتزام بطاعته سبحانه، فمن أضاع هذه الفرصةَ وقع في
الخسارة الكبرى والحسرة العُظمى؛ صحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أنه رقِي المنبر فقال: "آمين" ثلاثًا، ثم قال: "إن جبريل أتاني فقال: رغم
أنف امرئٍ دخل عليه رمضان فلم يُغفر له فدخل النار فأبعدَه الله، قل: آمين،
فقلتُ: آمين".
فالمُبادرة المُبادرة إلى الصالحات، والمُسابقة المسابقة إلى الخيرات.
بارك
الله لنا فيما سمعنا، ورزقنا العملَ الصالحَ الذي يُرضِي المولى -جل
وعلا-، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب،
فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد
لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي
إلى رضوانه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فيا
أيها المسلمون: إن من الأهداف الكبرى لمشروعية الأحكام في الإسلام: تحقيقَ
الأُخوَّة بين المسلمين والمودَّة بين المؤمنين، فلنستلهِم من هذا الشهر
كلَّ خُلُقٍ نبيلٍ وفعلٍ جميل، ولنحرِص على الرفقِ بالمسلمين والإحسان
إليهم، وإيصال النفع لهم، وفي هذا يقول -صلى الله عليه وسلم-: "من فطَّر
صائمًا فله مثلُ أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيءٌ". رواه أحمد
والترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح.
وإن من الأمور المهمة التي ينبغي
أن نتعاهَدها في هذا الشهر: تذكُّر ما يقع للمسلمين من مصائب عُظمى في
أماكن شتَّى، فلنجتهِد بالدعاء لهم خاصةً عند الإفطار وفي السجود وفي
القنوت؛ فقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ثلاثةٌ لا
تُردُّ دعوتُهم"، وذكر منهم: "الصائم حتى يُفطِر".
ثم إن الله -جل وعلا- أمرنا بأمرٍ عظيم، ألا وهو: الصلاة والسلام على النبي الكريم.
اللهم
صلِّ وسلِّم وبارِك على سيدنا وحبيبنا نبينا محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء
الراشدين والأئمة المهديين، وعلى الآل أجمعين، وجميع الصحابة إلى يوم
الدين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.