الحياء في الإسلام
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺼﻼةﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ..ﻭﺑﻌﺪ:
ﺍﻋﻠﻢ ﺭﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺣﻴﺎﺓ
ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻳﻜﻮﻥ ﺧُﻠُﻖُ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ، ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﺣﻴﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺃﺗﻢ..
¤¤ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ¤¤
ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺧﻠﻖ ﻳﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﻛﻞ
ﻣﻠﻴﺢ ﻭﺗﺮﻙ ﻛﻞ ﻗﺒﻴﺢ، ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ
ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﺩﺓ.. ﻭﻫﻮ ﺭﺃﺱ ﻣﻜﺎﺭﻡ
ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺯﻳﻨﺔ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺷﻌﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ؛
ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ" :ﺇﻥ ﻟﻜﻞ ﺩﻳﻦ ﺧُﻠﻘًﺎ،
ﻭﺧُﻠُﻖُ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ." ﻓﺎﻟﺤﻴﺎﺀ ﺩﻟﻴﻞ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺨُﺒْﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ،
ﻭﺍﻟﻤﺠﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻡ.
ﻗﺎﻝ ﻭﻫﺐ ﺑﻦ ﻣﻨﺒﻪ: ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻋﺮﻳﺎﻥ،
ﻭﻟﺒﺎﺳﻪ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺯﻳﻨﺘﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ.
ﻭﻗﻴﻞ ﺃﻳﻀًﺎ: ﻣﻦ ﻛﺴﺎﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺛﻮﺑﻪ ﻟﻢ ﻳﺮ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻴﺒﻪ.
ﺣﻴﺎﺅﻙ ﻓﺎﺣﻔﻈﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﺈﻧﻤﺎ.. ... ..ﻳﺪﻝُّ
ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺣﻴﺎﺅﻩ
ﺇﺫﺍ ﻗﻞَّ ﻣﺎﺀ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻗﻞَّ ﺣﻴـﺎﺅﻩ.. ... ..ﻭﻻ
ﺧﻴﺮ ﻓﻲ ﻭﺟﻪٍ ﺇﺫﺍ ﻗﻞَّ ﻣﺎﺅﻩ
ﻭﻧﻈﺮًﺍ ﻟﻤﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﺰﺍﻳﺎ ﻭﻓﻀﺎﺋﻞ؛
ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﻖ ﺑﻪ ﻭﺣﺚ ﻋﻠﻴﻪ،
ﺑﻞ ﺟﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ:
ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻗﺎﻝ" :ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻀﻊٌ ﻭﺳﺒﻌﻮﻥ ﺷﻌﺒﺔ،
ﻓﺄﻓﻀﻠﻬﺎ ﻗﻮﻝ: ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺃﺩﻧﺎﻫﺎ:
ﺇﻣﺎﻃﺔ ﺍﻷﺫﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺀ
ﺷﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ."
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻳﻀًﺎ" :ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ
ﻗﺮﻧﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﺭﻓﻊ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺭﻓﻊ
ﺍﻵﺧﺮ."
ﻭﺍﻟﺴﺮ ﻓﻲ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ: ﺃﻥ
ﻛﻼًّ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺩﺍﻉٍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻣﻘﺮﺏ ﻣﻨﻪ،
ﺻﺎﺭﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﻣﺒﻌﺪٌ ﻋﻨﻪ، ﻭﺻﺪﻕ
ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ:
ﻭﺭﺏَّ ﻗﺒﻴﺤﺔٍ ﻣﺎ ﺣﺎﻝ ﺑﻴﻨﻲ.. ... ..ﻭﺑﻴﻦ
ﺭﻛﻮﺑﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀُ
ﻭﺇﺫﺍ ﺭﺃﻳﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺟﺮﺃﺓً ﻭﺑﺬﺍﺀﺓً
ﻭﻓﺤﺸًﺎ، ﻓﺎﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺑﻪ
ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ" :ﺇﻥ ﻣﻤﺎ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ
ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ: ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﺢِ ﻓﺎﺻﻨﻊ ﻣﺎ
ﺷﺌﺖ."
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺨـﺶ ﻋـﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﻠﻴـﺎﻟﻲ.. ... ..ﻭﻟﻢ
ﺗﺴﺘﺢِ ﻓﺎﺻﻨﻊ ﻣﺎ ﺗﺸﺎﺀُ
ﻳﻌﻴﺶ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎ
ﺑﺨﻴﺮ.. ... ..ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻌﻮﺩ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺍﻟﻠﺤﺎﺀُ
ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ:
ﺇﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻭﻋﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻋﻦ ﺍﻷﻣﺮ
ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺑﺰﻋﻢ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ، ﻭﻫﺬﺍ ﻭﻻ ﺷﻚ ﻓﻬﻢٌ ﻣﻐﻠﻮﻁ
ﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ؛ ﻓﺨﻴﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﺤﻤﺪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺣﻴﺎﺀً، ﺑﻞ ﺃﺷﺪ ﺣﻴﺎﺀً ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻓﻲ
ﺧِﺪﺭﻫﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﺣﻴﺎﺅﻩ ﻋﻦ ﻗﻮﻝ
ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ
ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ، ﺑﻞ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﻟﻠﻪ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﻬﻜﺖ
ﻣﺤﺎﺭﻣﻪ.
ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻛﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﻡ
ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻳﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﺴﺄﻝ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻳﺎ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ! ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻴﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﺤﻖ، ﻓﻬﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻏﺴﻞٌ ﺇﺫﺍ
ﺍﺣﺘﻠﻤﺖ؟
ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻌﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ، ﻭﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀُ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ؛ ﻓﻘﺎﻝ" :ﻧﻌﻢ، ﺇﺫﺍ ﺭﺃﺕ ﺍﻟﻤﺎﺀ."
¤¤ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ¤¤
ﻗﺴﻢ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻮﺍﻉ، ﻭﻣﻨﻬﺎ:
-1 ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ.
-2 ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ.
-3 ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ.
-4 ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ.
ﺃﻭﻻً: ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻳﺮﺍﻩ، ﻭﺃﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﻴﻦ،
ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻩ ﻣﻘﺼﺮًﺍ
ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻀﺔ، ﺃﻭ ﻣﺮﺗﻜﺒًﺎ ﻟﻤﻌﺼﻴﺔ.. ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ( :ﺃَﻟَﻢْ ﻳَﻌْﻠَﻢْ ﺑِﺄَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺮَﻯ)
{ﺍﻟﻌﻠﻖ.14} ﻭﻗﺎﻝ ( ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎ
ﺍﻹِﻧْﺴَﺎﻥَ ﻭَﻧَﻌْﻠَﻢُ ﻣَﺎ ﺗُﻮَﺳْﻮِﺱُ ﺑِﻪِ ﻧَﻔْﺴُﻪُ
ﻭَﻧَﺤْﻦُ ﺃَﻗْﺮَﺏُ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﻣِﻦْ ﺣَﺒْﻞِ ﺍﻟْﻮَﺭِﻳﺪِ)
{ﻕ.16}
ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻃﻼﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻭﺃﻧﻪ ﺭﻗﻴﺐ
ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ" :ﺍﺳﺘﺤﻴﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ. ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ! ﺇﻧﺎ
ﻧﺴﺘﺤﻲ. ﻗﺎﻝ: ﻟﻴﺲ ﺫﺍﻛﻢ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ
ﺍﺳﺘﺤﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻓﻠﻴﺤﻔﻆ
ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻭﻣﺎ ﻭﻋﻰ، ﻭﺍﻟﺒﻄﻦ ﻭﻣﺎ ﺣﻮﻯ،
ﻭﻟﻴﺬﻛﺮ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺒﻠﻰ، ﻭﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻵﺧﺮﺓ
ﺗﺮﻙ ﺯﻳﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻤﻦ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
ﺍﺳﺘﺤﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ."
ﺧﻼ ﺭﺟﻞ ﺑﺎﻣﺮﺃﺓ ﻓﺄﺭﺍﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺎﺣﺸﺔ،
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ: ﻣﺎ ﻳﺮﺍﻧﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ. ﻗﺎﻟﺖ:
ﻓﺄﻳﻦ ﻣﻜﻮﻛﺒﻬﺎ؟(ﺗﻌﻨﻲ ﺃﻳﻦ ﺧﺎﻟﻘﻬﺎ)
ﻭﻟﻠﻪ ﺩﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ:
ﻭﺇﺫﺍ ﺧـﻠـﻮﺕ ﺑــﺮﻳﺒــﺔ ﻓـﻲ ﻇﻠﻤـــﺔ
ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ
ﻓﺎﺳﺘﺤﻴﻲ ﻣﻦ ﻧﻈﺮ ﺍﻹﻟﻪ ﻭﻗﻞ ﻟﻬﺎ ﺇﻥ
ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻳـﺮﺍﻧﻲ
ﺛﺎﻧﻴًﺎ: ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ:
ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ: ﺇﻥ ﻣﻌﻜﻢ ﻣَﻦ ﻻ
ﻳﻔﺎﺭﻗﻜﻢ، ﻓﺎﺳﺘﺤﻴﻮﺍ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﺃﻛﺮﻣﻮﻫﻢ.
ﻭﻗﺪ ﻧﺒﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ
ﺑﻘﻮﻟﻪ(ﻭَﺇِﻥَّ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﻟَﺤَﺎﻓِﻈِﻴﻦَ * ﻛِﺮَﺍﻣﺎً
ﻛَﺎﺗِﺒِﻴﻦَ * ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ ﻣَﺎ ﺗَﻔْﻌَﻠُﻮﻥَ)
{ﺍﻻﻧﻔﻄﺎﺭ.12 -10}
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ{ ﺃﻱ ﺍﺳﺘﺤﻴﻮﺍ
ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺤﺎﻓﻈﻴﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ،
ﻭﺃﻛﺮﻣﻮﻫﻢ، ﻭﺃﺟﻠُّﻮﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﺮﻭﺍ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﺎ
ﺗﺴﺘﺤﻴﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻛﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻣَﻦْ ﻫﻮ
ﻣﺜﻠﻜﻢ، ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺗﺘﺄﺫﻯ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺄﺫﻯ ﻣﻨﻪ
ﺑﻨﻮ ﺁﺩﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻳﺘﺄﺫﻯ ﻣﻤﻦ
ﻳﻔﺠﺮ ﻭﻳﻌﺼﻲ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ
ﻳﻌﻤﻞ ﻣﺜﻞ ﻋﻤﻠﻪ، ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺈﻳﺬﺍﺀ
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﻴﻦ؟ !}
ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺇﺫﺍ ﺧﻼ ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﻫﻼً
ﺑﻤﻼﺋﻜﺔ ﺭﺑﻲ.. ﻻ ﺃﻋﺪﻣﻜﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺧﻴﺮًﺍ،
ﺧﺬﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺑﺮﻛﺔ ﺍﻟﻠﻪ.. ﺛﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ.
ﺛﺎﻟﺜًﺎ: ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ:
ﻋﻦ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻴﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ
ﻗﺎﻝ: ﻻ ﺧﻴﺮ ﻓﻴﻤﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﺎﺱ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺠﺎﻫﺪ: ﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻟﻢ ﻳﺼﺐ
ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺣﻴﺎﺀﻩ ﻣﻨﻪ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻟﻜﻔﺎﻩ.
ﻭﻗﺪ ﻧﺼﺐ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺣﻜﻤًﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﺀ
ﻭﺟﻌﻠﻪ ﺿﺎﺑﻄًﺎ ﻭﻣﻴﺰﺍﻧًﺎ، ﻓﻘﺎﻝ" :ﻣﺎ
ﻛﺮﻫﺖ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻼ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺇﺫﺍ
ﺧﻠﻮﺕ."
ﺭﺍﺑﻌًﺎ: ﺍﻻﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ:
ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﺢِ ﻣﻦ
ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻨﻔﺴﻪ ﺃﺧﺲ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ،
ﻓﺤﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻫﻢ ﺑﻘﺒﻴﺢ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﻮﺭ
ﺃﺣﺪًﺍ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺮﺍﻩ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺑﺎﻟﻌﻔﺔ ﻭﺻﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﺨﻠﻮﺍﺕ ﻭﺣُﺴﻦ
ﺍﻟﺴﺮﻳﺮﺓ.
ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺒﺮﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺴﻴﻜﻮﻥ
ﺍﺳﺘﺤﻴﺎﺅﻩ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎﺋﻪ ﻣﻦ
ﻏﻴﺮﻩ.
ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻠﻒ: ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺮ
ﻋﻤﻼً ﻳﺴﺘﺤﻴﻲ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻧﻴﺔ ﻓﻠﻴﺲ
ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪﻩ ﻗﺪﺭ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﻜﺮﻡ، ﻭﻣﻮﻃﻦ ﺍﻟﺮﺿﺎ،
ﻭﻣﻤﻬِّﺪ ﺍﻟﺜﻨﺎﺀ، ﻭﻣﻮﻓِّﺮ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻭﻣﻌﻈﻢ
ﺍﻟﻘﺪﺭ:
ﺇﻧﻲ ﻷﺳﺘﺮ ﻣﺎ ﺫﻭ ﺍﻟﻌﻘــﻞ
ﺳﺎﺗــــﺮﻩ.. ... ..ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺔٍ ﻭﺃُﻣﻴﺖُ ﺍﻟﺴﺮ
ﻛﺘﻤﺎﻧًﺎ
ﻭﺣﺎﺟﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﺧﺮﻯ ﻗﺪ ﺳﻤﺤﺖُ
ﺑﻬﺎ.. ... ..ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻟﻠﺘﻲ ﺃﺧﻔﻴﺖُ ﻋﻨــــﻮﺍﻧًﺎ
ﺇﻧﻲ ﻛﺄﻧــــﻲ ﺃﺭﻯ ﻣَﻦ ﻻ ﺣﻴــــﺎﺀ
ﻟﻪ.. ... ..ﻭﻻ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻘـــﻮﻡ ﻋﺮﻳﺎﻧًﺎ
ﺭﺯﻗﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺨﺸﻴﺔ
ﻭﺧﺘﻢ ﻟﻨﺎ ﻭﻟﻜﻢ ﺑﺨﻴﺮ
منقـــــول